نصائح لفتاة تعاني حاجتها إلى عواطف أمها في ظل تعلقها بمدرستها.

0 489

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري، ومشكلتي هي أني أفتقد حنان أمي، فهي لا تقبلني ولا تضمني ولا تمسح على رأسي، لا تأتي إلى غرفتي لتسألني ولتحاورني، أريدها أن تكون هي البادئة بذلك وليس أنا، فجميع الفتيات في مثل سني أمهاتهن يقمن بذلك، أريد أن أشعر بحنانها، أحس بأني أريد أن أرتمي على صدرها لأبكي ولأفضفض، أريد أن أحدثها في مواضيع بدأت تدور في عقلي: أسئلة عن الجنس مثلا، فلا أستطيع ذلك مطلقا.

سألتها مرة إذا كانت تحبني أم لا، فقالت: نعم، ولكني قلت لها: إذن لماذا لا تقبلينني أو تضمينني إليك؟ فقالت: الحب ليس حضنا وقبلات وحسب، نعم أنا أعلم ذلك، أعلم أنها تحبني ولكن لماذا لا تتوج حبها ذلك بكلمة (أحبك)؟! لماذا لا تناديني بـ(حبيبتي)؟ أشعر بأنني أعاني من فراغ عاطفي، وذلك هو السبب الذي جعلني أتعلق بمدرستي، فأنا ألجأ إليها دائما، فحنانها الفياض وحبها لي يجعلني أتوجه إليها دائما وقت ما أحتاج، فهي لا تردني، فماذا أفعل؟ ولكن أصبحت أحس الآن بأنه قد فات الأوان، أي أنه لو أتت يوما ما لتقوم بذلك فلن أتقبله! أنا محبطة جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فإن الفتاة إذا شعرت أن والدتها تحبها وتأكدت من ذلك فحق لها أن تفرح وترضى بذلك، وأن ترد الجميل بمثله برا ووفاء للأم التي حملت في بطنها ثم أرضعت وتعبت، وهذا هو الذي يأمرنا به ربنا تبارك وتعالى في كتابه: (( وبالوالدين إحسانا))[البقرة:83]، وقد تكرر هذا التوجيه في كتاب الله، وربط الله بينه وبين عبادته سبحانه.

والأم الناجحة تصادق بنتها في هذه السن مع الاحتفاظ بضوابط الشريعة في احترام الكبير والعطف على الصغير؛ لأن الفتاة تحتاج إلى معرفة بعض الأشياء من والدتها التي هي أحرص الناس عليها، ولكن يؤسفنا أن نقول: إن كثيرا من الأمهات ما تعودت إظهار ما عندها من المشاعر الطيبة مع قناعتنا بوجود مقدار كبير من الحب والحنان، ولكن المطلوب هو معرفة الطريقة المثلى للتعبير عن تلك الأحاسيس.

وأرجو عدم مقارنة والدتك بكلام الصديقات، فإنهن يذكرن بعض الجوانب الحسنة فقط ويخفين جوانب أخرى، وقد يبالغن أحيانا في وصف ما يجدن من عواطف ومشاعر.

وأرجو أن تسعدي بحب والدتك لك كما أرجو مساعدة الوالدة على تغيير طريقتها في التعبير عن مشاعرها؛ لأن كل زمان يختلف عن الذي قبله، وحتى يحدث ذلك بعون الله وتوفيقه يسعدني أن أذكرك بأن المؤمنة تحب الله أولا وتحب رسوله وتحب والديها وتحب أخواتها الصالحات بمقدار ما عندهن من صلاح وصلاة وطاعة، وليس لأجل أشكالهن أو ثيابهن أو طريقتهن في الكلام؛ فإن الحب في الله يقوم على الإيمان والطاعة.

وإذا كانت هذه المعلمة صاحبة دين وخوف من الله فلا بأس من الاقتراب منها والاستفادة من صلاحها وطاعتها لله والتشبه بها في أعمالها الصالحة، أما إذا كانت علاقتك بها لأجل المظاهر والتصرفات والموضات والتسريحات؛ فأرجو أن تبحثي عن صالحات يذكرنك بالله وطاعته، وتجنبي العشق الشيطاني الذي يبعد عن الرحمن ويسلب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وتنقلب كل صداقة لم تكن لله وفي الله إلى عداوة يوم القيامة.

ولا داعي للإحباط فطريق الحياة طويل، وسعادة الفتاة أن تجد زوجا صالحا يخاف الله ويتقيه، وعندها سوف تسعد بالمودة والرحمة والعواطف الحلال في ظلال هذه الشريعة العظيمة التي تهذب العواطف وتنظم العلاقة بين الرجل والمرأة؛ حتى تكون الثمرة طهرا وعفافا وصلاحا وسعادة تمتد بعد الدنيا في الآخرة، والعاقل لا يخدع بما يشاهده من فجور وفسوق وعواطف كاذبة محرمة تعرض على الشاشات والشواطئ: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم))[النور:63]، وأهل المعصية هم أكثر الناس شقاء وحرمانا، فلا تنخدعي بابتساماتهم وضحكاتهم لأن كل إنسان يطلق لعواطفة العنان لن يرتاح باله، ولن يسعد؛ لأنه سوف يرى أشياء لا يمكنه الوصول إليها فتطول ندامته وحسراته.

وأرجو أن تشعر والدتك بحاجتك للعواطف وبرغبتك في إظهار مشاعر الود والحنان، كما أرجو أن يكون ذلك معقولا خاصة في هذه السن، فإن الجرعات الزائدة من العطف والحنان تكون خصما على سعادة الفتاة مع زوجها مستقبلا، ولذلك المطلوب هو الموازنة والاعتدال في جرعات العواطف الممنوحة، ومن الضروري أن تكون متناسبة مع سنوات العمر وحاجة الأطفال، مع حرصنا الشديد على أن نكون محتشمين في إعلان تلك العواطف، فليس صوابا ما تفعله بعض الغافلات حين تقبل أطفالها في حضرة الرجال الأجانب أو في الأسواق وغيرها.

ونسأل الله العظيم أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

مواد ذات صلة

الاستشارات