السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ سنتين ونصف من امرأة تصغرني بخمس سنين ونصف، ذات مؤهل متوسط، منذ بداية الزواج ونحن في مشاكل دائمة بسبب عدم طاعتها لي، وحاولت معها بكل الطرق التي وضحها كتاب الله من علاج نشوز الزوجات، حتى وصلت معها للضرب بشكل هستيري حيث أصبحت تخرجني عن شعوري.
حدث بيننا طلاق مرة واحدة ويا للمصادفة أنه كان في نفس يوم زواجنا، وأخيرا وبعد أن تكلمت مع كل من يمكن الكلام معه من أهلها من أول الوالد حتى الخال ولكنهم لم يحلوا أو ينهوا أي شيء، وكانت عند أمها ولا تريد أن ترجع إلى البيت، طلبتها في الدخول في طاعتي من خلال الجهات الرسمية ويعلم الله أن هذا ليس إلا لتربية ابنتي المسكينة التي تبلغ من العمر سنة وثلاثة أشهر.
يعلم الله أني وفرت لها المسكن المناسب حيث أعيش في شقة تخص شركتي منحوها لي من أجل البقاء قريبا من العمل، وبها كل شيء فاستغللتها لسرعة الزواج وعصمة نفسي، وأقوم بالتجهيز لشقتي بتأن، ولكن الحالة التي أعيش فيها جعلتني محبطا ولا أجد أي رغبة في عمل أي شيء، علما أنها أصبح كل همها أن تتوفر لها شقة فقط لضمان بيت يخصها تأخذه مني عنوة لو طلقتها (تأخذ حصاد مجهودي فقط)، ولا تسعى لأن تصلح شأن البيت.
أوفر المأكل والمشرب المناسب والزائد والحمد لله، الآن وبعد مرور مدة تحذير الطاعة تريد أن ترجع إلى الاستفزاز، كلما ذهبت إلى منزل أمها لا ترجع لي إلا بالجديد من المشاكل.
لقد سئمت منها ومن عشرتها التي لا أجد فيها أي أمان للعيش في هدوء حتى أربي ابنتي في هذه الأيام المليئة بالفتن، أصبحت وأنا في هذه السن أتمنى أن أرحل إلى بعيد وأدعو الله بدعاء الزاهد في هذه الدنيا، نصحت ووعظت ولكن لا أعلم ماذا أفعل الآن، حسبي الله ونعم الوكيل إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.
أفيدوني برأيكم ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل المهندس / كريم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح لك زوجتك، وأن يذهب حدة طبعها وسوء أخلاقها، وأن يجعلها من خيرة النساء، وأن يرزقك معها الأمل والأمان والاستقرار وطيب العشرة، إنه جواد كريم.
الحياة كلها تعب، هكذا قال من قال، ولو نظرت حولك لوجدت أناسا يبدون لك في الظاهر أنهم سعداء، ولكن في الحقيقة قلما تجد فيهم سعيدا، أو صحيحا، أو لا مشاكل لديه، فالدنيا كلها كذلك، وتلك طبيعتها إذا أحسنت يوما أساءت ضحى غد، وإذا أردت التأكد من كلامي فاسأل أقرب الناس إليك.
نعم، أنا معك أن المشاكل متفاوتة نسبية، ولكنها في الحقيقة موجودة، فاحمد الله على نعمة العقل، والصحة، والعافية، والإسلام، والقدرة على العمل، وغير ذلك من نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأسأله تعالى أن يرزقك الصبر على طباع زوجتك، وسوء عشرتها، وأكثر من دعائه سبحانه أن يصلحها لك، كما أصلح زوجة زكريا عليه السلام، والدليل على ذلك أن أهلها لم يصنعوا شيئا تجاه المشكلة، فهي مسكينة مثلك، أنت مبتلى بها، وهي سبق وأن ابتليت بأهلها، وكلاكما يدفع الثمن غالبا.
ولا أظن أنها كانت تتمنى أن تكون غير موفقة في حياتها، أو تكدر خاطر زوجها، لا أعتقد هذا إطلاقا، ولكنها مسكينة قد تأتي لتحسن فتسيء، وتصلح فتفسد، نظرا لسوء تربيتها، وأخشى أن تكون عند الاقتران بها لم تستخر الله تعالى، أو لم تستشر بعض الثقات الذين يعرفونها وأسرتها، فليس لزوجتك من حل إلا أن تصبر عليها بما هي عليه، من الإكثار من الدعاء، والإلحاح على الله أن يصلحها، ويبدل حالها، وحاول أن تعينها على زيادة الإيمان، وذلك بسماع بعض الأشرطة الإسلامية المفيدة في شئون الحياة الزوجية، أو حضور بعض المحاضرات للعلماء الثقات، أو قراءة بعض الكتب التي تزيد في الإيمان، وتعين على معرفة حق الزوج على زوجته وفضل ذلك، ونسق مع بعض إخوانك الصالحين على تبادل الزيارات الأسرية، واعرض عليهم مشكلتكم للمساعدة في حلها بطريق غير مباشر، وأهم شيء الإكثار من الدعاء لها بالصلاح والإصلاح، والإكثار من الاستغفار، عسى الله أن يصلحها ببركة توجهك إليه وإلحاحك عليه.
فإذا نفد صبرك، وعجزت حيلتك، وتوقفت عجلة الحياة المستقرة بينكما، فلعل الله أن يعوضك خيرا منها، وهو سبحانه على كل شيء قدير، (( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ))[النساء:19] مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد، وأن يرزقك الله الصبر والأناة، وسعة الصدر، وأن يصلح لك زوجك، وأن ترفرف السعادة على أسرتكما الصغيرة، وأن يجعلكم من عباده الصالحين، إنه جواد كريم .