أعاني من قلق وعدم إدراك وتركيز

1 2068

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي هي مشكلة نفسية، فأنا شاب عمري 27 عاما، كنت طفلا متفوقا في دراستي، حباني الله بمميزات عديدة من التفوق وحسن الفهم وسرعة البديهة، والإدراك؛ حتى إني كنت أتفوق على أقراني بدون مجهود كبير في الدراسة، وكنت أعجب حين يسألني أقراني عن سر تفوقي، وكنت لا أدري بما أجيب، فقد كنت مثلا أحفظ ربع القرآن الكريم: حوالي صفحتين من المصحف في خمس دقائق، وأسمعها للشيخ، ثم أتولي التسميع لباقي الزملاء مع الأستاذ، وكنت أتمتع بحسن التلاوة؛ مما حباني مكانة وثناء مستمرا من أساتذتي وأقاربي.

ولكني على الجانب الآخر كنت انطوائيا، وقليل الثقة بالنفس، وربما يرجع هذا إلي تربية الأهل، حيث لم يعودونا تلك الأمور المهمة، المهم أن هذه المشاعر قد زادت بالتدريج، وكانت تنتظر دفعة قوية لتظهر على السطح بصورة المرض النفسي، وكان ذالك في عمر 15 عاما، حين تعرضت لاستهزاء من أحد الزملاء، وتشاجرت معه وقتا طويلا بين شد وجذب، وفي اليوم التالي أحسست بشعور رهيب بالخوف، وعدم الاطمئنان، وأحسست بطعم ذلك الخوف في بطني وصدري، حتى أصبحت أرهب الحياة والمجتمع، وأصبحت أنتظر الليل والنوم؛ لكي أدفن فيه آلامي وهمومي، حتى إذا كان الصباح، فكأني تلقيت كارثة، وكأني أنتظر يوما ثقيلا مليئا بالمصاعب والمشاق.

واستمر الحال هكذا فترات، وأنا أكتم ذلك في نفسي، وأحاول أن أتأقلم على هذا الوضع المؤلم، وقل تفوقي الدراسي واستيعابي، وحصلت على الثانوية، والتحقت بعون الله بإحدى كليات القمة، وقد ذهبت في بداية الكلية إلى أحد الأطباء النفسيين المشهورين، ولكن لم أخرج بنتيجة؛ حيث أخذ يحدثني عن الأحلام، وانقطعت بعد سبع جلسات؛ لأني لم أجد تغيرا، ربما لاستعصاء حالتي!

عذرا لإطالتي عليكم، والآن هذه هي الأعراض التي أشكو منها، وهي كثيرة:

- أعاني من قلق نفسي رهيب، وتشتت التفكير؛ فلا أستطيع إن ذاكرت شيئا أن أستوعبه بتفاصيله بسرعة كما كنت من قبل، ولكن لا أتذكر إلا بعض الجوانب منه!

- كنت قبل بعض الامتحانات العلمية بالذات إذا تعرضت لبعض التأخير، أو حاولت استذكار شيء ما قبل الامتحان مباشرة، أصاب بتشويش رهيب، وتشتت للمعلومات، وعدم القدرة على استرجاعها، وكأن بيني وبينها جبالا ومشاقا؛ مما أدى بي إلى أن أصبح طالبا عاديا، أنجح بتقدير متوسط، على عكس ما أمتلك - حقيقة - من إدراك.

- أصبت ببعض التبلد، وعدم القدرة على استيعاب المواقف بسرعة، فإذا دخلت على مجموعة أعرف منهم واحدا، سلمت عليه فقط، وأفاجأ بالآخرين يسلمون علي، وكأني أراهم للمرة الأولى؛ مما يسبب لي حرجا شديدا، وكأني أتحاشي السلام عليهم.

- إذا ما حفظت موضوعا، وأردت التحدث فيه أمام مجموعة من الناس، فإن الأفكار تهرب مني، وتنسيق المواضيع والارتباط بينها يتلاشي في ذهني، ولا أعرف كيف أتحدث، حتى ليس بين الناس فقط، فإذا حاولت أن أحدث نفسي بموضوع، يتسبب القلق في تلاشي المعلومات والأفكار والقدرة على التنسيق والإفهام والشرح لوجهة النظر فضلا عن التأثير في المستمع وتوصيل وجهة النظر إليه، حتى إني وأنا أكتب هذا الكلام تخرج مني الأفكار بصعوبة وتحت جهد جهيد، وانتظار لبعض الوقت، حتى أعثر على فكرة هاربة في رأسي، فأسارع بالتقاطها وكتابتها، حتى لا تذهب إلى غير رجعة!

