السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة مشكلتي أنني أرغب في السفر خارج البلاد لأي مكان، المهم أن أبعد لأنني لم أجد راحتي بين أهلي فقد تعبت من قسوة الناس، قد يكون هذا في نظر البعض هينا؛ لكن صدقوني أنا لم أتخذ هذا القرار إلا بعد سنوات من محاولات فاشلة من إيجاد الحلول الترقيعية دون راحة.
وأخيرا فقدت والدي في موت فظيع - قدر الله - لكن أنا أريد أحدا أتكلم معه ويسمعني ويشعرني بالأمان، ويمنحني الثقة في المستقبل، لكن أنا لا أعرف مكانا أذهب إليه فقط لبعض الوقت، أعلم أن علي العودة لبلدي لكن قبل أن أجد أناسا آخرين من أي بلد عربي، أنا أسألكم هل في سفري هذا خطر لأنني لا أعرف أحدا.
صدقوني لا أعرف أحدا كي يسافر معي، أقاربي لا أريد أن أتحدث عنهم أناس غلبت عليهم الأنانية وحب المظاهر، فهم لم يواسوني في محنتي حين فقدت والدي، ولم يعيروني أي اهتمام، حاولت في عدة زيارات قمت بها إليهم؟
أرجوكم أن تهتموا برسالتي فأنا ليس لي أحد، وأريد أناسا يحسون بي فما مر علي ليس بهين، أحتاج إلى أحد يأخذ بيدي لدرجة أنني كرهت وطني، أعلم أن هذا لا يجوز! لكن معذرة أنا لا أجد إلا القسوة، أتوسل إليكم بالذي خلقني وخلقكم أنا أشعر بأنني محبوسة أريد أن أسافر لبعض الوقت فهل أخطأت بهذا، فأنا ملتزمة جدا؟
أرجوكم ساعدوني قدر ما تستطيعون أحتاج المساعدة والدعم المعنوي الكبير، والله لا يضيع أجر المحسنين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن الأمان هبة المنان لأهل التوحيد والإيمان: ((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون))[الأنعام:82]، وفي القلب وحشة وفاقة لا يسدها إلا الإيمان والذكر للرحمن، والطمأنينة طريقها واحد قال تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))[الرعد:28]. والسعادة لا تنال إلا بالخضوع للقهار والإكثار من الاستغفار وترداد الصلاة على النبي المختار والأنس بالله في الليل وفي النهار.
ونحن ننصحك بعدم التفكير في الأسفار، فإنها متعبة بل هي قطعة من النار، وما ينبغي للفتاة أن تسافر إلا بصحبة محرم يصونها من الأشرار، ويعينها على طاعة ربها القهار، كما أن سعادة الفتاة في لزومها للدار، وفي محافظتها على الأذكار، وفي رضاها بالأقدار وبمراقبها من يعلم ما خفي في الليل والنهار.
ولا شك أن الوحدة شر، والشيطان مع الواحد، وهو من الجماعة أبعد، ولكن الوحدة أفضل من جليسة السوء، وصداقة الأشرار تعدي وتؤذي، فابحثي عن الصالحات، واشغلي نفسك بطاعة رب الأرض والسموات، فإن لم تجدي فاجعلي كتاب الله جليسا فإنه جليس لا يمل وصاحبا لا يغش.
وأرجو أن تنظري للحياة بأمل جديد وثقة في ربنا المجيد، واعلمي أن اليوم الذي لا نعصي الله فيه عيد، فكوني مع الله ولا تتألمي لقسوة العبيد، واعلمي أن البعد عنهم على النفس شديد، وفضول المخالطة بهم لا تفيد، ونسأل الله أن يرزقك بزوج صالح- يهيئ لك العش السعيد، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه إنه العزيز الحميد.
وأرجو أن تلتمسي العذر لأهلك وتسامحيهم وتقابلي إساءتهم بالإحسان، وقطيعتهم بالوصال، ولا تفكري في تركهم بحال، فإن فيهم العم والخال، والإحسان إليهم يرضي الكبير المتعال، ويوسع الرزق ويبارك الآجال.
ولا تسافري إلا مع المحارم، وحبذا لو قصدتم بيت الله حيث الأجر والمغانم، والأمن والطمأنينة والمكارم، وفي الختام نوصك بتقوى الله والإحسان، فإن الله سبحانه يقول: ((إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون))[النحل:128]، ومرحبا بك في موقعك بين الآباء والإخوان، وكيف تهمل رسالتك والمؤمنون لبعضهم كالبنيان، بل نحن كالجسد الواحد إذا اشتكى من الألم والحرمان وجد المشاركة من الأعضاء والأركان، ومرحبا بالأخوات والإخوان.
ونسأل الله لك الأمن والإيمان، ونستودعك ربنا الرحمن.