السؤال
السلام عليكم.
لي صديق محتار في أمره من أجل حل مشكلته التي مضى عليها نحو السنة، وكنت أعتقد أنه مصاب بمرض انفصام الشخصية لو لم يبلغ من العمر 52 سنة، ووفق مطالعاتي لا يمكن لشخص تجاوز الخمسين من العمر وكان متوازنا نفسيا أن يصاب بهذا المرض، ولكن منذ نعومة أظفاره يصاب بالخوف الذي يتبدى بسرعة لديه ما إن يطمأنه الطبيب، وقبل حوالي السنة شعر ذات يوم أنه يريد أن يضرب أو يقتل، وهذا يمكن أن يمر مع كل إنسان في لحظات إرهاق أو استفزاز، وللأسف تذكر يومذاك أحد المجرمين الذين قرأ عنهم وقال لذاته: "أنا أصبح مثل هذا المجرم، معاذ الله" سيما وأن هذا الصديق مشهور بدماثة أخلاقه ورحابة صدره.
وبدل أن يكون هذا الأمر الرد الذاتي المطلوب صارت تتكرر أمامه صورة هذا المجرم، ويخاف من أن يصبح مجرما، وبعد ذلك صار يتذكر مجرمين آخرين كان يقرأ عنهم، وخاصة عن مجرم آسيوي اعتقله البوليس كقاتل لزوجته وكان قد قطعها ووضع لحمها في البراد يأكل منه، وصديقي من شدة حساسيته صار يكره أكل اللحوم، وكلما فتح البراد في منزله يتصور ذلك المجرم ويخاف لو أن زوجته مكان القتيلة! وطبعا يدرك أن ذلك مستحيل وغير واقعي، وأن حالة هذا المجرم بالذات نادرة الحصول، سيما وأن صديقي يخاف من إلحاق الأذى بنملة كما يقول المثل.
كما أن صور أقربائه وأصدقائه ممن ماتوا تخرج من ذاكرته يوميا وتكرارا مع أنه يملك إرادة فولاذية، ولكنه حساس للغاية، ويخاف من أن يرتكب خطأ ولو بسيطا الأمر الذي يجعله يعيش في صراع داخلي مع هذه الأفكار أو ربما الأوهام.
وهو يستغرب كيف تخرج من ذاكرته صور أشخاص عرف بموتهم منذ نعومة أظفاره، أي أن ذاكرته تنبش إليه الآن كل شيء من طفولته، وهو الذي كان يتهرب من مشاهدة المجرمين والأموات والمجانين؛ لأنه أساسا يخاف من هؤلاء جميعا، وهو يدرك أن الموت حق، وأن الأموات الذين يتذكرهم كان يعرفهم ويتعلق بهم حينما كانوا أحياء، وحتى مراسيم دفنهم لم يحضرها، إذن ما هي طبيعة حالته؟ وبالتالي ما السبيل للخروج من أزمته هذه دون الاعتماد على أي أدوية، بل وسائل سلوكية ينتهجها للخروج من محنته؟ وهل يمكن له بهذه الحالة أن يقدم على زواج ثان رغبة منه في الإنجاب سيما وأن زوجته الحالية قد تخطت بعمرها إمكانية الحمل؟