- أما عن اتخاذ القرارات، فحدث ولا حرج، فقبل أن تعرض علي الأمر أتردد أولا، ثم إذا عرضت علي الأمر، ما أزيدك إلا اضطرابا من غموض موقفي وعدم قدرتي علي اتخاذ القرار، والمصارحة به، حتى في الأمور التي تخصني للأسف الشديد!

- أشعر كأني نصف نائم، أو نصف مستيقظ، فأنا أشبه حالتي من عدم بديهية الإدراك وتأخره، كشخص نائم نوما عميقا، وأنت تحاول أن توقظه بالقوة، وما إن ينتبه للوهلة الأولى وهو بين النوم واليقظة، يشعر أنه في حلم، أو أن إدراكه للواقع الحي لم يكتمل بعد، فأنا أشعر أن إدراكي للواقع حولي غير مكتمل، وكأن على عيني نظارة سميكة معتمة تمنعني من الاستكشاف والتفاعل مع ما يدور حولي!

- أما من أكثر الأعراض التي تؤلمني فهو أنني أشعر بأني شبه نائم باستمرار، فدائما أشعر بحاجتي إلى النوم، وخصوصا إذا كنت جالسا في محاضرة، فقد تغفل عيني ويسقط رأسي رغما عني، ويظهر أثر النوم في عيني، مع أن هذا الموضوع ليس له علاقة من قريب أو بعيد بقلة نوم أو غيره، فأنا مهما نمت وارتحت كما يشتهي الإنسان، يلازمني هذا الشعور أيضا، حتى إذا حاولت النوم على الفراش مثلا لا يأتني النوم حقيقة، إلا في المساء فقط كالمعتاد، كما أن نومي قليل، لا أستطيع أن أنام أكثر من 3 أو 4 ساعات، وما زاد على ذلك فهو غير مفيد، بل يضرني، وهو نوم قلق أيضا، والأكثر ألما وغرابة أنني أحيانا قد أنام رغما عني، بمعني أن أغفو للحظة بدون أن أشعر، حتى لو حاولت كبح هذا الأمر بشدة، فهو بدون إرادة مني، وخصوصا في الليل عندما يأتي وقت النوم المعتاد، ولكن هذا شيء غير طبيعي، ولا يحدث لباقي الأشخاص الطبيعيين، حتى ولو كانوا مجهدين! حتى وصل بي الأمر ذات يوم أن غفوت وأنا أقود السيارة للحظة، واصطدمت بأحد الأعمدة صدمة خفيفة، ودخلت الإنعاش 3 أشهر، وخرجت سالما والحمد لله، حتى إني قد أغفو وأنا أحدث بعض الأشخاص.

- وأنا أجمع أسعار بعض الأشياء، لا أستطيع من شدة التوهان عدها، وأعيد، أو لا أستطيع عد النقود عدة مرات، وفي كل مرة في المنتصف يذهب تركيزي، وكأنه أبى إلا أن يهرب، ولا أستطيع أن أكبح هروبه!

- حدا بي هذا الأمر إلى أن تعرضت إلى كثير من الانتقادات بالطبع، وكنت كلما ظهر علي تأثير النوم، ينصحونني بالنوم، وكان الموضوع قلة نوم، ولكن الحقيقة غير ذلك، وهو ذلك الوحش الذي بداخلي، والذي دمر في كل شيء ومعنى جميل، حتى أشعر أنني رجل عجوز فقد حماسه!

أشعر في أحيان كثيرة بالتوهان وعدم القدرة على التمييز أو فصل الأمور عن بعضها في مخيلتي؛ مما كان يجعلني في المذاكرة أبذل مجهودا مضاعفا عسى أن تستقر الأمور في مخيلتي، ولو كنت طبيعيا، لما احتجت لبذل كل هذا المجهود الكبير، وفي النهاية عند الامتحان تذهب تلك المعلومات في أغوار بعيدة، وبالقوة أسترجع بعضها، بينما يتلاشي البعض الآخر، وبالتالي فقد كنت طالبا عاديا، وليس متميزا.

- يصفني كثير ممن يعرفني بأنني ساكت أو صامت، وهذا إلى حد ما صحيح، وكيف لا وقد فقدت القدرة على التعبير وإدارة الكلام! مع أني أعتقد أنني أمتلك مواهب كبيرة وقدرات كثيرة، ولكنها تختفي تحت هذا الوحش العملاق (المرض النفسي).

- أعرف أنني مصاب بالقلق والاكتئاب والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري، حيث إني لا أستطيع أن أصلي أمام عمود أو كرسي في المسجد، وأتحاشى هذا الأمر، حيث تسيطر علي فكرة رهيبة لا أستطيع دفعها وهي أني أسجد للكرسي أو العمود، وقد عانيت أياما صعبة حين أن ظننت أني قد كفرت بالله، وكنت أظن أن الشرك لا يغفره الله، ولكني عرفت أن هذا الأمر في الآخرة وليس في الدنيا، فارتاحت نفسيتي قليلا.

