السؤال
ابني يبلغ من العمر 11 سنة وهو عدواني في طبعه، ويسبب لي مشاكل كثيرة في المنزل والمدرسة، ولا يحب المدرسة حيث أنه غير اجتماعي، ويحب ضرب الأولاد والشجار، وليس لديه هدف أو طموحات كباقي الأطفال الذين في سنه عندما أراهم عند صديقاتي أو أقاربي، وهو قليل التعبير، وبطيء في الكلام، ويكره المدرسة، ويتمنى الموت دائما هروبا من المدرسة.
وأيضا يحب العمل المتعب والمرهق، فلديه طاقات عالية، وحركته زائدة، حيث أنه الثامن بين إخوته ولم أر طباعه عند إخوته، ولي بنت أصغر منه، وأخاف أن تأخذ من طباعه، وبدأت ألاحظ عليها بعض طباعه وهي تحب اللعب معه.
أرجو الاهتمام بمشكلتي لأن ذلك يسبب لي قلقا في حياتي.
فأرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الطفل إذا حرم من اللعب والحركة في طفولته الأولى أخرج تلك الرغبة في وقت متأخر، وسبب لأهله بعض المشاكل، وكذلك إذا حرم الجرعة الكافية من العطف والحنان أو شعر أن إخوانه يقدمون عليه، فما أحوج هذا الطفل إلى يد حانية تمسح على رأسه وتقبله وتمنحه الأمن والأمان وتدفعه إلى بيوت الله التي هي محاضن الإيمان ومراكز القرآن، ليكون في صحبة عباد الرحمن.
ولا شك أن اللطف أفضل من الضرب الذي ما ينبغي أن نستخدمه إلا بشروط وفي إطار ضيق، مع ضرورة أن يكون على قدر الذنب والخطأ، وأن يكون بعيدا عن أعين الأهل والزملاء، وأن لا يصاحبه توبيخ وصياح وضوضاء، وأن يكون القصد منه التأديب والتصويب لا الانتقام والتحطيم.
ولا يخفى عليك أن هذا الطفل يقف على أبواب مرحلة البلوغ التي من طبيعتها التمرد والعناد، ولذلك فلابد من تعاون بين البيت والمدرسة، مع ضرورة الاتفاق على منهج موحد في التربية والتوجيه، فإن الطفل يستغل الفجوات ويتضرر من الخلافات، ويضيع بكثرة المجادلات والخصومات؛ لأنه يهرب إلى الأسواق والشواطئ والطرقات.
كما أن أسلوب الحوار الهادئ ينفع معه، مع ضرورة توجيه تلك الطاقات إلى الخير، ونحن نتمنى معاملة هذا الطفل بالحسنى وقبوله ومحبته وعدم مقارنته بإخوانه، وذلك لأن كل إنسان له جوانب يتميز فيها، وليس التميز والنجاح محصور على النجاح في المدرسة، بل إن كثيرا من الناجحين والمبدعين والمؤثرين في الحياة كانوا فاشلين في بعض مراحل الدراسة، فإن النبوغ قد يتأخر ظهوره واكتشافه، ولكن النجاح لنا كآباء ومعلمين ومربين يكون في اكتشاف المواهب وتوجيهها إلى ما يرضى الله، وقد كان الخليفة المعتصم في صغره لا يحب الدراسة والعلم، وفرح جدا لما مات معلمه! حتى قال: لقد استراح من الكتابة، فقال له أبوه: أنت لا تريد العلم! فبعث به إلى الثغور والمعارك فخاضها وقادها، ولذلك استجاب لاستغاثة المرأة المظلومة وأدب الظالمين.
وأرجو أن تكثروا من الدعاء الصالح لهذا الطفل، فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، وننصحكم بالاجتهاد في عزل الطفلة عنه، واصطحابه إلى مواطن الخير والثناء عليه وعدم تعييره بالأخطاء القديمة التي وقع فيها، ولا تكثروا من الشكوى منه خاصة أمام الناس، فإن ذلك يكسر عنده حاجز الحياء، ويدفعه لمزيد من العدوان والشقاء، كما أرجو أن تشجعوه على كل خطوة إلى الأمام، واعلموا أن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله له الأولاد.
وبالله التوفيق والسداد.