السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا تلميذة في السنة الأخيرة من المرحلة المتوسطة، أعيش في أسرة محافظة جدا، فأبي وأمي متدينان، وقد حرصا على تربيتنا تربية إسلامية، لكن المشكلة في أن أبي حرص على أن نبتعد نحن البنتان عن الأولاد بصفة تامة، فلا نتحدث أبدا حتى على أمور الدراسة، وكذلك أخي فهو لا يكلم البنات، ولأن التعليم في المغرب مختلط؛ فقد عرفت في فصلي بالمعقدة، وتحول الأمر إلى خوف من الأولاد.
أنا أرتجف كلما مررت أمام أي ولد حتى مع العائلة من أبناء أخوالي وعمومتي، فأنا لا أكلمهم خوفا! فهل هذا سلبي؟ وهل سيؤثر علي في المستقبل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ الواثقة بالله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا أيتها الابنة الفاضلة، وأنت مادمت واثقة بالله تعالى فأنت -إن شاء الله- في حفظه وكنفه ولن يضيعك أبدا، وأبشري مرة أخرى.
لا أرى –حقيقة- أنه لديك مشكلة أساسية، ولكني أشكرك كثيرا على طرح هذه القضية، والحمد لله الذي أنعم عليك بأن كانت تنشئتك في بيت متدين، ونسأل الله الأجر لوالديك على هذا.
نحن -كما تعلمين- نعيش في مجتمع اختلطت فيه الأمور كثيرا، وأصبح الفساد يحيط بالناس من كل جانب، فالمحظوظ والذي فعلا قد كرمه الله هو الذي ينشأ تنشأة إسلامية صحيحة، لا تلتفتي مطلقا لما يقوله الآخرون، أنت لست معقدة، أنت مسلمة ملتزمة، ودعي الآخرين يقولون ما يقولون، وصدقيني حين تتقدم بك الأيام سوف تكتشفين أن والدك ووالدتك قد قدما لك معروفا وعملا جميلا.
مما يؤسف له أن التعليم مختلط في بلادكم، وكنت أتمنى أن تجدي فرصة في مدرسة للبنات، ولكن حتى يقيض الله تعالى لك ذلك، عليك بالصبر وعليك بقوة الشخصية، وعليك بالتركيز على الدراسة والمذاكرة والإنجاز والتميز، ودعي البنات يقلن ما يقلن، حتى لو قلن أنها المعقدة، ولكن لابد أن يقلن أيضا إنها المميزة، هذا إن شاء الله يكفيك تماما.
لماذا ترتجفين حين تقابلين الأولاد، أبدا لا ترتجفي، ارفعي رأسك وكوني قوية وكوني شجاعة، فالذكر مكمل للأنثى، كما أني أرجوك أن تتحدثي إلى محارمك من الأولاد والرجال، تحدثي معهم وخالطيهم وتكلمي فيما ترينه مناسبا، هذا النوع من التعرض النفسي -إن شاء الله- فيه فائدة كثيرة لك.
أنا لا أعتقد أنك سلبية، أنت إيجابية جدا، وهذا الخوف أرجو ألا تسميه خوفا، إنما هو تردد، ولكن نوع من التردد الإيجابي، وكما ذكرت لك يمكنك التغلب عليه بتغيير فكرك نحو الذكور، وبمخالطة محارمك من الأولاد والرجال في حدود المعقول، وألا تطئطئي رأسك أبدا، فأنت مرفوعة الرأس.
أنت الحمد لله بخير وسوف تظلين بخير، وأرجو أن أؤكد لك أيتها الابنة الفاضلة أنني قد سعدت جدا برسالتك، وذلك لأن التشتت والفساد والضياع الذي ساد بعض أجزاء أمتنا لهو محزن، ولكن المفرح والمسعد حقا، هو أن يكون هنالك فتيات مسلمات من أمثالك.
أسأل الله لك الحفظ، وأنت إن شاء الله قوية وثابتة، ولا خوف عليك أبدا، ولا يوجد أي سبب لكي تخافي من الآخرين، فأنت أفضل ممن ينتقدونك.
وبالله التوفيق.