- أحيانا كثيرة أشعر أن بيني وبين الجنون مسافة بسيطة من شدة القلق والتوتر والتحفز!

- أما عن الاكتئاب، فأعراض الاكتئاب التي نقرأ عنها جميعا تنطبق علي بلا فخر، فلا داعي لكتابتها اختصارا للرسالة الطويلة، ولكني أحببت أن أكتب شيئا مما عانيت، حتى يقرأه الآخرون ويعرفوا أنهم في نعمة؛ ليشكروا الله عليها.

- إنني أدرك الآن تماما أن المرض النفسي يعتبر إعاقة مثل الإعاقة الجسدية، بل إنني لا أعتبر نفسي مبالغا إذا قلت إن الإعاقة النفسية أعظم وأخطر، حيث إن ضررها يتمثل في توجهات الإنسان وطموحاته وأحلامه ومشاركاته الاجتماعية وإيجابيته في المجتمع كإنسان مسلم سوي قادر على تغيير نفسه وتغيير الآخرين إلى الأفضل، وهذه الأشياء هي أهم ما يميز الإنسان العاقل عن الحيوان، وإلا فالإعاقة الجسدية لم تكن سببا في منع ظهور الكثير من المبدعين في مختلف المجالات، أما الإعاقة النفسية فلا شك أنها تهوي بصاحبها إلى حيث تتلاشي الطموحات والآمال والفكرة، إلا ما قد يصاحب صاحبها من إيمان بالله، يكون سلاحه في مواجهة هذا المرض.

- إنني الآن أدرك كم هي المعاناة التي يعانيها هؤلاء المرضى، لكوني أشعر بكثير مما يعانونه على التفصيل والإجمال، والحقيقة أني لم أصارح أحدا من أهلي بهذا الأمر؛ لعدم الإحراج، ولأني أعلم أنهم لن يستطيعوا أن يقدموا لي ما يفيدني، مع أنهم يتمنون لي الخير طبعا، ولكي لا أظهر أمامهم بصورة أكثر عجزا عما أظهر أمامهم الآن.

-أشعر في أحيان كثيرة بأن العلاج إلى حد كبير بعد الإيمان بالله تعالى أولا، في الحماسة والتشجيع، ولأني بسبب تلك الظروف ندر أصدقائي، وانزويت فلم أعد أقيم علاقات اجتماعية مفيدة لي.

- قرأت عن موضوع العلاج بالإيحاء والاسترخاء، ولكن التركيز في الاسترخاء يحتاج إلى تشجيع وتدريب ومثابرة وتحفيز، وهو ما أفتقده الآن، وإن كنت أرى أن هذا التشجيع عن طريق أحد الأفراد الذين لهم نفس الظروف مثلا قد يكون مفيدا جدا في هذا الأمر.

- وقد يكون من العلاج أيضا التقدم في ميادين الحياة واتخاذ قرارات حاسمة، حيث أني مثلا أتردد في اتخاذ القرارات، حتى أن موضوع اختيار الزوجة بالنسبة لي شديد الخوف والتعقيد من ناحيتي!

في الحقيقة لقد أطلت كثيرا جدا، ولكن أعتبر أن هذا مقال وسؤال، عسى الله أن ينفع به المسلمين لما فيه الخير.

وسؤالي الآن هو عن طبيعة الأعراض التي كتبت: ما درجتها في الطب النفسي؟ وخصوصا حالة النوم الدائم والتشتت الذهني الرهيب وعدم التركيز والنسيان وعدم الشعور بالواقع بصورة كاملة فضلا عن عدم التفاعل معه بالصورة اللائقة؛ مما حدا بي أن أتأخر في ركب الحياة، بينما زملائي يتقدمون وينجزون، وأن لا أستطيع أن أتخذ قرارات برؤية شاملة وثاقبة، وإن اتخذت قرارا أتخذه في اللحظة الأخيرة على أي وجه يكون!

- أخذت من قبل عقار فلو كستين تركيز 20 ملجم، ولم أشعر بتحسن، وعقار بوسبار للقلق، ولم أشعر بتحسن لمدة أسبوعين لكل نوع، وعقار زاناكس للقلق، ولم يهدئ قلقي، علما بأنني كنت آخذ هذه الأدوية بصفة غير منتظمة.

أرجو أن تشرحوا لي وصف الحالة، وهل هي حالة متقدمة بعض الشيء؟ وما هو العلاج المناسب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيرا على رسالتك الجميلة والمفيدة لنا وللآخرين.

