المعاناة من ضيق واكتئاب بعد موت الوالد .. العلاج الشرعي

0 326

السؤال

منذ أيام فقدت والدي رحمه الله ولقد كان شخصا أحبه بشدة، المشكلة بأنني تأثرت كثيرا بحكم أنني عاطفي جدا، فأصبت بنوع من الاكتئاب والضعف، والاضطراب في النوم والنظر، والنسيان وعدم الانتباه في القسم.

هل من علاج روحي مع التفكير الإيجابي لحالتي بدون الذهاب لطبيب؟

وجزآكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لوالدك الرحمة والمغفرة، جميع موتى المسلمين.

أيها الابن الفاضل: الضيق والاكتئاب والشعور بالحزن حين يفقد الإنسان شخصا عزيزا عليه مثل والده، هو في الواقع عواطف وجدانية طبيعية، وقد قسم علماء النفس مراحل التفاعل مع مثل هذا الفقد إلى عدة مراحل، تبدأ غالبا بعدم التصديق بحدوث الفقد، ثم بعد ذلك مرحلة الكرب والتفاعل النفسي الشديد، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التصديق ومراجعة النفس، أي التصديق بحدوث الفقد ومراجعة النفس، ثم بعد ذلك تأتي المرحلة التنظيمية، أي أن ينظم الإنسان حياته مع عدم الشخص الذي كان يلازمه أو يعتمد عليه.

ولا شك أيها الابن الفاضل: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)، ونحن -والحمد لله- أمة مسلمة ونؤمن بالموت، ونؤمن به إيمانا صادقا، وأنه ممر العبور من هذه الحياة الدنيا إلى الحياة الأبدية، الدنيا دائما يجب أن تكون ضيقة في نظر المؤمن، ضيقة بمعنى ألا يعطيها الاهتمام الذي يعطيها لها المتكالبين على الحياة الدنيا، يجب أن نأخذ حظنا منها، وأن نجعلها مطية ومزرعة لآخرتنا.

أيها الابن الفاضل: الصبر هو الوسيلة، وعليك بأن تدعو الله بالرحمة والمغفرة لأبيك؛ أنت الآن عليك مهمة عظيمة اختصك الله بها، (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له).
إذن: أنت -بإذن الله- ذلك الابن الصالح الذي سوف تدعو لأبيك؛ إذن عليك مهمة وعليك مسئولية، وأنت مأجور عليها بإذن الله، لا تنسى هذا الدور، هذا إن شاء الله يذهب عنك الغم والحزن، وهو أمر عظيم.

وعليك أيضا أن تبدأ في تنظيم حياتك وتنظر لنفسك أنك عضو فعال في الأسرة، وأنه لابد أن تقوم بدور أبيك، تساعد من ساعد، وتفتح بيته، وتحفظ ودك وتواصلك مع أصدقائه، فهذا أيضا من البر، حين يفقد الإنسان عزيزا عليه لا يفكر في هذه الأشياء مرة في بعض المرات، ولكنها أشياء عظيمة ومهام كبيرة أن تدعو له بالرحمة، أن تقوم مقامه، أن تتواصل مع أصدقائه وتبرهم. هل يوجد أفضل من ذلك يوجد؟ لا أعتقد.

كما أن التزامك -إن شاء الله- بعباداتك وتقربك إلى الله، والابتعاد عن المعاصي والشبهات، ومصاحبة الأخيار، ووردك القرآني اليومي؛ كلها إن شاء الله هي المطمئنات والمثبتات والمقويات، عليك بها، وصدقني -أيها الابن الفاضل- أنك سوف تجد أن هذا الذي وقع بك من كرب وحزن على وفاة والدك قد انتهى، وعليك أن تدعو له دائما بالرحمة، وعليك أن تركز في دراستك، وأن تسلح نفسك حتى تصبح إن شاء الله من المبرزين.

لا مانع أبدا من أن تتناول أيضا دواء بسيطا لمدة بسيطة، أنت لست مريضا، ولست مكتئبا اكتئابا حقيقيا، إنما أنت تتفاعل تفاعلا إنسانيا وجدانيا عاطفيا طبيعيا، ولكن الدواء الذي أصفه لك -إن شاء الله- سوف يساعدك في تخطي هذه المرحلة، مع ما ذكرته لك من إرشادات، وهي الأهم.

الدواء يعرف باسم فلونكسول، وجرعته هي حبة واحدة من فئة نصف مليجرام، أرجو أن تتناول منه حبة واحدة في اليوم في الصباح لمدة شهر، ثم ارفعها لحبة صباحا ومساء لمدة شهر آخر، ثم أنقصها لحبة واحدة يوميا لمدة شهر ثالث، ثم توقف عنها.

أسأل الله لك الصبر والثبات، وأن يرحم والدك، وأن يرحم جميع المسلمين والمؤمنين، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات