السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا صاحبة الاستشارة رقم (233688)، تقدم لي شاب محترم وخلوق جدا، وهو بالنسبة لأسرتي رائع خلقا وعملا، كنت موافقة عليه في البداية وأعجبني وعاهدت الله تعالى أن أوافق عليه إذا كان خلوقا ويصلي، ودعوت الله أن يتم الموضوع وصليت صلاة الاستخارة كثيرا، ولكن ندمت بعد ذلك على موافقتي المبدئية له، وبعد عدة زيارات له بدأت أتراجع عن رأيي أكثر، وليس لسوء خلق فيه ولكن لا أدري! لا أتقبله.
بات الأمر أنني لا أستطيع الرجوع عن القرار، وأهلي قالوا: إنه أصبح عمري 25، وعلي أن أوافق، وخفت من الندم عليه إذا رفضته مرة أخرى، وفعلا تمت الخطبة وأهلي سعيدون به وبي، لكن أنا لست سعيدة أبدا! حتى إني أكره أن يبارك لي أحد على الخطوبة - لم يتم عقد القران بعد - إنني أتعامل معه من باب الواجب ليس إلا، رغم إنه يحبني كثيرا ولا أكن له أي مشاعر محبة ولا أكرهه، ولكن أكره نفسي كثيرا.
إنني بذلك قد أكون أغضبت الله تعالى، فهو لا يستحق هذا الجفاء مني، ولكن فعلا لا أدري ما أفعل، نفسيتي تكاد أن تتدمر من تأنيب الضمير ومن خوفي أن أفسخ وأندم، ومن غضب الله تعالى أن يعاقبني إن لم أوف بالعهد، وأني تركت إنسانا ذا وازع ديني، أرأيتم مدى المعاناة التي أنا فيها!؟ وأفكر أحيانا أنه يجب أن أستمر لإنه ذا خلق ودين، وعندما أراه أتمنى أن أبكي من أنني لا أدري ما بي! ولماذا يحدث معي ذلك!؟
لابد أنني مريضة نفسيا، وصديقتي كانت تنصحني أن أحبه وألا أتخلى عنه، وإذا فعلت ذلك فسبحانه وتعالى سيعاقبك بزوج غير صالح لما فعلت بهذا، أرجوكم ماذا أفعل؟ أنا أتمنى لو أنني لست على قيد الحياة، فليس هناك سبب واقعي إن أردت أن أفسخ لأهله وأهلي، ولابد أن تحدث مشكلة معي من جميع الأطراف، وإن استمريت فأنا لست سعيدة أبدا! وهل أنا فعلا آثمة مما فعلته، وأني لست راضية بقضاء الله تعالى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله أن يوفقك في حياتك، ويهديك إلى الحق، وإلى ما فيه الخير والصلاح، اللهم آمين.
أشكرك على تمسكك بدينك، ومحاولتك أن ترضي ربك، وهذا خير كثير، أرجو الله أن يزيدك منه.
وبخصوص استشارتك ابنتي، فقد وضع ديننا ضوابط للاختيار، وبلا شك هي وحي من الذي يعلم الغيب وهو الله تعالى؛ لأنها تجلب السعادة لهذه الحياة، وهذه الضوابط في الاختيار هي الخلق والدين، ووفق ما جاء في رسالتك، فإن هذا الشاب ذو خلق ودين، وما دام كذلك فأرجو وبدون تردد قبول الخطوبة ثم الزواج، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم إن لم نقبل بذلك فستكون فتنة في الأرض وفساد كبير، إشارة إلى النتائج التي لا ترضي، كما قالت لك صديقتك.
أما بالنسبة لعدم قبولك له نفسيا، كقولك: إنك لم ترتاحي له، ولم تعرفي السبب، فأقول: إن هذا كله من وساوس الشيطان، الذي علم أن السعادة تكمن في هذا الزوج ذو الخلق والدين، فأراد أن يصدك عنه، كيف لا وهو بعد الزواج يعمل جاهدا أن يفرق بين المرء وزوجه، ويعمل جاهدا أن يحول دون إتمام هذا الزواج.
وعلاج ذلك أن تلجئي إلى الله بالصلاة والذكر وتلاوة للقرآن عند السحر، نعم عند السحر وقبل الفجر بساعة أو أكثر، ثم تبتهلي إلى ربك بالدعاء أن يزيل ما بك من كراهية لهذا الخاطب، وأن يجعل قلبك يطمئن له، وأن يغرس فيه حبه، وكرري ذلك، وفي نفس الوقت أقدمي فورا نحو خطوة الزواج، ولا تلتفتي لشواغل الشيطان.
ومن جانب آخر فإنك حتى لو لم تقبلي هذا الشاب إلا برا لوالديك فهذه النية –والله- كفيلة بأن تسعدك في حياتك، فلا تتردي ابنتي أبدا، ولا تنهزمي أمام الشيطان، فهو لا يحب الخير للمؤمن أبدا.
وأقول لك أخيرا: إن الكمال لله وحده، فكل إنسان فيه نقص، فإن اكتشفت في خطيبك جانب من جوانب النقص، فانظري إلى جوانب الكمال فيه، ثم اعملي على إكمال النقص، ولكن كل نقص يهون مع وجود الخلق والدين.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.