تذبذبت المشاعر بيننا خلال خمس سنوات من العلاقة

0 609

السؤال

أنا فتاة من دولة عربية، تعرفت منذ أشهري الأولى بالجامعة على شاب، لاحظت مرارا أنه ينظر إلي نظرات غير عادية، وأتى بعد مدة للتعرف إلي من منظور أننا ندرس في نفس الجامعة ونقطن نفس المكان، ولم يفاتحني في مسألة إعجاب أو حب أو ما شابه ذلك.

أصبحت أراه دائما ونتحدث وما زلنا كذلك حوالي الشهرين، حتى أصبح يتودد لي ويقول: إنه يرتاح لي كثيرا، ويظهر إعجابه بشكل واضح ولم يقل إنه يحبني، في أواخر العام الجامعي توطدت العلاقة بيننا وأصبح يصارحني بحبه وقليلا قليلا أصبح يمسك يدي، وفي صيف ذلك العام أتى لمنزلنا وتعرف على أهلي وتواتر مجيئه حتى أصبح صديقا حميما للعائلة، وسرعان ما عرف الجميع بعلاقتنا.

ومنذ أن توطدت العلاقة أصبحت غرائزه تتحرك شيئا فشيئا وبدأت معها المشاكل، لم أكن محجبة وقتها ولكن إيماني البسيط منعني من فعل الكثير من الأشياء، ولكن الشيطان دائما معنا ولم تخل علاقتنا من الحرام، لم تكن كبيرة، ولم تخل من الخوف من الله والندم المتواصل، لذلك هو دائما يحس بالبرود من جهتي حتى بدأ يمل مني، وأنا كذلك نفس الشيء، هكذا مرت الخمس السنوات معه ولم نستطع الزواج لأنه لا يملك عملا مستقرا.

نعيش الآن في عذاب والأكثر منه الحيرة، فعدم الاستقرار ولد لديه الشك في مشاعره فهو تارة يشتاق لي بشدة، وطورا لا يعرف إن كان يحبني أم لا، بل وأصبح يقول: إنه يراني جسدا فقط من فرط ما يحتاج لتلك الرغبة ولم ينلها!

في الختام: أردت أن أوضح أنه لم تسبق له علاقات جنسية ـ حتى معي ـ وقد كانت له فرص كثيرة لمثل هذه العلاقات! فما معنى هذا الشك الذي يعيشه؟ هل فعلا لا يحبني وحبه لي نزوة عابرة أم ماذا؟ أجيبوني أرجوكم فأنا لا أكاد أنام من فرط الحيرة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ لينة حفظها الله!‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،، ‏

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإننا ندفع ثمن مخالفتنا لآداب وأحكام هذا الدين الذي شرفنا الله تعالى به (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))[النور:63]، وما من معصية إلا ولها آثارها وثمارها المرة، فللمعصية ظلمة في الوجه وضيق في الصدر، ولا عجب فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ولذلك فوصيتي لكما ولنفسي هي التوبة والإنابة إلى الله، فإن التوبة تمحو ما قبلها، وما نزل في الأرض من شقاء ولا بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة وإنابة، وأبشروا فإن الله يقول: (( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ))[طه:82].

ولابد من حسم هذا الأمر وتقنين هذه العلاقة لتكون وفق ضوابط الشريعة، فإما أن يتقدم رسميا لطلب يديك ويعقد قرانه، وإما أن يبتعد عنك حتى يعد نفسه للزواج؛ فإن التوسع في العلاقات العاطفية دون رباط شرعي يوصل إلى الملل والشكوك، وهو خصم على سعادة الإنسان مستقبلا حتى لو تزوج بالحلال، فإن الشيطان الذي كان يزين المخالفات هو الذي سوف يزرع الشوك والشكوك في طريق الحياة الزوجية.

وأرجو أن تتقي الله في نفسك، وتحرصي على عدم الاستجابة لنزواته ولا تنخدعي بكلماته، فإن مهر العفاف غال جدا، ولا يهمك تذبذب عواطفه لأنها نتيجة طبيعية لامتناعك عن الاستجابة لطلباته. وأرجو أن تذكرا أن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، ومعظم العواطف قبل ذلك عبارة عن مجاملات وكذب، فكل طرف يظهر للآخر الوجه الحسن فقط، ويتشبع بما لم يعط، فيصبح كلابس ثوبي زور كما ورد عن رسولنا صلى الله عليه وسلم.

وشباب اليوم فيهم من يحسن اللعب بالعواطف بألفاظ معسولة ولا مانع عنده من أن يخدع الفتاة ثم ينتقل إلى غيرها، فانتبهي، واطلبي منه أن يقوم بخطوات رسمية تحت سمع الناس وبصرهم، ولعل أهم أسباب هذه المشاكل هو اختلاط الشباب بالفتيات في مواطن العلم والعمل، وإطلاق الناس لأبصارهم مخالفين بذلك آيات القرآن المجيد، وما من حكم من أحكام ديننا نتخلى عنه إلا أحوجتنا أزمات الحياة ومشاكلها إلى الندم على مخالفتنا لأمر الله، فهل ينتبه أهل الإسلام ويعودوا إلى صوابهم ويراجعوا دينهم؟! علما بأن الكافرين أدركوا مفاسد وجود المرأة إلى جوار الرجل الأجنبي عنها، ودفعوا ثمن ذلك أمراضا نفسية وعضوية، وخللا في نظام الحياة كلها، وقد ارتفعت أصوات العقلاء منهم منادية بإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي الذي يتوافق مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، وظهر عندهم الجامعات التي تمنع اختلاط الرجال بالنساء.

واحمدي الله الذي حفظكما في الفترة السابقة من الوقوع في الفاحشة، وهذا دليل على أن فيك بذرة خير فحافظي عليها، واحرصي على مراقبة الله واطلبي منه الإنابة إلى الله، وأنت تعلمين أن الشيطان هو الثالث، وأنه لا ينبغي له الانفراد بك إلا بعد أن يعقد عقدا شرعيا بضوابطه المعروفة.

ولا شك أن تساهل الفتيات في التعامل مع الشباب، والتنازلات التي يقدمنها من أسباب مماطلة الشباب في إتمام مراسيم الزواج، والفتاة هي التي تدفع الثمن.

حفظك الله وسدد خطاك وبلغك في طاعته مناك.
والله ولي التوفيق والسداد!

مواد ذات صلة

الاستشارات