السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي في الله: أنا شاب اقتربت من الواحدة والعشرين من العمر، كنت ملتزما ومتفوقا دراسيا طوال سنوات عمري، محبا للإسلام والمسلمين، أما اليوم فأنا طالب في الجامعة في السنة الثالثة، أدرس الكيمياء، علما بأنني كنت أدرس الهندسة المدنية، لكني حولت التخصص.
اليأس اليوم يرافقني، والإحباط زاد عندي، أشعر بأني لن أكون أي شيء في هذه الحياة، وضعي الديني سيء، والنفسي كذلك، متقلب كثيرا، لا أثق بنفسي، ما عدت أندمج مع صحبتي ودراستي.
ولكن أتدري أخي أنا أحب فتاة، وأنا شديد التعلق بها، وعلاقتنا متوترة، أريدها كزوجة، أسرح كثيرا في حبي، وأرى منه المخرج من هذه الهموم.
مع العلم أني لن أستطيع الزواج منها حاليا؛ بسبب الدراسة، وعدم القدرة وأشياء كثيرة، حياتي اليوم كلها سواد، ما عدت أقوى على الحياة...
ساعدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ YAZAN حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يعنيك على استعادة ثقتك بنفسك، وأن يجعلك من الفالحين.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فكما لا يخفى عليك، أن دوام الحال من المحال، وأن تقلبات الزمان شاهدة واضحة للعيان، فهذا غني صار فقيرا، وهذا قوي صار ضعيفا، وهذا فقير صار غنيا، وهذا ذليل صار عزيزا، وهكذا مصداقا لقوله جل وعلا: (( كل يوم هو في شأن ))[الرحمن:29] حيث فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (يرفع أقواما ويضع آخرين)، وهكذا يا ولدي تسير الحياة، فأنت بالأمس القريب كنت ملتزما متفوقا، ثم تغيرت ظروفك، فأصبحت في حال عكس ما كنت عليه.
أقول لك يا ولدي رحمك الله، أعلم أن هناك من هو أعظم منك بلاء منك، إلا أنك لم تره، ولم تعرف عنه شيئا، وكما ذكرت لك هذه هي الدنيا، حيث يرفع مولاك أقواما ويضع آخرين، إلا أننا لا يجوز لنا أن نستسلم بحال من الأحوال، وأن نقول هذا قدر الله ثم ننام ونترك العمل والأخذ بالأسباب، لقد جعل الله لكل شيء سببا، ولكل مرض علاجا، ولكل داء دواء، وأمرنا أن نأخذ لكل داء ما يناسبه من العلاجات، بل وقال لنا رسوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
وهذا هو الإسلام، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، حيث طالبنا الشرع بضرورة الأخذ بالأسباب، وألا نستسلم للواقع مهما كان، وأن نعلم أن الحزن والتباكي لن يحل مشكلة أبدا، وأن الجوع لا تدفعه الدموع، وإنما كما قال مولانا: (( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ))[الملك:15]، وكونك غيرت تخصصك، هذا أمر بسيط، ويحدث لك ولغيرك، وليست هنا المشكلة، ودراسة الكيمياء ليست بأقل أهمية من دراسة الهندسة، إن لم تكن أهم منها، ولكن الذي يجب عليك أن تقف معه وقفة جادة، هذه الأعراض النفسية التي ذكرتها، حيث أنه لابد لها من سبب قطعا.
فأتمنى أولا: أن تبحث عن أسبابها، وعن بداياتها، وأن تحاول التركيز لتصل إلى جواب معقول وصواب، منذ متى؟ وما هي البداية؟ وما الذي صاحب هذه الحالة من أحداث؟ هل هي نتيجة معصية معينة، أو زيارة شخص معين أو مكان معين؟ لأن هناك احتمال أن تكون مصابا بالعين والحسد؛ نظرا لتفوقك الدراسي، وهذا وارد جدا، لذا أنصح بضرورة استعمال الرقية الشرعية، سواء رقيت نفسك بنفسك، أو رقاك أقاربك أو بعض الإخوة المشهورين في هذا المجال، مع ضرورة المحافظة على الأذكار عموما.
ثانيا : من الخطر أن تستسلم لهذه الحالة، أو أن تقنع نفسك بأنك مريض؛ لأن هذه النفسية الانهزامية ستؤدي إلى تمكن هذه الأشياء منك، وبذلك لن ينفع معك أي علاج، حاول ألا تستسلم؛ لأن هذه حرب يشنها الشيطان عليك حتى لا تكون مسلما متفوقا، تخدم الإسلام والمسلمين، واعلم أن اليأس أو الإحباط ما هو إلا وهم تمكن منك، حيث إن المسلم الفاهم لا يعرف اليأس أبدا، حتى وإن أصابه لا يستسلم له، وإنما يحرص على تغيير نفسيته وواقعه، ويأخذ بالأسباب، ويترك النتائج على الله .
ثالثا: حاول تغيير بعض أوضاعك اليومية، غير مكان نومك أو مذاكرتك أو الشارع الذي تمشي فيه، كذا الصحبة والأصدقاء، المسجد، المفسح، أدخل على حياتك برنامج إيمانيا، أكثر من قراءة القرآن، أكثر من الدعاء، احرص على صلاة الفجر، امش قليلا بعد الفجر في الهواء الطلق وأنت تذكر الله وتكثر من الاستغفار، اجعل لنفسك برنامجا رياضيا ولو خفيفا، استعن بدعاء الوالدين، خاصة أمك، وتأكد من أنك سوف تشفى قريبا بإذن الله، المهم ألا تستسلم.
وبالله التوفيق والسداد.