السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة مطلقة، أعيش مع والدي وهو كبير في السن، ولدي ولدان: الأكبر عمره 15 سنة، وكان لطيفا وهادئا، وعندما بدأ سن المراهقة لاحظت أنه تغير، أصبح عنيدا ويحاول أن يفرض ما يريد، ولكن أنا قلقة من كيفية التعامل معه، مثلا: حاولت أن أعرف إذا بلغ أم لا، وعندما سألته وذلك كي أفيده ببعض النصائح انحرج ورفض أن يجيب، وعندها قلت له: أنا أمك وصديقتك وأبوك، فقال: نعم بلغت، حينها وبصراحة لم أعرف ما أقول وسكت.
لم أعرف هل أنصحه بعدم التفكير في الجنس وممارسة العادة السرية أو الدخول في علاقات، هل هذا هو الوقت الصحيح؟ أعني عمره 15 سنة، هل أنتظر لما يكبر؟ هل من الممكن أن يعمل علاقات جنسية في هذا العمر؟ هو خجول ولا أعرف كيف أفهمه، خاصه في غياب الأب، فعلاقة أبيه مقطوعة معه، أيضا ابني لا يحب الاستحمام ولا يستحم إلا بعد معارك دامية، وأحيانا إنما يرش ماء على شعره فقط، وهو لا يصلي إلا بكسل وبعد أن يرفع ضغطي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، فزادك الله حرصا وخيرا وتوفيقا، ولا داع للقلق، فهذه مرحلة تحتاج منا إلى مقدار كبير من الصبر والحكمة، ونسأله أن يعينك ويسدد خطاك.
وهذه نصائح مختصرة تفيدك بإذن الله في التعامل مع هذا الولد وهي كما يلي:-
أولا – أرجو أن تتخذي معه أسلوب الحوار وليس أسلوب التعليم المباشر، فتقولين له مثلا: أنت الآن أصبحت كبيرا، وأنا أنتظر منك الخير الكثير، وأريد أن أناقشك في بعض الأمور فهل الوقت مناسب الآن؟ وهنا سوف يشعر بأنه شخص محترم ويخرج لك ما في نفسه.
ثانيا : أرجو أن يكون التوجيه غير مباشر وفي وقت مناسب، وأن لا يكون في وجود أحد من الناس وخاصة الأصدقاء.
ثالثا: من الأفضل أن تكون مناقشة الأمور الجنسية والتطورات والتغيرات التي يجدها المراهق عن طريق الأسلوب القصصي كقصة الشاب الذي جاء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستأذنه في الزنا، فصاح الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقروه، أدن فدنا حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟ قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، أتحبه لعمتك؟ قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم، أتحبه لخالتك؟ قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: اللهم كفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه)، والأسلوب القصصي يرفع الحرج، ويمكن في خلال القصة أن تبيني له أن الله حرم تصريف هذه الشهوة بالزنا أو اللواط أو العادة السرية، وقد مدح الله المؤمنين فقال: (( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )) [المؤمنون:5-7].
رابعا: لا شك أن الوقت مناسب وكان ينبغي قبل ذلك أن نعلمه طريقة غسل الجنابة ونهنئه بأنه بلغ درجة الرجولة والتكليف حتى يشعر بالمسئولية، وأن الله يحاسبه على كل تصرفاته، وهذه مهمة المعلمين بالدرجة الأولى ثم الأهل في البيوت وقد وضعت مسألة غسل الجنابة وموجبات الغسل في مناهجنا التعليمية، ولكن النجاح في طريقتنا في تعليمها وشرحها ونوضح خطورة استخدام هذه الشهوة في الطريق الذي لا يرضي الله.
خامسا: لابد من مراقبة ومتابعة هذا الشاب، ولكن ليس على الطريقة البوليسية والتحقيقات، ولكن عن طريق المصارحة والحوار ومنح مقدار من الثقة مع شيء من الحذر؛ لأن طريقة أين ذهبت وماذا فعلت؟ وما هذا الذي في جيبك؟ تدمر الطفل وتعلمه الكذب والاحتيال وتحطم شخصيته، ولكن الأم الناجحة والأب الناجح يصادق أبناءه في هذه السن ويحترم رأيهم ويحسن الاستماع إليهم، ويطلب منهم المشورة ويقرأ الوجوه إذا دخلوا ويمسح على رؤوسهم ويدعو لهم ويوصيهم إذا خرجوا.
سادسا: لابد من بيان خطورة الفواحش، وأنها تسبب في خسارة الدنيا والدين، وأن أهلها مهددون بأمراض فتاكة مثل الأيذر الذي أرسله الله حربا على العصاة.
سابعا : بيان خطورة العادة السرية التي تؤثر على كل أعضاء الجسم وتهدد صاحبها بسرطان البروتساتا وتهدد حياته الزوجية مستقبلا بالفشل، وتسبب له الانطواء وتأنيب الضمير، وهي لا توصل إلى الإشباع، ولكنها تشعل النيران وتغضب الرحمن.
ثامنا : ضرورة مناقشته بهدوء في أمر الصلاة فلا خير في عبد لا يصلي، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وأرجو أن يجعل المسجد هو مكان اختيار الأصدقاء، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والاهتمام بالصلاة سوف يجعله يتهم بمظهره ونظافة جسده فالإسلام دين النظافة والطهارة.
تاسعا : إبعاد المثيرات الجنسية عنه، وهي كثيرة بكل أسف: ومنها وسائل الإعلام والإنترنت والمجلات الخليعة والهاتف، وكل هذه الأشياء ينبغي أن تكون في صالات عامة حتى تسهل مراقبتها ومتابعة أبنائنا دون أن يشعروا عند استخدامها، أما إذا وضعت هذه الأشياء في حجرات خاصة فلن نتمكن من معرفة ما يدور فيها.
عاشرا : امنحيه جرعات من العطف والاهتمام، ولا تكثري من لومه وعتابه واطلبي منه مصادقة الأخيار، واحرصي على أن تكون الصداقة تحت أعينكم، وافسحوا له ولأصدقائه الأخيار مكانا في المنزل، ولا تنصحيه وتكثري عليه أثناء وجودهم معه، وكوني أهم أصدقائه وأقرب الناس إليه.
أما بالنسبة للعناد:
فهذا شيء طبيعي في هذه المرحلة التي بدأ يخرج فيها من وصاية الطفولة إلى عالم الرجولة، وأرجو أن تختاري الأوقات المناسبة فلا تمنعيه من الشيء في وقته ولكن قبله أو بعده، واجعلي معظم النصائح بينك وبينه، وأظهري له حاجتك إلى قربه ووجوده في المنزل، وأبشري فإن وراء كل عظيم امرأة، فأكثري له من الدعاء، واعلمي أن طاعتك لله هي خير عون على صلاح ولدك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
والله ولي التوفيق والسداد.