السؤال
أنا متزوجة منذ 15 يوما. عمري 17 عاما، أنهيت دراسة البكالوريا ( الثالث الثانوي) في سوريا، وانتقلت مع زوجي إلى دبي حيث موطنه الأصلي، وكان الطموح المشترك بناء أسرة صالحة ترضي الله عز وجل.
مشاكلي هي كالتالي:
المشكلة الأولى دراستي التي سأتمها في سوريا، والتي تحتاج إلى دوام، وأنا لا أستطيع الدوام كوني في بلد آخر، وإذا أردت الدراسة هنا فهي مكلفة جدا، وليست بقدرة زوجي.
كنت أريد الدخول في دورات للكمبيوتر واللغة الإنكليزية، ووقع مانع من الدخول .
غيابي عن أهلي وعدم البوح بما يحصل معي من مشكلات في بيتي الصغير حديث الولادة، كي لا أجعل أمي تقلق علي بل أكذب دائما، وأقول أني بأفضل حال وأنا على العكس تماما.
أنا الآن في ( شهر عسل ) وكأنني متزوجة منذ 20 عاما، لم أعرف طعم شهر العسل أو قضاء يوم هنيء مع زوجي.
كلانا ( زوجي وأنا ) لا يشبع من الآخر جنسيا.
بدأت أنظر إلى الشباب خارج المنزل وكيف يمسكون بيد من يحبون بلا أي خجل، وأنا زوجي لا يمسك يدي، مع أنني جديدة على دبي، ويمكن أن أضيع ولا أعرف العودة مجددا.
كل ذلك جعل نفسيتي في الحضيض، وبدأت أفكر بالطلاق جديا؛ لأنني أرى أنه الحل الوحيد لكافة مشاكلي، لكنني لا أريد أن يقول الناس: (هذه مطلقة) وأنا في مقتبل العمر وعمري 17 سنة، ومن يراني يقول عمرها 14 سنة!
ما هو الحل البديل عن الطلاق؟ وكيف أتخلص من حالتي هذه؟
أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ديما حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يبارك لكما ويبارك عليكما، ويجمع بينكما في خير، وأن يصلح لنا ولكم النيات والأحوال، وأن يرزقك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الهدى والرشاد!.
فإن الإنسان إذا انتقل من بيئته التي كان يعيش فيها، وفارق أهله الذين كان يسكن معهم، يجد نفسه في ضيق وشوق وهم، ولكن هذا الشعور سرعان ما يزول! وهكذا حال الناس في هذه الدنيا التي تجمع لتفرق، وتفرق لتجمع.
ولابد أن تعلمي أن الأيام الأولى للزواج تحتاج إلى صبر وتحمل؛ حتى يألف كل من الزوجين شريكه، فكل من الرجل والمرأة تربى بطريقة معينة، وفي بيئة مختلفة، وفيه صفات قد لا تعجب الآخر، وهذا التأقلم مع الحياة الجديدة يحتاج إلى وقت.
كما أن كثيرا من الشباب لا يعرف من الزواج إلا الجانب الظاهري، وينسى أن الزواج مسئولية، وربما يكون كلا الطرفين لم يعتد تحمل المسئوليات.
والصفات الحقيقية لا تظهر إلا بعد الزواج؛ لأن فترة الخطوبة يظهر فيها كل طرف أحسن ما عنده، ولكن مع القرب يظهر جانب العيب.
وطريقة التعبير عن المشاعر والعواطف تختلف من شخص إلى آخر، بل ومن بلد إلى آخر، ولكل قبيلة طريقتها وأعرافها في التعبير عن الحب، ولكن اطمئني - ابنتي - بأن هذا الزوج يحبك، وهذا واضح من خلال الانسجام في الفراش، ومشاعر الشوق الزائدة، وأرجو أن تساعدي هذا الزوج في إعلان عواطفه ومشاعره، وأنت كذلك لابد أن تبادري؛ لأننا في زمان أصبحت العواطف الكاذبة الرخيصة تظهر في وسائل الإعلام والشواطئ.
وإذا أظهر السفهاء مشاعرهم الكاذبة، وعواطفهم المحرمة؛ فما أحوج الأزواج إلى إظهار معاني المودة والرحمة، شريطة أن يكون ذلك وفق ضوابط الشريعة، التي لا ترضى للمظاهر المخالفة للآداب أن تكون في الأسواق والشواطئ، ورحم الله عمر - رضي الله عنه - حين وجد رجلا يضاحك امرأة في الطريق، فعلاه بدرته، فقال الرجل: إنها زوجتي !! فقال عمر: وما يدرينا أنها زوجتك، وهذا من فقه عمر رضي الله عنه، ونحن نلاحظ أن البلاد التي تهاونت في مطاردة المظاهر الشاذة كثر فيها الفساد والشرور؛ لأن رؤية المنكرات تشجع الخائفين وتعلم الجاهلين، فلا تلتفي لما يحدث في الشوارع من سوء الأدب، واحمدي الله على العافية!.
وليس كل من يمسك يد فتاة يحبها، بل قد يكون ذلك الشاب يمسك يدا في الصباح وأخرى في المساء، وعلى كل حال فهذا الرجل يحتاج إلى وقت لمعرفة رغباتك التي نرجو أن تكون في حدود ما يرضي الله.
وليست المشكلة في الأزمات التي تواجه بيتك الجديد، ولكن المهم هو حسن التعامل مع هذه المشاكل، والاستفادة من جوانبها الإيجابية، ومعرفة الخطوط الحمراء التي يحسن بكل طرف الوقوف عندها، وستصبح هذه المشاكل ذكريات محفورة في ذاكرة أسرتكم مستقبلا.
وقد أعجبني حرصك على عدم إزعاج الوالدة، وهكذا تحرص المرأة على إظهار الجوانب المشرقة في حياتها الزوجية، وتجتهد في معالجة الجوانب السلبية بمساعدة زوجها، وأرجو أن تجدي في الجارات الصالحات من تعينك على تجاوز الأزمات، وفي فهم متطلبات الحياة الزوجية الجديدة، واحرصي على أن تكوني مطيعة لله، وتوجهي إليه بالدعاء؛ فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، واطلبي من زوجك إحضار الأشرطة المفيدة التي تبين للرجل وللمرأة ما عليه من واجبات، وماله من حقوق، وهي كثيرة – ولله الحمد -.
وأحذرك من التفكير من طلب الطلاق؛ فإنه دمار للفتاة، ولن تجدي من يقبل منك الأعذار أو يظن بك الخير.
أما بالنسبة للدراسة، فيمكن المواصلة بالانتساب، أو طلب تجميد الدراسة حتى تتاح لك فرصة أخرى مستقبلا، وهذا نظام معمول به في المؤسسات التعليمية، وعموما الإنسان يستطيع أن يدرك الدارسة، ويهيئ لنفسه الفرص المناسبة لمواصلتها، لكن الشهادات لا تغني المرأة عن حياتها الزوجية، وأمومتها التي هي فطرة المرأة.
وننصحك بالصبر واللجوء إلى الله، والإكثار من ذكره وشكره، والطلاق ليس حلا، بل هو مشكلة، ويمكن بعد فترة أن تطلبي زيارة أسرتك إذا كانت ظروف الزوج تسمح بذلك، وهذا إن حدث، فسوف يبين قيمة وعظمة الحياة في ظلال رجل، ولا سعادة للمرأة إلا إذا أصبحت ملكة في بيتها.
ونسأل الله أن يرزقك السداد والتوفيق!.