السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع.
هذه المشكلة تخص خالتي التي تعاني من ابنها أشد المعاناة، فلقد قرأت مقالتكم التي بعنوان الطفل المزعج، فتلك الأوصاف فعلا موجودة، لكن هناك كوارث أخرى يقوم بها فهو عمره 10سنوات، يعيش في بيئة جيدة: الأكل، الشرب، السفر، أوقات العطل، لا ينقصه شيء ولله الحمد.
تصرفاته غريبة فهو لا يتحكم في تصرفاته، مثلا: إذا أكل يوسخ ثيابه، إذا أعطاه أحد شيئا يأخذه بعنف، مستواه الدراسي تدهور بشكل كبير، حيث إنه حصل على 4,5 على 10 في الدورة الثانية، لا يركز في دراسته، حيث أن أبويه فعلا المستحيل من أجله حيث أنهم يدرسون معه في البيت وأدرس معه في الامتحان، يجيب بشكل جيد في البيت، أما في الامتحان فتلك الطامة الكبرى، حيث إنه يفقد التركيز، ولا يجيب على أي شيء.
ذهبوا إلى المدرسة، اكتشفنا أن المشكل عنده هو، أما المشكلة الأخرى أنه مدمن لعب، نعم أقول: إنه مدمن لعب لدرجة أنه لا يذهب إلى الحمام لقضاء حاجته حتى لا يضحي باللعب! وما زاد الطينة بلة أنه أصبح يقضي حاجته في ملابسه (البول والغائط)، ضربه والداه والسبب كما يقول أنه لم يحس بهما حتى نزلا!
إذا خرج من المدرسة مع 12 ظهرا يبقى يلعب أمام المدرسة ويحضر إلى البيت متسخ الثياب، عنف، إهمال، انعدام شخصية، أوساخ، كذب، عدم تركيز، لا ينجز تمارينه، يأكل بطريقة همجية، يتشاجر مع إخوته حيث أنه يمكن أن يمر فوق رجل أخته لأخذ شيء ـ وهي تصرخ ـ ولا يبالي! ذهبنا به إلى طبيب نفسي مرة واحدة لكن لظروف لم نعده! لكن حينما تكلم معه الطبيب قال لوالديه بأنه طفل ذكي ولا يعاني من أي شيء.
هو أكبر إخوته، له أخت: 9 سنوات، وأخ صغير: 5 سنوات، يحظون كلهم بنفس الحب والحنان والمعاملة، لا أدري ماذا نفعل معه، احترنا! ضرب ما نفع، مسامحته ما نفعت، قطع الكلام معه ما نفع، ما العمل في نظركم؟ رجائي في الله ثم فيكم أن تبددوا حيرة الوالدين المسكينين اللذين لم يقصرا في الحب والبذل، لكن أنتم ـ معشر الأساتذة ـ يمكن أن تنظروا إلى جوانب ربما غفلنا عنها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Imane حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا على رسالتك.
لا شك أن لهذا الابن مشاكل عاطفية، وربما تكون أيضا معرفية متعلقة بإدراكه واستيعابه، وبصفة عامة فمصدر مثل هذه الاضطرابات هو الطفل نفسه، أو البيت، أو المدرسة، أو الأشخاص الآخرين المتواجدين في المحيط الاجتماعي للطفل.
في كثير من الحالات تكون العلة في عامل أو عاملين من الأسباب السالفة الذكر، وفي حالات أخرى يكون الخلل فيها جميعا، حيث تتفاعل مع بعضها البعض، لتأتي لنا بطفل مضطرب السلوك.
نحن لا نضع يد الاتهام على جهة ما، ولكن هذا هو التفسير العلمي النفسي، فما ذكرتيه من حقائق يبن أنه ربما تكون المشكلة متمركزة في هذا الابن، ومع احترامي الشديد لرأي الطبيب الذي وصفه بأنه ذكي، إلا أنه تساورني بعض الشكوك في أن مقدراته المعرفية ربما تكون محدودة، وللتأكد من ذلك لابد من أن تجرى له اختبارات الذكاء، والتي يقوم بها الأطباء والأخصائيين النفسيين.
شيء آخر وهو هام جدا أن هذا الابن ربما يعاني من داء الحركة الزائد لدى الأطفال، وعدم القدرة على التركيز، علما بأن هذا مرض معروف يصيب الأطفال.
أود أن أنصح بإعادة تقييم حالة هذا الطفل من الناحية النفسية والإدراكية، والتأكد من أنه غير مصاب بداء الحركة الزائد كما أسلفت.
من الناحية العلاجية، المبدأ الأساسي يقوم على العلاج السلوكي، والذي يعتمد على محاولة إعادة صياغة سلوك الطفل، وذلك بتجاهل سلبياته البسيطة بقدر المستطاع، وإرشاده وتوبيخه في التصرفات السلبية المتوسطة، وعقابه سلوكيا في التصرفات السلبية الشديدة، وهذا العقاب السلوكي يجب أن لا يشمل الضرب بأي حال من الأحوال، خاصة في وقت غضب الوالدين، إنما الطريقة المثلى هي أن يحجز في غرفة لمدة لا تقل عن نصف ساعة، ولا يستجاب لاحتجاجاته وصرخاته، والوسيلة الأخرى هي حرمانه من بعض الأشياء التي يحبها، والجانب الآخر في العلاج السلوكي هو أن يشجع الطفل ويكافأ على كل عمل إيجابي يقوم به مهما كان العمل بسيطا، والأمر يتطلب الصبر والمثابرة.
بالرغم من أننا لا نميل كثيرا إلى وصف الأدوية للأطفال، إلا أن هنالك دواء يعرف باسم (تفرانيل) أرى أنه سيكون مفيدا لهذا الابن، وعليه أود أن أنصح بأن يعطى له جرعة عشرة مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر.
هذا الدواء يحسن المزاج، ويقلل التوتر والعصبية، ويفيد أيضا في تحسين التركيز، ويقلل من الحركة.
وبالله التوفيق.