أولا: نود –أخي- أن نوضح لك أننا نستطيع أن نستخلص أشياء كثيرة من هذه الرسالة، وهي أنك صاحب مقدرات فائقة، ولكن استصغارك لذاتك، وتقليل التقدير للذات هي العلة المحورية التي أدت إلى كل الصعوبات النفسية التي ذكرتها .

ثانيا: ربما تكون قد واجهت بعض الصعوبات في فترة التكوين والتشكيل النفسي والوجداني، ولكن هذه ليست ذات أهمية حسب مفهوم الطب النفسي الحديث، فالإنسان لا بد أن يعيش الحاضر بقوة، والمستقبل بأمل .

ثالثا: لا شك أنك تعاني من درجة من الوساوس والقلق والاكتئاب والرهاب، ولكن أرجو أن لا تنزعج لكل هذه المسميات، حيث إنها تندرج تحت مسبب بايلوجي واحد يتعلق بكيمياء الدماغ، حيث اتضح أن هنالك مادة تعرف باسم سيروتينين، وهي المسبب الأساسي للاكتئاب والوساوس، علما بأن لهذه المادة الكيميائية سبعة مشتقات، ولكن أيضا لا نستطيع أن نقلل من الدور الذي تلعبه التنشئة والشخصية في مثل هذه الأعراض .

أخي: أقول لك بكل صدق: إنني أشعر تماما أنك تعرف الداء والدواء، ولديك القدرة بأن تستثمر حياتك بصورة أكثر إيجابية، وعليك أن تسعى لذلك، وأول خطوة تخطوها هي الاستفادة من ملكاتك ومقدراتك من أجل تطوير المهارات الاجتماعية لديك، ولا شك أن علاج الاكتئاب والالتزام بالعلاج سوف يساعد بصورة جلية وواضحة لاستثمار طاقاتك النفسية بصورة أفضل.

أرجو أن لا تلجأ لمحاورة الذات والمساومة مع النفس من أجل إقناعها بأنك شخص غير فعال، إنما المطلوب منك هو محاورة ذاتك حتى تصل لدرجة القناعة المطلقة أنك يمكن أن تفعل الكثير، ولديك القدرة لأن تنطلق وتستثمر حياتك بصورة أفضل .

الجانب الآخر هو: لا بد أن تلتزم التزاما مطلقا بتناول الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق والوساوس، ولا بد لهذه الأدوية أن تؤخذ بجرعة صحيحة، ولوقت صحيح، حيث أنها تعتمد على البناء الكيميائي، وقد أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن عدم الالتزام بالأدوية أو أخذها بجرعة قليلة يؤدي إلى تدهور في الحالة النفسية، وذلك عن طريق عمليات كيميائية معقدة تعرف باسم KINDLING ، (بكل أسف لا توجد ترجمة عربية دقيقة).

دواء الفلوكستين والذي يعرف تجاريا باسم بروزاك من الأدوية الفعالة جدا لعلاج مثل حالتك، ولكن كما ذكرت لم تعط نفسك الفرصة الكاملة لتناوله، وعليه أرجو أن تأخذ البروزاك بجرعة 20 مليجرام صباحا لمدة أسبوعين، ثم ترفع هذه الجرعة لـ 40 مليجرام يوميا، ولا بد أن تتناول هذا الدواء بعد الأكل، وبجانب البروزاك أود أن أصف لك علاجا آخر يعرف باسم فافرين faverin، وتبدأ بجرعة 50 مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم ترفع هذه الجرعة إلى 100 مليجرام ليلا، وتستمر على هذين الدوائين لمدة ستة أشهر بدون انقطاع أو تراخي، وبعدها يمكن أن تخفض البروزاك لكبسولة واحدة، وتستمر لمدة شهرين، ثم توقف البروزاك وتظل مستمر على الفافرين بمعدل 100 مليجرام ليلا لمدة شهرين آخرين، ثم تخفض الجرعة لـ 50 مليجرام لمدة أسبوعين ، ثم يمكنك التوقف عن العلاج .

بجانب ما ذكرته لك سابقا عن العلاج السلوكي والعلاج الدوائي، هنالك أشياء أيضا مفيدة مثل ممارسة الرياضة ، خاصة الجماعية منها، فالرياضة لا تقوي الأجسام فقط، إنما تقوي النفوس أيضا، كما أن انضمامك إلى الجمعيات والجماعات الخيرية سوف يحسن كثيرا من مهاراتك الاجتماعية وتواصلك مع الآخرين، والشعور بقيمة الذات .

وفقك الله، ونشكرك مرة أخرى على رسالتك الجميلة، والتي نرى أن فيها فائدة كبيرة لمتصفحي الشبكة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات