العوامل المساعدة على الحفاظ على استمرارية الصداقات

0 386

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مشكلتي أن صداقاتي لا تستمر لأكثر من أشهر، والسبب مني، فأنا أمل من صديقاتي وأشعر بأنهن لا يناسبنني فأنسحب وأتهرب منهن بكل الطرق، رغم أنني بذلت الكثير في سبيل عقد صداقة معهن، إذ أنني أشعر في البداية أن صديقتي هذه التي تعرفت عليها هي أفضل ما حصلت عليه، وحقا لا أرى فيها إلا محاسنها، لكنني ما ألبث أن أنفر منها لسبب من الأسباب، سواء لأخلاقها أو تصرفاتها أو طريقة كلامها ومحتواه أو لأسباب غير موجودة حتى ..!!

مرت علي الكثير من الصداقات التي كان يضرب بها المثل في الوفاء والإخلاص في أول مراحلها، لكنني أشعر أنني لا أستطيع المواصلة في هذه الصداقة لسبب ما، وحتى لو لم أجد سببا مقنعا فإنني أتهرب أو ألمح للتي معي بأنني لا أريد محادثتها مرة أخرى.

إلى الآن لم تستمر معي صداقة لمدة طويلة سوى واحدة 3 سنوات، رغم محاولاتي العديدة لإنهائها لكن صديقتي لم تقتنع بأي عذر قلته لها، بطبيعة الحال أعذاري لها تتمحور حول أنني لست صديقة كفئة لها ومن هذا القبيل. أعلم أنها صديقة مخلصة ووفية وبها كل الصفات التي تجعلها الصديقة المثالية، لكنني لا أعلم ما الذي يحصل لي وأنفر من صديقاتي لدرجة أني لا أرغب بالنظر فيهن.. !!

صديقتي هذه التي استمرت صداقتي بها للآن دعوت الله في الكثير من الأحيان أن يبعدني أو يبعدها عني إذا ما كانت صداقتنا لا ترضيه -لأنني تعلقت بها بشكل غير طبيعي- لكنني أتفاجأ دائما بتوطد صداقتنا أكثر فأكثر. رغم أنني انتهزت جميع أوقات الاستجابة وموجباتها لكن هذا ما يحدث. فأي خير عظيم يمكن أن تجلبه صداقتنا؟ أم هل دعائي أنا غير مستجاب -حاشى لله لأنه دائم الاستجابة لدعواتي كلها والحمد لله- لكن ما الذي يحصل معي هنا؟؟ هل من طريقة أسوي بها سلوكي وعواطفي حتى تستقيم ويباركها لي الله لتستمر بدون نفور مني أو تهرب ؟؟ أنا حقا لست أفهم نفسي وما الذي يحصل معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ناجحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيسرنا أن نرحب بك أيتها الأخت الكريمة في موقعك استشارات إسلام ويب، وما تشتكين منه من انقطاع صداقاتك وعدم استمرارها أمر جدير بأن تبحثي في علاجه، ونحن نشكر لك ثقتك فينا لمساعدتك في الخروج من هذا السلوك، ورأينا أيتها الكريمة أن علاج هذه المشكلة كامن في معرفة أسبابها، فبمعرفة السبب بدقة يسهل العلاج، ويغلب أن يكون السبب في انقطاع هذه الصداقات هو عدم إدراك الثمرة من ورائها، وقد يكون السبب هو الشعور بالنقص عن الآخرين أو وجود ما يخشى الشخص من الآخرين الاطلاع عليه، وعلاج هذه الأسباب كفيل بجعل الشخص يحرص على الاستكثار من الإخوان والأصدقاء.

أما السبب فمن السهل مداواته بتذكر المنافع والفوائد التي يجنيها الإنسان من وراء صداقاته، إن منافع التآخي في الله وتبادل المحبة فيه كثيرة متعددة، لكن ينبغي لنا أن نجاهد أنفسنا لتكون مودتنا للآخرين ومؤاخاتنا لهم من أجل الله، أي أن نحبهم لطاعتهم لله ويكون حبنا لهم بقدر ذلك، وهذا عمل عظيم تترتب عليه فوائد جمة في الدنيا والآخرة، فمن ذلك أن محبة الآخرين هذا النوع من المحبة والتواصل معهم سبب لمحبة الله تعالى للإنسان كما دل على ذلك الحديث النبوي فقد رصد الله أحد الملائكة على طريق إنسان يريد زيارة أخ له في الله فأخبره الملك بأن الله يحبه كما أحب هو هذا الصديق.

ومن ذلك أن هذه الصداقات سبب لتحصيل دعاء هؤلاء الأصدقاء لاسيما بظهر الغيب، وهذا النوع من الدعاء مستجاب وتؤمن عليه الملائكة، كما أن الأصدقاء هم من أفضل ما يتسلح به الإنسان لأوقات الشدائد كما قال بعض الصالحين: (استكثر من الإخوان فإنهم زين في الرخاء وعدة في البلاء).

هذه بعض المنافع في الدنيا، أما المنافع في الآخرة فكثيرة جدا، منها أن ينال الإنسان إكرام الله تعالى له يوم القيامة على رؤوس الناس، فإن المتآخين في الله يظلهم الله تعالى في ظله يوم القيامة، ويجلسهم على منابر من نور يغبطهم عليها النبيون والصديقون، ثم قد ينال الإنسان شفاعتهم له بتخفيف العذاب عنه إن عذبه الله أو نجاه من العذاب، وبهذا كله وردت الأحاديث الصحيحة.

إن معرفة هذه الثمار وتذكرها دائما يبعث في النفس الحرص على الاستكثار من الأصدقاء، فنوصك أيتها الأخت الكريمة بإدامة مطالعة الأحاديث النبوية الواردة في فضل المؤاخاة في الله والحرص على أن تتحري من الصديقات من يكثر صلاحهن، وبهذا ستجدين لذة لهذا النوع من الصداقات وسيعسر عليك قطعها، أما إن كان الباعث على التهرب من صديقاتك هو شعورك بأنك لا تصلحين صديقة لهن فهذا مجرد وهم لا حقيقة له، فإنك بشر كغيرك من البشر إن كان فيك بعض السلبيات فكل الناس كذلك لا يخلو أحد منهم من عيب ونقص، ولو كان الإنسان لا يصادق إلا إنسانا كاملا لما وجد منا صديق، فالصديقات الصالحات سيحببنك على ما فيك من النقص، لأنهن يدركن أنهن يشاركنك في هذا أيضا، وحال صديقتك هذه التي ذكرت من حالها ما ذكرت أكبر دليل على ذلك.

فنصيحتنا أيتها الفاضلة أن تعرضي عن هذا النوع من حديث النفس لك وتقبلي على التواصل مع زميلاتك وصديقاتك، وتذكري دائما أنك بذلك تؤدين عبادة جليلة تتقربين بها إلى الله تعالى إذا نويت هذه النية الحسنة، وفقك الله لكل خير ويسره لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات