السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة ملتزمة والحمد لله، حجيت بيت الله مرتين، وعدد من العمرات، ولكني أحيانا وللأسف يستطيع الشيطان إلهائي عن الصلاة كتأخيرها أو السرحان فيها والتفكير في أشياء بعيدة جدا، أو عدم القيام لصلاة القيام والفجر.
أريد أن ألتزم أكثر وأتقرب من الله أكثر ولا أتقهقر، علما بأن داخلي إيمان والحمد لله، وذلك الأمر يسبب لي الاكتئاب، وعدم الرضا عن عبادتي لله، وأحس دائما بأني لست قريبة من الله.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amalhafez حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرزقنا الثبات والسداد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
فإن الإحساس بالتقصير هو الدافع الأساسي لإصلاح المسير، وزادك الله حرصا على الخير، وثبتنا وإياك على دينه، وشكرا لهذه المشاعر الطيبة، وتذكري أننا في صراع مع هذا العدو الذين يصر على القعود على الصراط المستقيم ليعوق السالكين، ولكن كيد الشيطان ضعيف وليس له سلطان على أهل الإيمان والتوكل على الله.
فأكثري من الاستغفار وذكر الرحمن، وسوف ينصرف هذا العدو، وجالسي الصالحات لتجدي من يعينك على الطاعة، وبادري لأداء الصلوات لأول وقتها.
أما السهو في الصلاة فعلينا أن نجتهد في استحضار الخشوع الذي هو روح الصلاة، ومما يعين على ذلك شعور المصلي أنه يقف بين يدي الله، وتدبر القرآن والانشغال بالأذكار، والتخلص من الشواغل مثل الجوع والعطش، (فلا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان)، واختاري لصلاتك مكان خال من التصاوير والمناظر، ومن الضروري أن يكون الجو معتدلا، والملابس التي تصلى فيها واسعة، وقدمي بين يدي صلاة الفرائض نوافل وأذكار وتلاوة للقرآن لتنتقلي من طاعة إلى مثلها، وجاهدي في طرد السرحان والسهو، ولكن إذا حدث ذلك فمن لطف هذه الشريعة أن الله شرع لنا سجود السهو جبرا للخلل والنقصان، وإرغاما وكيدا للشيطان، الذي يحزنه أن يسجد المؤمنون لله، فيعتزل ويبكي ويردد أمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار، وأمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة.
وإذا جاءك الشيطان بأفكار ووساوس فتعوذي بالله من الشيطان، ورددي في يقين وإيمان (آمنت بالله) واحمدي الله الذي رد كيده إلى الوسوسة، واعلمي أن مدافعة تلك الأفكار ومجاهدة تلك الوساوس هو صريح الإيمان.
أما بالنسبة للقيام فاستعيني عليه بعد الله، بقيلولة يرتاح بها البدن، وقللي من الطعام، وعليك بالنوم المبكر والحرص على الطاعات، واحرصي على النوم على طهارة ونية، واتخذي وسائل للتنبيه (المنبه)، فإن لم تستطيعي أحيانا ونمت عن حزبك من صلاة الليل فالسنة أن تؤديه بين صلاتي الظهر والفجر، واعلمي أن الحرص على الفرائض ينبغي أن يكون أكبر من النوافل، وقد يشغل الشيطان الإنسان بالنوافل ليضيع عليه الفرائض، أو بالعمل المفضول على حساب العمل الفاضل، وهذه من حيل هذا العدو الخبيث.
واعلمي أن المؤمن يطرد الاكتئاب والأحزان بذكر الرحمن، وسوف تنالي القرب من الله بمقدار طاعتك له سبحانه (وما يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه...).
وأبشري فلن يستطيع أحد أن يحول بينك وبين التقرب إلى الله الرحيم الذي إذا تقرب العبد إليه ذراعا تقرب إليه باعا، وإذا أقبل على الله يمشي أتاه هرولة، فسبحان من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، بل يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، ويضحك من عبده، ولن يعدم الصالحون من رب يضحك خيرا.
أسأل الله لك التوفيق والثبات حتى الممات، وبالله التوفيق.