السؤال
أنا كنت مسيحية، وقد دخلت الإسلام منذ 7 سنوات، وتزوجت برجل مسلم، فقاطعني أهلي دون علمهم بأني دخلت الإسلام، ولكن لأن زوجي مسلم، ولي الآن 3 أولاد، وقبل 3 أشهر شدني الحنين إلى أهلي وذهبت إليهم واستقبلتني أمي وفرحت، ولكن مشكلتي هي أن أمي سألتني: هل أنت الآن مسلمة؟ فضعفت والله لأن الفراق هدني؛ وليس لأنني أريد أن أنكر إسلامي، وقلت لها: هذا موضوع نناقشه في وقت آخر.
سؤالي: هل أقول لها: إني أسلمت وترجع أيام الفراق؟ أم لا ضرر من الناحية الدينية في أن أخفي الأمر عنها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ بنت العراق الحر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فنسأل الله أن يحفظك، وأن يسدد خطاك، وأن يرزقنا وإياك الثبات حتى الممات، وأن يهدي على يديك الآباء والأمهات.
فاحمدي الله الذي هداك للإسلام وتفضل عليك بزوج مسلم وأولاد، فاحرصي على طاعته، وكوني قدوة صالحة لأهلك، واجتهدي في صلتهم ودعوتهم، وقد أعجبتني إجابتك للوالدة؛ لأن الصواب هو أن نتدرج في إبلاغها بالحقيقة، وأن نجتهد قبل ذلك في أن نظهر لها محاسن الإسلام، والتي منها الإحسان للوالدين حتى لو كانا كافرين، بل والمبالغة في إكرامهما، وإحسان الصحبة لهما، وطاعتهما في كل شيء، إلا إذا أمرا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولا يخفى عليك ما جاء في حديث أسماء رضي الله عنها حين قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (قدمت أمي وهي مشركة، أفأصل أمي؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: نعم. صلي أمك)، وقال تعالى: (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم ))[لقمان:15].
ولا داعي للتردد، فإن إجابتك السابقة وطلبك لتأجيل الموضوع يدل على أنك أسلمت، فاثبتي على إسلامك، واكسبي قلوبهم بأدبك وإحسانك، واعلمي أن كتمانك لإسلامك قد تترتب عليه بعض الأشياء، فربما حاولوا دعوتك لعمل بعض المحرمات، أو مشاركتهم في بعض المخالفات.
واعلمي أن شوقهم إليك، وحاجتهم إلى المصالحة أكبر من حاجتك، وأن الصدمة الكبرى لهم قد حصلت بزواجك من مسلم، فلا لوم على من تابعت زوجها على دينه وشاركته في طاعته لربه، وماذا كانوا ينتظرون منك بعد أن هجروك سبع سنوات؟
وإذا تكرر السؤال فاختاري الوقت المناسب للإجابة، وبيني لهم في كل لحظة محاسن الإسلام، الذي يوجب عليك الإحسان لوالديك، حتى لو خالفاك في الدين، وقابلي إساءتهم بالإحسان، وقطيعتهم بالوصال، وتطاولهم بالحلم وحلاوة اللسان، واعلمي أنك تستطيعين بإحسانك التأثير على الوالدين والإخوان والأخوات والجيران، فاستعيني بربك الرحمن، وتوكلي على مصرف القلوب الهادي لكل حيران.
واعلمي أنه لن ينفعك إذا أغضبت رب العزة إنسان، فقدمي طاعة الله، واثبتي على الإيمان، ونحن نشكرك على تواصك مع آبائك والإخوان، ومرحبا بك في كل حين وأوان، وحق لنا أن نفخر بفتاة اختارت رضا الرحمن، وفارقت لأجل الله الأهل والإخوان، ونسأل الله أن يثبتك على الإيمان، وأن يجعلك سببا لهداية أسرتك والجيران، وأن يجمعنا مع نبينا في عالي الجنان، وأن ينزل علينا شآبيب رحمته والرضوان.
وبالله التوفيق والسداد.