السؤال
سؤالي عن القدر والأمور الصغيرة اليومية، فقد تعطلت مني السيارة صباحا، أي لم تشتغل أصلا عند المنزل، مع أنها كانت بورشة تصليح قبلها بيوم، وأنا أسكن بعيدا عن مقر عملي وأسكن في منطقة مقطوعة، وأقرب كهربائي سيارات على بعد خمسة كيلومترات، مما يعني التعب في ثلاث مواصلات، والتأخر عن عملي، ونفس المشكلة في العودة.
تكرر هذا الموقف يومين متتاليين، كنت أحاول أن أهدئ نفسي، وأقول: قدر الله وما شاء فعل، ولعله خير، ولكن سيطرت علي فكرة أن هذا ليس قدرا، فالقدر في الأمور الكبيرة فقط، كالمرض، والوفاة، والزواج.
أما هذه الأحداث فهي سوء حظ وليس قدرا، وبالتالي شعرت بالغضب، والتذمر.
أفيدوني أفادكم الله، هل يشمل القدر مثل هذه المواقف؟ وهذا ترتيب رب العزة، وهل وراء هذا خير لا أراه؟ ولا يجب أن أتذمر وأتضايق بل يجب أن أرضى وأقول: قدر الله وما شاء فعل، ولعله خير.. وضحوا لي فقد بدأ الشك يتسلل إلى قلبي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن كل شيء بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده وقدره سبحانه، بل إن هذه المقادير مكتوبة، والمرض قدر الله والدواء والدعاء قدر الله، والفقيه من يرد أقدار الله بأقدار الله، والمؤمن الحق يرى سعادته في مواطن الأقدار، كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان هذا الدين، وهو أوسع وأهم أبواب السعادة في هذه الدنيا، وقد أسلم بعض الغربيين لما وجد مسلما تنهال عليه المصائب وهو صابر محتسب، يردد قوله: قدر الله وما شاء الله فعل، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها.
الخير في الذي يختاره الله، وقد يغضب الإنسان لأنهم لم يوقظوه وفاتت الطائرة، ولكنه يسمع بعد قليل أنها احترقت بمن فيها، وقد لا يفهم الحكمة، ولكنه يوقن أن هذا حكم الحكيم سبحانه.
أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والمؤمن يبتلى على قدر إيمانه، والله سبحانه إذا أحب عبدا ابتلاه فمن رضي فله الرضا، وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط، وأمر الله نافذ، والمعترض لا يجد إلا الحسرة والندامة، ولا يستطيع أن يرد شيئا قدره القدير سبحانه.
نحن ننصحك عندما تحصل لك مثل هذه الأمور بما يلي:
1- الاستغفار والتوبة.
2- الصبر والاحتساب والرضا والقبول.
3- التوجه إلى الله.
4- تذكر النعم التي أنت فيها، وقل: الحمد لله أن المصيبة لم تكن أكبر ولم تكن في الدين.
5- تذكر الثواب الذي أعده الله.
6- تذكر حقارة الدنيا التي جاع فيها وعانى فيها رسل وأنبياء.
هذه وصيتي لك بتقوى الله وبكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.