السؤال
السلام عليكم.
أنا رجل ذو منصب جيد، وسمعة حسنة، وسيرة طيبة، أود أن أبر والدي، فهم أحياء ولكن في العمر المتأخر قليلا (الخمسينات)، تزوج والدي سرا، وأنا لا أعترض على الزواج الثاني، معاذ الله! فأدى ذلك إلى صدمة للوالدة ولنا، وساءت حالتها الصحية منذ فترة، وقد تحسنت الآن، وهو ما زالت العزة بالإثم تتملكه، ومعتقد بصوابه وبأقواله المتضاربة، وأنا في حيرة من أمري لقلة المعين، وكثرة الناسين أو المتناسين، ولا أجيد التودد واصطناعه أو استلطاف غير اللطيف، وظاهري يكشف باطني وأخشى العقوق.
للعلم: الوالدة بخير وهي تتصبر، فما العمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / أبو بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يرزقك بر والديك والإحسان إليهما، وأن يجعلك همزة وصل طيبة بينهما وعودة العلاقات المستقرة لأسرتكم المباركة.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فكما لا يخفى عليك من أن تعدد الزوجات أمر شرعي وليس بدعا من القول أو موضة من موضات القرن العشرين، وإنما أمر حث عليه الإسلام ما دامت قد توافرت دواعيه وشروط نجاحه، إلا أنه رغم ذلك ما زال يقابل بنوع من العداء الشديد، خاصة من قبل الزوجة الأولى أو ممن يسمون أنفسهم بأنصار المرأة الذين يحاربون التعدد، في حين أنهم يسمحون لها بإقامة علاقات غير مشروعة بدعوى حرية الرأي والجنس وإقامة العلاقات الحرة كما يزعمون.
فالقضية في أصلها شرعية، إلا أنها تحظى بقدر كبير من العداء كما لا يخفى عليك، وأنت الآن بين المطرقة والسندان، بين أب تزوج بأخرى ولكن لا يحسن التعامل مع واقعه، ولا يحرص على رأب الصدع ومراعاة مشاعر الوالدة، وهذا مع الأسف الشديد مما يسبب فعلا الحرب على التعدد، ولكن قل لي بربك: ماذا نصنع نحن الأبناء مع الآباء إذا كان هذا فهمهم وتلك تصرفاتهم؟ إنها مأساة فعلا أن ترى نفسك في موطن كهذا، لذا أوصيك أخي أبا بدر بالإسرار إلى الوالد بضرورة مراعاة مشاعر الوالدة، وأن العدل هو أساس التعدد، وأنه سيسأل عن ذلك يوم القيامة، ويخشى عليه أن يأتي يوم القيامة وشقه مائل كما ورد في السنة، فاجتهد على قدر استطاعتك، وكن صديقا لوالدك، فهو أحوج ما يكون إليك الآن، ولا تتخل عنه مهما كانت الأسباب.
أما الوالدة فأعتقد أن قلبها الكبير قادر على استيعاب المشكلة كلها؛ إذا وجدت من يقويها، ويرفع من معنوياتها، ويشد من أزرها، وبين لها حكم الشرع في ذلك، واطلب منها بعض المرونة، وأنا واثق من قدرتك على ذلك.
فتوكل على الله داعيا الله لك بالتوفيق في تلك المساعي الحميدة، وبالله التوفيق.