كيفية تجاوز حالات الوسواس القهري والإقبال على الدراسة وتجاوز التعثرات فيها

0 554

السؤال

منذ أكثر من سنة وأنا أحاول أن أحصل تعليمي في الصف العاشر لكني عجزت، ليس لأني غبية؛ فقد أجريت اختبارا للذكاء، وكانت النتيجة جيدة جدا، وأيضا تحليلا شاملا للدم وسليمة ولله الحمد.

ولا أعلم ما الذي أصابني؟! فقلبي يؤلمني على حالي، فأنا لا أريد البقاء بدون تعلم، وبنفس الوقت لم أعتمد على الغش كوسيلة للنجاح عندما كنت أدرس، وزميلاتي سوف ينهين الثانوية العامة هذه السنة وأنا أمكث في البيت وأسمع التعليقات الجارحة من الآخرين.

أعجز عن المذاكرة وأحتاج لمدة ساعة أو أكثر لأذاكر صفحة واحدة من المادة، وليت المعلومة تبقى ليوم بل تختفي بعد ساعتين، طبعا كيف أراجع إن كان وقتي ضيقا وبالكاد أجده للمذاكرة.

علما بأني أعاني من الاكتئاب والوسواس القهري، وحالتي أحسن من قبل ولله الحمد، وأعاني من صداع فظيع بسبب المذاكرة، أنا أعلم بأن المذاكرة ليست بالبسيطة لكني أجدها عذابا وأشعر بالألم النفسي إن بقيت بدون تعلم سأجن، فأمي تتمنى أن أتعلم، وأبي كذلك، لكنه في بعض الأحيان يؤنبني ويقول لي: لو أكملت دراستك لكنت الآن موظفة، فماذا أفعل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أنك تعانين من مشكلة عدم الانتظام الدراسي، وعدم القيام بما تتطلبه العملية التعليمية من مذاكرة واجتهاد، وفي نفس الوقت تشعرين باللوم والشعور بالذنب في داخل نفسك نسبة لهذا التقصير.

بالنسبة للاكتئاب والوسواس القهري الذي ذكرته لا أعرف إن كان هذا التشخيص قد قام به الطبيب أو هو مجرد استنتاجات منك، فإذا كنت فعلا تعانين من اكتئاب نفسي ووسواس قهري فلا شك أن هذا سبب كافي لأن يضعف تركيزك وأن تقل رغبتك في الدراسة، ولابد أن يعالج هذا الاكتئاب وكذلك الوسواس القهري، وتوجد بفضل الله تعالى أدوية فعالة وممتازة لعلاج هذا الاكتئاب وهذه الوساوس.

من أفضل هذه الأدوية الدواء الذي يعرف تجاريا باسم (زولفت ZOLOFT) أو يعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال LUSTRAL) ويسمى علميا باسم (سيرترالين SERTRALINE)، وجرعته هي خمسون مليجراما يوميا بعد الأكل ليلا لمدة شهر، ثم يمكن أن ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة عام، ثم يمكن التوقف عن الدواء.

ويوجد خيار آخر ودواء آخر يعرف علميا باسم (فلوكستين FLUOXETINE)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك PROZAC)، وهذا أيضا من الأدوية الفعالة والممتازة جدا، وجرعته هي كبسولة واحدة (عشرون مليجراما) يوميا لمدة شهر، ويفضل تناول الجرعة بعد تناول الأكل، وبعد انقضاء الشهر ترفع الجرعة إلى أربعين مليجراما يوميا، وهذه يجب الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

فالذي أراه هو أنك يجب أن تتناولي أحد الدواءين إذا كان هناك اكتئاب ووسواس قهري مطابق للمعايير التشخيصية العالمية لهذين المرضين، وبعد ذلك تأتي أمور سلوكية كثيرة تساعد في مثل حالتك، وأهم هذه الأمور هي استشعار أهمية التعليم، الإنسان ينزعج ويخاف من الأمر الذي يجهله، أو الذي لا يقدره ولا يعطيه أهميته.

أنت عليك أن تضعي التعليم كهدف سامي، كأمر يجب أن يكون له أسبقيته الترتيبية في حياتك، واستشعارك لهذه الأهمية سيمثل أكبر دافع وأكبر حافز.

ثانيا: عليك بتنظيم وقتك، وتنظيم الوقت هو من الفنون الراقية جدا التي تجعل الإنسان يحس بالراحة والسعادة، واستثمار الوقت بصورة صحيحة هو مفتاح النجاح.

أفضل وقت للدراسة هو بعد صلاة الفجر، من يدرس لمدة ساعة واحدة بعد صلاة الفجر وقبل الذهاب إلى المدرسة في رأيي لن يحدث له أي تأخر أو تعثر دراسي، بل على العكس تماما سيكون من المتميزين والمتفوقين، فأرجو أن تتخيري وتتحيني هذا الوقت.

من الضروري أن تأخذي قسطا تاما من الراحة، وأن تمارسي أي نوع من الرياضة البسيطة في داخل المنزل، أن تروحي عن نفسك بأن تشاهدي بعض البرامج الجيدة والمفيدة، وقراءة القرآن في شكل ورد يومي، تذكر الإنسان وتحفز الإنسان وتريح الإنسان كثيرا، مصداقا لقوله تعالى: ((واذكر ربك إذا نسيت))[الكهف:24]، ومصداقا لقوله تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))[الرعد:28]، فأرجو أن يكون لك نصيبا من هذا.

أنصحك أيضا بأن تلجئي إلى الدراسة الجماعية مع زميلاتك متى ما كان هذا متاحا. وحين تبدئي في قراءة أي مادة يمكنك أن تغيري وضعك، كأن تجلسي مثلا لمدة عشر دقائق ثم تنهضي وتمسكي الكتاب بيديك وتقرئي بصوت عالي وأنت تتحركين بين أرجاء المنزل أو الغرفة، وهكذا، وكرري ورددي، ودائما تذكري أن هذا هو النجاح، وتذكري أن ملايين الطلاب والطالبات يقومون بنفس ما تقومين به، بل يمكن أن يكون جهدهم أكثر.

أنصحك أيضا بأن تكون لك مكتبة خاصة تحتوي على بعض الكتب البسيطة، الغير أكاديمية، فهذا أمر يجب أن لا يستغرب له؛ لأن اكتساب المعرفة والمهارة من المصادر غير الأكاديمية يساعد في العملية التربوية والتعليمية بدرجة كبيرة.

وعليك استشعار أهمية التعليم، هذا هو المنطلق والركيزة الأساسية التي تدفع الإنسان نحو المذاكرة والدراسة والمثابرة والنجاح، وختاما نشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات