السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة تونسية متدينة تقدم لخطبتي شاب ملتزم سألني ما رأيي إذا تزوج بثانية؟ فأجبته بأنه إذا أراد ذلك فلن أمنعه وإنما لن أستطيع البقاء معه، وقال بأنني شرعا يجب علي الموافقة، فأجبته بأنه لن يعدل، فقال بأن ذلك بينه وبين خالقه.
فما رأيكم هل أوافق على الزواج منه أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Mouna حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن رغبة هذا الشاب في الزواج بثانية ليست عذرا لك في تركه أو التنقيص من مكانته؛ لأن الزواج بالثانية والثالثة والرابعة من شريعة الله، أما إذا خافت المرأة على نفسها من الفتنة في دينها، وعلمت من نفسها شدة الغيرة، فلها أن تمتنع صيانة لدينها وليس اعتراضا على حكم الله وشرعه، ونحن نقول هذا الكلام لأننا في زمن وجد فيه من يعترض على حكم الله جهارا نهارا، حتى أصبح حمى الشريعة مباحا لكل جاهل وجاهلة.
فالتعدد شريعة لله ماضية في أمتنا وفي الأمم السابقة، وقد شهد بفوائده وثماره المباركة العقلاء من كل ملة ونحلة، وقد قال ابن عباس: (خير رجال هذه الأمة أكثرها نساء).
وقد بلغ من سفه بعضهن أن قالت لزوجها لما أراد أن يتزوج بثانية: إنما أسمح لك أن تمارس الفواحش ما شئت وترتبط بالفاسقات بالزنا ولكن لا أقبل بالزوجة الثانية، فكان من انتقام الله بالفاسقين والفاسقات أن أصيب الزوج بطاعون العصر ثم نقل المرض إلى زوجته واعترفت بما ذكر أعلاه، وهي تودع الدنيا، ونسأل الله أن يغفر لها ولأموات المسلمين.
ونحن نريد من أهل الدين من الرجال والنساء أن يتأدبوا مع أحكام الشرع، حتى يتأسى بهم غيرهم، ونسأل الله لنا ولك السداد والثبات.
ولا شك أن النفس لا تميل إلى أسلوب هذا الشاب الذي أراد أن يفتتح حياته بمثل هذا الكلام، ولا أظن أنه قد سبقه في هذه الفكرة رجل من الأخيار، ونحن نتمنى أن يسعنا ما وسع سلف الأمة الأبرار.
وإذا كان هذا الشاب من أهل الدين والأمانة ووجد عندك القبول فلا تترددي في الموافقة عليه، ونحن ننصحه بأن يكف عن ترداد مثل هذا الكلام، وأن يعرف أن لكل مقام مقال ولكل حادثة حديث.
وأرجو أن نعرف أن نساء السلف كن يحسن التعامل مع هذا الأمر، ووجد فيهن من كانت تجهز الزوجة الثانية لزوجها، وكانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يباركن له صبيحة بنائه بكل زوجة جديدة، وهذا لا يتنافى ما يحصل من الغيرة التي جبلت عليها النساء، ولهن بعض العذر في ذلك، ولكن المؤمنة تحتكم لشريعة الله، فلا تظلم ولا تنتقم لأنها تعلم أن الضرة –وقد كانوا يسمونها بالجارة– أخت لها في الله، وقد قالت بعض الصالحات –بارك الله فيها-: خير للمرأة أن يأتيها زوجها من بيت أختها في الله ومن فراش حلال طاهر، بدلا من أن يعود إليها ملطخا بالأوزار والأمراض.
ولا شك أنك أعلم بنفسك وبخطيبك منا، والأمر راجع إليك أولا وأخيرا، فاستخيري واستشيري وفكري وتأملي، وتوكلي على الحي الذي لا يموت، وأشغلي نفسك بالذكر والطاعة والدعاء والإنابة وعمل الخير والتلاوة.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.