السؤال
امرأة أخي لها فترة تعاني من انتفاخ حاد في البطن، ولقد عجز الطب عن علاجها، وأثبتت الفحوصات ألا شيء فيها على الإطلاق.
وبعد فترة أرسلها أخي إلى أحد الشيوخ، وقال لها أنها مسكونة من الجن، وادعى بأنه خلصها من الجن، وبإمكانها العيش بشكل طبيعي، إلا أن الوضع ازداد سوءا مع الأيام، وأصبحت لا تحب الدخول إلى بيتها، أود أن أعرف ما هو رأيكم في ذلك؟ وما رأي الشرع في سكن الجن في الأجساد؟
جزاكم الله كل خير! وأرجو مساعدتكم في ذلك!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عادل حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يمن على الجميع بالعفو والعافية، وأن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا!.
فإنه ما من داء إلا وقد أنزل الله له شفاء، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، والمرض قدر من الله يرفع بالدواء، وهو أيضا من قدر الله، والقرآن شفاء ورحمة، وعجبا لأمر المؤمن فأمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء، شكر؛ فكان خيرا له، أو أصابته ضراء، صبر؛ فكان خيرا.
والمؤمن يفعل الأسباب، وينتظر الشفاء من اللطيف الوهاب، وإذا لم يعرف الإنسان أعراضا ظاهرة لمرضه، فقد يكون السبب من العين، أو المس، أو السحر، والعين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقت العين، والشياطين تتسلط على الإنسان، ولا تملك أن تضرهم إلا بإذن الله، والشيطان يدخل في بدن الإنسان، ويجري من ابن آدم مجرى الدم، وقد يكون السبب في ذلك أذية ابن آدم له، وقد يكون بسبب عشق الجن لصورة الأنسي، وربما كان الدافع للشيطان إدخال الأذى على الإنسان.
وننصحكم بالإكثار من تلاوة القرآن، والمواظبة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من قراءة آية الكرسي، وخواتيم البقرة، مع المحافظة على الأذكار في الأحوال التي علمنا إياها رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا دخلنا، وإذا خرجنا، وإذا أكلنا.
ولا بأس من عرض هذه المرأة على من عرف بالصلاح والخير من المعالجين، شريطة أن يكون علاجه بكتاب الله، مع مراعاة الترتيب في قراءة الآيات، أو بما ورد عن رسول الله، وأن تكون الرقية بلغة عربية، وبكلام مفهوم ليس فيه طلاسم، ومن الضروري أن يكون هذا الرجل المعالج ممن عرف بالتمسك بظواهر الشريعة، أما السرائر فعلمها عند الله، وأن يكون ممن يحرص على نظافته، ونظافة مكانه، واعتدال الإضاءة فيه، وأن يكون ممن يتجنب الخلوة بالنساء، ومن علامات الأخيار أنهم يحرصون على نفع الناس، ولا يطلبون أشياء غريبة، ولا يبالغون في تكاليف العلاج، ولا يسألون مرضاهم عن أسماء أمهاتهم، وأهم من هذا كله أن نعرف أن الشفاء بيد الله وحده سبحانه.
والامتحان صعب لعقائد الناس، ونسأل الله أن يصرف قلوبنا على طاعته، فهناك من يدعي أنه يعالج، وهو من إخوان الشياطين الذين عبدوهم من دون الله، وسلطوهم على الناس في مقابل دراهم معدودة باعوا فيها دينهم بدنيا فانية، وهؤلاء قد يصرفون الشياطين إلى حين عن أذية الناس، فإذا احتاجوا إلى المال والذهب، أرسلوهم مرة أخرى لإعادة الكرة على العباد، وإلحاق الأذى بهم.
ولكن ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ولا سبيل للشياطين على أهل الإيمان والخير، قال تعالى: (( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ))[النحل:99-100]^ ويمكن لهذه المرأة تشرب ماء زمزم بعد أن تقرأ عليه المعوذتين والإخلاص وآية الكرسي وخواتيم البقرة، وتكرر ذلك مرات عديدة، واحرصوا على تطهير المكان بتلاوة كلام الرحمن، وإذا التزم الإنسان بتلاوة القرآن، وذكر الرحمن، فإن هذه الشرور لا تصيبه، وحتى ولو حدث وأصابته، فإن أثرها يكون ضعيفا، واعلموا أن الشياطين تنفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
وقد حدث في زمان الإمام أحمد - رحمة الله عليه - أن تسلط الشيطان على جارية في بساط الخليفة، فصرعت الجارية، فأرسلوا للإمام أحمد، فأرسل نعله، وقيل أرسل خشبة، وأمر الرجل أن يجلس مقابل رأس الجارية، ويقول للشيطان: الإمام أحمد يقول لك: اخرج واترك هذه الجارية، فإن الله لم يأمركم بهذا، وإلا ضربناك، فقال الشيطان: سمعا وطاعة للإمام أحمد، إنه أطاع الله فأطاعه كل شيء، والله لو أمرنا أن نخرج من بغداد لخرجنا، وهنا لابد أن ننبه إلى ضرورة التأكد من معرفة المعالج للوسائل وللضوابط الشرعية، فقد كثر دخول الجهلة وطلاب الدنيا في هذا الميدان، فأفسدوا، وأدخلوا الشرور والأذى على الناس.
ونسأل الله أن يكتب الشفاء العاجل لهذه المرأة، وأن يصرف عنا وعنكم الشر وأهل الشر، وأن يعين الجميع على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبالله التوفيق!