السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مشكلتي -يا أستاذ- أنني أعاني من العزلة وعدم الرغبة بحضور المناسبات الاجتماعية، وليس لي أصحاب ولا أصدقاء، والسبب بنظري أنني أعاني من ضعف السمع -والحمد لله على قضائه وقدره- حيث لا أجد من يستعد لمصادقتي أو يصاحبني، وكلما أجد شخصا طيبا ويتفهم حالتي سرعان ما أخسره، وهذا يحدث كثيرا ولم أعد أهتم بأحد من حولي من أقارب وغيرهم بسبب قلة الاحترام وتركيزهم على الماضي -الله يهديهم- أنا أخاف الله ولدي أهلي وإخواني وأخواتي وعملي، وفي الحقيقة هم السد المنيع بعد الله - عز وجل - أمام وصولي لحد الجنون.
وأنا لم أتزوج وأرغب كثيرا بالزواج لما فيه الخير الكثير، وحالتي المادية تسمح ومستعد لكنني فقط لم أجد ذات الدين والأخلاق والجمال، فماذا أفعل، هل أصاحب من يعرف عني الكثير (أغلبهم من الأقارب) وأعذب نفسيتي معهم أم أتركهم لحالهم وأبحث عن الصحبة الصالحة، هل الابتعاد عنهم يعتبر قطع رحم رغم كل ما ذكرته عنهم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
فإن العزلة الاجتماعية لها عدة أسباب، أول هذه الأسباب: القلق الرهابي الاجتماعي، أي الخوف الاجتماعي، بعض الناس تأتيهم نوبات من الفزع والاضطراب في المواقف الاجتماعية مما يجعلهم ينعزلون ويتجنبون التفاعل مع الآخرين.
البعض يكون سبب عزلته هو الاكتئاب النفسي، وبعض الناس يكون سبب عزلتهم هو أن البناء النفسي لشخصيتهم يقوم أصلا على الانطوائية والعزلة، وبعض الناس ربما يكون لديهم أعذار مثل الخوف من أن الآخرين لا ينظرون إليهم بتقدير أو يكون الواحد لديه على سبيل المثال علة عضوية تجعله يحس بالدونية ولذا يتجنب التفاعل مع الآخرين، وأعتقد أنت تعاني من هذه لدرجة كبيرة، حيث إنك ذكرت أنك ضعيف السمع وهذا يجعلك تبتعد عن مخالطة الآخرين.
حقيقة أنا أدعوك دعوة قوية وقوية جدا وأقول لك يجب أن تتفاعل مع الناس، ويجب أن تعيد تقييم نفسك وشخصيتك، وسوف تجد أن لديك الكثير من الأشياء الطيبة والصالحة والجيدة والإيجابية، ولكنك لم تقيمها التقييم الصحيح لأنك انشغلت بالسلبيات أكثر، وهذه مشكلة حقيقة تواجه الكثير من الناس.
التجنب الاجتماعي يزيد من الانعزال ويزيد من الرهبة الاجتماعية، وأنا أقول لك ابدأ بالتواصل، التواصل مع الأقارب ومع غير الأقارب -مع الجيران- وخير بداية حقيقة هي أن تبدأ بالالتزام بصلاة الجماعة في المسجد، وهنا يمكن أن تبدأ علاقات طيبة وممتازة جدا، وأنا أعرف أنك من الواضح -إن شاء الله- على خلق ودين، ولكني وددت فقط أن أذكرك بهذه النقطة.
الصحبة الصالحة لا بد أن تأخذ الأسبقية وتأخذ الأولوية؛ لأن الإنسان يتأثر بصاحبه وبخليله، والإنسان يجب أن يكون حذرا في من يصاحب، ونعرف أن الصاحب ساحب، ونعرف أن الصاحب الخير والصاحب الجيد والتقي النقي يساعدك على أمور الدنيا وعلى طاعة الله، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، فلا شك أن الأفضلية يجب أن تكون في صحبة الصالحين واتخاذهم كقدوة وسند، وهذا لا يعني بالطبع أن تقاطع أقرباءك أبدا، بل تعامل معهم في حدود وتعامل معهم حسب الضوابط وكن وافيا لحق الرحم، وأنا متأكد أن تعاملك الجيد والطيب والثابت معهم سوف يجعلهم أكثر اهتماما بك واحتراما لك، وربما تصبح أنت قدوة حسنة لهم، فهنا تكون قد أوفيت جميع الأمور حقها وتكون قد قمت بالواجب.
الزواج هو قسمة لا شك في ذلك، وعليك أن تبحث عن ذات الدين والخلق، وهن -إن شاء الله- كثر، ويجب على الإنسان ألا ينظر نظرة سالبة نحو المجتمع، نعم نحن نعرف أن هنالك الكثير من الإفراط وكثير من السلوك غير المرضي وسط النساء الآن، ولكن نقول أيضا الخيرات والصالحات كثر، والحمد لله تعالى، ويمكنك أن تختار زوجتك حسب ما هو متعارف في محيطك وفي مجتمعك وبيئتك، فالبعض قد يجعل أخواته وقريباته يبحثن له عن زوجة، والبعض قد يسأل الأخوة الملتزمين والصالحين وقد يرشدوه لفتاة ذات خلق ودين، وهكذا. وفوق ذلك عليك أن تستخير وأن تسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق.
أرى أيضا أنه من المفيد لك جدا أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة التي نراها تساعد كثيرا في علاج مثل حالتك، خاصة فيما يخص الانعزال الاجتماعي وعدم تفاعلك وتواصلك مع الآخرين.
الدواء بسيط جدا يعرف تجاريا باسم (زيروكسات SEROXAT) ويعرف علميا باسم (باروكستين PAROXETINE)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) ليلا وتستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة -أي عشرين مليجراما- وأعتقد أن هذه سوف تكون جرعة كافية، ولكن يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
الباروكستين من الأدوية الفعالة والسليمة والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة نسيبا، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.
فيما يخص علة السمع هذا أمر بسيط جدا وتوجد الحمد لله الآن وسائط طبية وسماعات وأمور كثيرة يمكن أن تساعد في هذا، فلا تحس أبدا بالدونية، وأعرف أن الكثير من أصحاب هذه العلل والاحتياجات الخاصة يتقلدون الآن المناصب ويعيشون حياتهم بصورة طبيعية جدا.
وبالله التوفيق.