ما هي حقيقة الحب الطاهر والحب المحرم؟ أرجو التوضيح

1 790

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة مسلمة عربية في بلد غريب، تعرضت لظروف قاسية أبعدتني عن وطني وأهلي وأصدقائي، وجدت نفسي في مجتمع مختلف تماما، لم أكن أدرك أشياء كثيرة كانت لديهم، حديث يومي عن (الجنس)، وقد صدمت بما عرفت، وكنت أظن أن الإنسان أطهر من هذا.

الآن أنا لا أستطيع تقبل هذه الفكرة، وأحلم دائما بالحب العذري العفيف، لكن أهلي وبالذات أمي تركز على أن الحب من دون زواج، أو إذا لم ينته بزواج فهو حرام.

أنا محتارة لا أدري: كيف هو حرام إن لم يتجاوز التفكير، وهل هناك سلطان على الحب؟ وما هو المدى المسموح للتعبير عن الحب؟ وهل التفكير بالحبيب لا يجوز؟

أرجو الإجابة على أسئلتي، فأنا حائرة.

شكرا لجهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يحفظك من الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجعلك من الصالحات.

أما بخصوص رسالتك؛ فكما لا يخفى عليك أن الحب أصل من أصول الإسلام، وأنه صفة من صفات المولى جلا جلاله، إذ إنه يحب أولياءه ويحبه أولياؤه، كما قال سبحانه: (يحبهم ويحبونه)، وهو من أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة، إلى غير ذلك من المواقف والنصوص الدالة على أهمية الحب والمحبة، ولكن الحب المقصود هنا هو الحب الذي يصل بالإنسان إلى أعلى درجات الجنان، الحب الذي يورث الطاعة والإخلاص والتفاني في خدمة المبادئ السامية والقيم العليا التي وضعها الإسلام، فإذا أحب الإنسان إنسانا آخر لا يحبه إلا لدينه، وحبه لله ورسوله وقيمه وأخلاقه، ويؤدي هذا الحب إلى التعاون على البر والتقوى وطاعة الله تعالى.

أما الحب الشيطاني فهو حب الشهوة التي لا تخضع لضوابط الشرع، كأن تحب الفتاة شابا لجماله أو قوة جسده أو وسامته أو جنسه أو لونه، وقد يكون كافرا أو فاسقا والعكس، فهذا هو الحب الذي لا خير فيه وضرره عظيم في الدنيا والآخرة.

أما الميل القلبي والتعلق الذي لا دخل للإنسان فيه ولا إرادة فهذا لا يؤاخذ عليه الإنسان، والحب الذي يؤدي إلى الوقوع في الحرام بين الفتى والفتاة قطعا هو حب محرم لأنه أدى إلى الحرام، وحب المرأة لزوجها والرجل لامرأته حب مأجور صاحبه من الله، أما حب شخص أجنبي لفتاة ليست بزوجة، وحب الفتاة لشاب ليس لها بزوج ولا أب ولا أخ وتحلم به في ليلها وتتمناه في نهارها فهذا أيضا من الحب الفاسد.

أما الحب العذري الضعيف الذي يكون في القلب، ولا يؤدي إلى أي تصرف محرم، وجاء رغما عن الإنسان فهذا ليس حراما، ولكن قد تترتب عليه أمور ليست مشروعة، مثل التفكير، وأحيانا الاتصالات الهاتفية والمحادثات الطويلة واللقاءات حتى وإن كانت بريئة، فكل هذا يضيع عمر الإنسان فيما لا نفع فيه، خاصة إذا كان بين شاب وفتاة بدون ضوابط شرعية، حتى وإن لم يترتب عليه أي قبلة أو لقاء أو محادثة، وقطعا هذا غير متوقع، فالحب بين الشباب والفتيات غالبا ما يؤدي إلى الوقوع في المحرمات.

على سبيل المثال: لو قام الشاب بتقبيل فتاته التي يحبها، ما حكم القبلة، حلال أم حرام؟ لو خرج معها وحدهما للتنزه في حديقة أو سوق حلال أم حرام، لو اختلى بها في مكان وحدهما حلال أم حرام، لو كلمها كلاما كله غزل ومدح وثناء وغرام حلال أم حرام؟

لقد ثبت في دراسة غربية أن غالب الزيجات التي تبنى على الحب والتعلق قبل الزواج تكون عرضة للفشل أكثر من غيرها.

إذا كنت ستحبين أشخاصا في الله ولله ولأنهم صالحون أتقياء (بالضوابط الشرعية) فأبشري بخير، فهو الحب الذي يكون سببا في دخولك الجنة، وأصحابه في ظل عرش الرحمن على منابر من نور يوم القيامة.

أما إذا كان هذا الحب هو الذي يتعارف عليه الشباب والفتيات حتى ولو لم يؤد إلى الوقوع في الحرام المحسوس؛ فأقل ما فيه أنه حب لا خير فيه، ويكون حسرة وندامة على صاحبه يوم القيامة.

مع تمنياتنا لك بحب صادق مشروع يؤدي بك إلى رضوان الله والجنة، وتحت مظلة الشريعة الغراء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات