السؤال
أخطأت حين ظننته ضالتي المفقودة، لكنه حطمني وحطم كل ذرة أمل تربطني بالدنيا، ماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الكريمة/ أمة الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم لنا ولك التوفيق والسداد.
فعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وأرجو أن تعلني رضاك بحكم الله وقضائه وقدره، واجعلي ثقتك في الله سبحانه وتعالى، فكل شيء في الكون بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، والإنسان لا يعرف الخير من الشر وقد يأتي كل منها في صورة الآخر، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم.
ويخطئ من يؤمل في غير الله ويجري وراء السراب، فلا تسارعي في الحكم ولا تعطي الأمور أكبر مما تستحق، واقتحمي الحياة من جديد، ولكن بجرعة معتدلة من العواطف، وأفسحي للعقل مجالا في قراراتك، واستعيني بالله، وعليك بالاستخارة في كل أمر قبل الإقدام عليه.
ابنتي العزيزة! لا زالت الدنيا بخير ولله الحمد، فلا تعطي الشيطان فرصة، وابتعدي عن التشاؤم ولا تقولي: لو كان كذا وكذا كان كذا، ولكن قولي: قدر الله وما شاء الله فعل، واحذري من كل كلمة تسخط الله.
وتذكري أن كثيرا من الناس علق آماله على مخلوقين ضعفاء فكان ضياعه وهلاكه على أيديهم، والفلاح أن نجعل آمالنا في الله، وثقتنا فيه سبحانه، وعليه فليتوكل المتوكلون.
وأرجو أن تزدادي تمسكا بهذا الدين، واحرصي على تقوى الله وطاعته، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره.
وختاما: أهدي لك وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
واعلمي أن النصر مع الصبر، وتعرفي إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، ولن يغلب عسر يسرين، فأبشري بالخير وواظبي على طاعة الله، وأملي ما يسرك، وليس في الدنيا ما ينفع أو يضر إلا بإذن الله، ولو كانت الدنيا بما فيها ومن فيها لرجل واحد لما كان بها غنيا لأنها لا تكفيه ولأنها لا تدوم، وكل الذي فوق التراب تراب.
ونسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يملأ قلوبنا بالإيمان واليقين والثبات على هذا الدين.
وبالله التوفيق.