العصبية والتوتر والخوف والقلق والاكتئاب .. الأسباب والعلاج

0 589

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكل عام وأنتم بخير.

بارك الله هذه الجهود المبذولة وجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا أعاني من تراكمات من الأحاسيس المكبوتة منذ الصغر، ولحد الآن لا أستطيع التخلص منها، وتؤثر سلبا علي كلما وقعت تحت ضغوط أيا كانت الضغوط، سواء في مجال العمل أو البيت وفي الحياة عامة.

وهذه الأحاسيس والمشاعر تكونت عندي منذ الصغر جراء سوء معاملة أبي وأمي لي ولو بدون قصد، أي أنهم أساءوا التصرف بسبب جهلهم بقواعد التربية الصحيحة؛ مما جعلني أعاني حتى هذا السن من العصبية والتوتر والخوف والقلق والاكتئاب.

وأهم شيء أعاني منه هو سرعة الغضب، وخاصة عندما يكون هناك ضغوط حياتية، وكذلك أعاني من عدم نسيان الخطأ بسرعة لمن أخطأ معي؛ مما يؤثر سلبا على نفسيتي، حيث أنعزل وأبدأ أفكر سلبيا، وأتمنى الموت سواء كان من أخطأ أنا أو الآخر، أنا والله أتعذب ولا أعرف ما الحل؟
كيف أتخلص من رواسب الماضي التي تعيق تحسين علاقتي بالآخرين، وخاصة أهل بيتي الذين ما زالوا مصرين على نفس أخطائهم معي؛ فهذه طباعهم؟ وطالما هم كذلك لست أستطيع نسيان هذا الأمر والتواصل معهم.

وعلى فكرة نحن عائلة غير مترابطة، وليس بيننا أي لغة حوار ولا هم ـ أي أهلي ـ أجدهم يرغبون في الحوار.
هذا ولكم مني فائق الاحترام والشكر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الغضب والتوتر والعصبية هي من سمات الشخصية، وليس من الضروري مطلقا أن تكون ناشئة أو ناتجة عن خطأ تربوي أو سوء معاملة في الطفولة، فقد رأينا الكثير ممن عاشوا طفولة صعبة، وأصبحوا بفضل الله تعالى في مقتبل عمرهم وفي فترة الشباب وحين الكبر على أحسن ما يكون من ناحية الصحة النفسية والعكس تماما، فأرجو أن لا نحمل الوالدين مسئولية الشعور بالتوتر والعصبية.

السبب في مثل هذه الحالات غالبا يكون متعدد الجوانب، وأهم شيء أو أهم سبب هو الاستعداد الشخصي أي البناء النفسي للشخصية ذاتها.

المهم جدا في معالجة الغضب أن يبحث الإنسان عن أسبابه، وأهم سبب دائما للتوتر والقلق وحتى الغضب هو الكتمان وعدم القدرة على الإفصاح والتفريغ عما بداخل النفس، وعليه أرجو أن تعبري عما بداخلك، خاصة في الأشياء التي لا ترضيك، فعليك بالتعبير أولا بأول، وهذا إن شاء الله يؤدي إلى تقليل الغضب والتوتر والانفعالات الزائدة.

لقد أثبتت التجارب العلمية والأبحاث أن الأشخاص الذين يخرجون ما بداخل أنفسهم يقللون جدا من فرص احتقان النفس وتوترها.
فأرجو أن تمرني نفسك دائما على الإفصاح وإخراج ما بداخلها.

الشيء الثاني هو: دائما حين يكون الإنسان في لحظات صفاء عليه أن يحاسب نفسه قليلا، ويتذكر أن التسرع والانفعال والعصبية ليس أمرا محمودا، فمجرد التأمل الإيجابي في مثل هذه الانفعالات الغير مرغوب فيها يجعل الإنسان يتجنبها .

الطريقة الثالثة: هي أنه يمكنك أن تستفيدي كثيرا من ممارسة أي رياضة مناسبة للأنثى في مجتمعنا.

كذلك من السبل الجيدة أيضا والفعالة ممارسة تمارين الاسترخاء، وهنالك عدة طرق لهذه التمارين، أفضلها التمارين التي تعتمد على الاستلقاء في مكان مريح ثم غمض العينين وفتح الفم قليلا، وبعد ذلك ملأ الصدر بالهواء أو الشهيق على أن يكون ذلك ببطء شديد وقوة، ثم بعد ذلك يعقبه الزفير، ويكون بنفس الطريقة .

يكرر هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في الجلسة الواحدة، ويكرر مرتين إلى ثلاث في اليوم.

توجد أيضا تمارين استرخاء كثيرة جدا للعضلات، وهي تعتمد على التأمل، وأن يقسم الإنسان عضلات جسمه إلى مجموعات كعضلات القدمين مثلا، ثم الساقين ثم الفخذين، وهكذا حتى يصل إلى عضلات الرقبة والرأس، ويتأمل أنه في كل مرة يسترخي مجموعة معينة من العضلات .

يمكنك لتطبيق هذه التمارين بصورة أكثر دقة وفعالية أن تلجئي إلى أحد الكتب أو الأشرطة، أو حتى الاستعانة بأخصائية نفسية تساعد في التدريب على هذه التمارين.

لا شك أن العلاج الدوائي يلعب دورا فعالا في علاج الغضب والانفعال والعصبية، وكل أدوية الاكتئاب وجد أنها تفيد في علاج العصبية، كما أن هنالك أدوية معينة لعلاج القلق هي أيضا مفيدة، والدواء الذي أود أن أصفه يعرف باسم موتيفال، أرجو أن تبدئي في استعماله بمعدل حبة واحدة مساء لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم إلى حبة ثلاث مرات في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تبدئين في التخفيض التدريجي لهذه الحبوب، ويكون هذا التخفيض بمعدل حبة واحدة كل شهر.

من الأشياء الجميلة والتي تساعد كثيرا في إزالة الغضب أن نتقيد بما أتى في السنة المطهرة، أي بأن يتوضأ الإنسان إذا غضب، وأن يغير مكانه ...وهكذا .

هذه الأشياء يجب أن لا نجهلها، ويجب أن تكون نمطا لحياتنا، فهي مفيدة جدا.

أرجو الاطمئنان تماما أن هذه الحالة سوف تختفي وتنتهي بإذن الله، وعليك باتباع الإرشادات السابقة، كما أنه من المعلوم أن تقدم المرحلة العمرية، أو انتقال الإنسان من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى يساعده إن شاء الله في اختفاء التوتر والانفعالات الزائدة .

وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات