السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء على ماتقدمونه من نصائح ونفع الله بعلمكم.
لدي ابنة تبلغ من العمر الآن 5 سنوات ونصف، وتعاني من مشكلة لا أعرف في الحقيقة ما مدى هذه المشكلة، ولكن تكمن في ما يشبه الخوف؛ فذات مرة وكان عمرها 4 سنوات دخلت الروضة ولكنها كثيرا ما كانت تبكي حتى أنها بعد فترة جاءت من الروضة تبكي بكاء شديدا، فقلت لها: ما بك؟ فقالت: إن المعلمة قالت لها إذا بكيت مرة أخرى فسوف أفصلك من الروضة، فأخذتها وهدأتها ولم أرسلها مرة أخرى للروضة.
المشكلة الآن أنها مرة وقبل شهر من الآن أفاقت من النوم في منتصف الليل وهي تبكي بشدة وتقول لأمها: من أنت إنني أراك غريبة علي؟ أراك وكأنك (تكي وكي) شخصية كرتونية للأطفال؛ فأخذت أمها تهدءها حتى نامت، وعند الصباح سألتها أمها ماذا بك ليلة البارحة؟ ابتسمت وقالت: لا أعرف؟! ولكنني أراك وكأنك (تكي وكي).
مرة أخرى وكنا في طريق السفر سألتني: هل أنت أبي حقا؟ قلت: وما رأيك؟ قالت: أجل أنت أبي! قلت: ولماذا سألتي؟ قالت: هكذا أسأل!.
كذلك مرة أخرى بعد أن عدنا أنا وأمها من العمل وهي وأختها بالبيت عند العاملة قالت لأمها: إنني لما صحوت من النوم أحسست وكأن في يدي ورجلي مسامير، وقالت أمها: متى؟ قالت: هذه المرة، وأخرى حين ذهابي للروضة قبل سنة تقريبا! ومرة أخرى كذلك تقول: عندما صحوت من النوم كأنني أرى مع أشعة الشمس المنبعثة من النافذة أشياء! لم أكثر عليها الأسئلة وإنما قلت: خيرا إن شاء الله.
بالنسبة لشخصيتها ففيها نوع من الحساسية الخفيفة، والحرص على أختها خوفا عليها من السقوط، وإذا رأت مع أختها شيئا حادا أو خطرا فإنها تأتي لي أو لأمها تصرخ وتطلب النجدة خوفا على أختها وتخاف، أحيانا من العواصف والرياح.
أما بالنسبة للذكاء فإنها بقدر كبير من الذكاء، وشديدة الملاحظة كما أنني إذا ما استخدمت بعض الرموز مع أمها فسرعان ماتكشفنا وبنوع من الدهاء.
هي تحب القصص، وتحب اللعب والاختلاط مع الأطفال وتحب الخروج للتنزه بقوة، وتأكل بشكل طبيعي، أراها طبيعية في كل شيء سوى ماذكرته سابقا، وأراها طيلة الوقت طبيعية جدا.
أرجو من الله ثم منكم مساعدتي في معرفة ما إذا كانت مشكلة أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن هذه الطفلة –حفظها الله– تتمتع بقدر كبير من الذكاء وحسن الملاحظة كما ذكرت.
حقيقة السلوك من ناحية الخوف وخلافه الذي يبدر من الأطفال في بعض الأحيان، أو شدة الملاحظة، هو أمر مكتسب ومستجلب من المحيط الذي يعيش فيه الطفل، هذه حقيقة لابد أن نؤكد عليها، فإذن هذه الطفلة اكتسبت هذه الملاحظات الدقيقة من محيطها، ربما يكون من التلفزيون، أو مما تلاحظه مما يدور حولها من كلام وأفعال.
كما ذكرت، فإن مستوى ذكائها المرتفع جعلها تنظر للأمور بعمق أكثر، وتحاول أن تحلل المعلومة؛ فهي طفلة مستنبطة -إن شاء الله- ولها مقدرات كبيرة وعالية.
حقيقة استوقفتني الحادثة الأولى، وهي أنها حين أتت تبكي من الروضة ونسبة لما ذكرته لها المعلمة، أرى أنه كان من الأفضل بعد أن هدأتها وأسكنت روعها، فقد كان من الأفضل –في نظرك- ألا ترسلها للروضة مرة أخرى، بل العكس كان من الأفضل أن تترك الطفلة، أو حتى تذهب معها والدتها للروضة، وتستمر في الاختلاط ببقية الأطفال.
أرى أن بكاءها من الروضة أولا، أو حين أتت وتشتكي، هو في الحقيقة ربما يكون نوعا من الخوف من الفراق من أمان المنزل، وربما تكون المعلمة قد ذكرت لها شيئا، ولكن في نفس الوقت ربما لا يكون بنفس الحجم والقسوة التي ذكرت.
أرى أنك -بصورة غير مقصودة بالتأكيد- قد ثبت لها الشعور بالخوف، وذلك أن أبعدتها من الجهة التي ولدت لديها الخوف وهي الروضة في هذه الحالة، الشيء الصحيح هو أن تواجه المخاوف مهما كان مصدرها.
يما تقوله الطفلة من ملاحظات في أنها تستيقظ في أثناء النوم، وما ذكرته لوالدتها وما ذكرته لك، أرى أنه مجرد استنباطات استجلبتها واكتسبتها من محيطها كما ذكرت، فهي طفلة إن شاء الله جيدة الملاحظة، والذي أنصح به هو أن نتجنب بقدر المستطاع التعليقات التي ربما تؤثر عليها في حضورها، ويجب أن تشجع، ويجب أن تطمأن.
كما أنه يجب أن تعطى الفرصة بالاختلاط بالأطفال الآخرين، ويجب ألا تكون هنالك حماية مطلقة بالنسبة لها من جانب الأسرة، بمعنى أن هنالك الكثير من الأطفال يكثر التصاقهم بآبائهم وأمهاتهم إلى درجة التي تشكل حماية شديدة لهم، وهذا بالتأكيد يجعل الطفل يعبر عن مخاوفه مهما كانت قليلة، وذلك محاولة لاستدرار عطف الوالدين لمزيد من الحماية، وهذه العمليات الذهنية تتم بصورة غير مباشرة ولا شعورية.
إذن: أرجو أن أطمئنك يا أخي أن الطفلة إن شاء الله هي طفلة عادية ولكنها شديدة الملاحظة، ونسأل الله أن يحفظها، ونسأله تعالى أن ينمي ذكاءها ومقدراتها المعرفية الشديدة فيما هو مفيد، وبالتأكيد هي الآن في عمر المدرسة، وسوف إن شاء الله تشغلها الدراسة والاختلاط بأقرانها وتفاعلها معهم.
وبالله التوفيق.