الزواج من شاب مريض بالاكتئاب

0 634

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير على هذه الخدمة الجليلة، وبارك الله لكم جهدكم.

تقدم لي شاب علمت أنه عانى منذ طفولته من الاكتئاب، تقريبا من عمر 10 سنوات إلى فترة قريبة، أي إلى عمر 30 سنة تقريبا، وقد كان يتناول بعض الأدوية منذ صغره لعلاج الاكتئاب، والسبب في الاكتئاب هو وفاة والدته وهو صغير، سؤالي:

هل يؤثر تناول تلك الأدوية لهذه الفترة الطويلة على صحته؟ وأتساءل أيضا: هل يمكنني أن أغير تلك الحالة التي يعيشها وأعالجها؟ لأنني ولله الحمد إنسانة متفائلة بالحياة، ودائما أردد الكلمات الإيجابية، وهل يمكنني أن أعرف هل يسبب الاكتئاب أضرارا على النفس أو الغير؟

أثقلت عليكم بتساؤلاتي، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم، ووفقكم الباري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك لم تثقلي علينا أبدا، وسؤالك هو سؤال جيد وفي مكانه، فلا تكوني حساسة حيال ذلك.

بداية لابد أن نحترم خصوصية هذا الأخ الذي تقدم للزواج منك، وما سأقوله عن حالته بالطبع بناء على ما ذكرته في رسالتك حول حالته، والطبيب النفسي حتى يقدم نصيحة فاصلة في بعض الأمور يستحسن أن لا يكون عجولا، وأن تتاح له فرصة فحص الشخص، هذه هي الوسيلة الأفضل دائما لإعطاء النصيحة الدقيقة، لكن بالطبع لا توجد أي وسيلة نستطيع من خلالها أن نناظر هذا الأخ ونفحصه، وبناء عليه أقول لك إن الاكتئاب النفسي متعدد الأعراض، وهنالك عدة أنواع أيضا من الاكتئاب، (90%) منها تستجيب استجابة ممتازة جدا للعلاج.

أيتها الفاضلة الكريمة! ما دمت مطمئنة لهذا الشاب في خلقه وسلوكه، وتصرفاته العامة، فأنا أقول لك: اقبلي به على بركة الله، وأسأل الله تعالى أن يجمع بينكما على خير، وأقول لك: إن الاكتئاب النفسي في معظم الحالات لا يشكل أي إعاقة بالنسبة للإنسان، وكثير من مرضى الاكتئاب يعيشون حياة طبيعية، ويتقلدون المناصب، ويقومون بواجباتهم الأسرية والزوجية والاجتماعية، فأقول لك من حيث التشخيص ومرض الاكتئاب: ليس هنالك ما يمنع أبدا الزواج والإقدام على ذلك إلا في حالات نادرة جدا وهي حالات نسميها بـ (الاكتئاب الذهاني المطبق) وقطعا هذا الأخ – شفاه الله – لا ينطبق عليه هذا التشخيص، وما دام الاكتئاب النفسي كان أحد أسبابه هو وفاة والدته وهو صغير فيعرف تماما أن الحالات النفسية خاصة الاكتئاب إذا كانت هنالك مسببات واضحة لتسبيبها فدائما تكون الاستجابة للعلاج إن شاء الله ممتازة جدا.

الأدوية التي تناولها هذا الأخ لم تسبب له -إن شاء الله- أي ضرر، ومعظم الأدوية النفسية خاصة خلال العشرين السنة الأخيرة هي أدوية سليمة وفعالة جدا وآثارها الجانبية قليلة جدا، وأنا أؤكد لك -إن شاء الله- أن هذه الأدوية لم ولن تترك أي أثر سلبي على هذا الأخ.

بالنسبة لمساهمتك في مساندة هذا الأخ، بالطبع الزوجة الصالحة دائما تكون عطوفة ومساندة لزوجها، ولا شك أن الاستبصار وتفهم وضعه سوف يكون عاملا إيجابيا جدا في استمرار شفائه، ومنعا للانتكاسات المرضية، وأسأل الله تعالى أن يديم عليك هذا التفاؤل بالحياة وأن يسعدك مع هذا الأخ وأن يحقق لك كل ما تريدين في هذه الحياة الدنيا وأن يكتب لك الخير، وأسأل الله تعالى لك أعلى الجنان وأن يحفظك، وأقول لك حاولي دائما أن يكون لك تصور إيجابي عن نفسك، فهذا يدعم هذا التفاؤل والتوجه الجيد في حياتك.

بالنسبة للسؤال الأخير وهو: هل يسبب الاكتئاب أضرارا على النفس أو على الغير؟ أقول لك: إن حوالي عشرة إلى خمسة عشرة بالمائة من مرضى الاكتئاب الشديد ربما تأتيهم أفكار انتحارية، والبعض بالطبع يقدم على الانتحار أو محاولته بكل أسف، ولكن بفضل الله تعالى هذا يقل جدا، ونادرا ما نشاهد هذا بين المسلمين، فنحن فينا بفضل الله تعالى الترابط الأسري والعقيدة السمحاء وهذا يقلل بشكل واضح – وهذا الكلام مثبت بأبحاث علمية – من حدوث أي أضرار على النفس بالنسبة لمرضى الاكتئاب، كما أن مرضى الاكتئاب مرضى مسالمين جدا، ولا يقومون بإيذاء الغير، فأرجو أن تطمئني تماما من هذه الناحية ونشكر لك ثقتك وتواصلك مع استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات