السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستشيركم في اختيار تخصصي الدراسي الجامعي، فميولي تجاه علوم الحاسوب، إلا أن هناك بعض الأصدقاء وكذا بعض مشايخي ينصحونني بالطب لكون حاجة المسلمين للطب أكثر من علوم الحاسوب.
علما بأني ليس لدي أي خلفية عن الطب من ناحية موادها الدراسية، إلا أني سألت بعض من يدرسون الطب، فمنهم من قال لي بأنها صعبة، ومنهم قال لي بأنها ليست صعبة ولا سهلة لكن دراستها مكثفة، ويحتاج جهدا من الطالب، وقد بدأ رأيي يميل نحو الطب؛ لأني أحب أن أخدم المسلمين وأغنيهم عن الذهاب إلى بلاد الكفار، خاصة الفقراء، لكني متخوف من الفشل فيها؛ فدراستها طويلة - تقريبا ست سنوات - ومكثفة، فبم تنصحوني؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد الزوقري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن دراسة الطب تحتاج لأن يكون الإنسان أولا لديه الرغبة في دراسة الطب، ثم الطب يتطلب الاجتهاد ولا شك في ذلك، ولاشك أن مواده أكثر ومكثفة، وتتطلب أيضا أن يدير الإنسان وقته بصورة ممتازة، بمعنى أن الإنسان لا يمكن أن يبتعد عن المذاكرة لفترة طويلة أو حتى قصيرة، وبعد ذلك يقول أنا أدرس أيام الامتحانات، هذا ليس جائزا أبدا ليكون الإنسان طبيبا ناجحا؛ لأن العلوم الطبية هي علوم تراكمية، وإذا فات الإنسان أي شيء منها فقد يصعب عليه اللحاق بها وتداركها.
وخلاصة الأمر أن نقول لك أن الطب هو جيد، ومثله مثل العلوم الأخرى، فقط يتطلب الرغبة، يتطلب الدافعية، يتطلب أن يكون الإنسان منظما لوقته وحريصا على النفع به، وأعتقد أنه ليس هنالك صعوبة بالنسبة لك في ذلك، وكل مجال من مجالات العلم والدراسة تتطلب الاجتهاد.
يجب أن لا نستصغر أي نوع من التخصصات أو المواد، وفي نفس الوقت لا نبالغ أيضا في صعوبة المواد الأخرى والعلوم الأخرى، فالأمر يقوم على الرغبة، على الالتزام، على أن يكون للإنسان هدف، وإذا كان هناك هدف فيجب على الإنسان الوصول إليه.
ولابد أن أنبهك لأمر هام في موضوع الطب: وهو أن الطبيب بعد أن يتخرج من كلية الطب ويقضي فترة ست سنوات في الكلية وبعد ذلك يعمل في فترة الامتياز، والتي هي امتداد للطلابية، وهذه الفترة هي من سنة إلى سنتين حسب النظام المتبع في الدولة التي سوف تدرس فيها أو تعمل فيها، وبعد ذلك لابد من الدخول إلى عالم التخصص؛ لأن الطب العمومي لا فائدة فيه الآن، لا أريد بذلك أن أبخسه أو أقلل من قيمته، ولكن التخصص هو المهم، وهذه رحلة أخرى قد تطلب أربع أو خمس سنوات على الأقل، وبعد أن يأتي التخصص يأتي هنالك الحاجة للتخصص الدقيق، وهذا أيضا الآن أصبح مطلوبا في الطب.
ولا أريد أن أصعب عليك الأمر، لكنها رحلة طويلة ولا شك أنها مفيدة، فإذا كان لديك الاستعداد أن تقوم بهذا الأمر فلا مانع في ذلك، وأشكر لك محبتك لخدمتك لإخوانك المسلمين، ولكن أقول لك أيضا بتعلم علوم الحاسوب أو ما ترغب فيه يمكن أن تقدم خدمة جليلة للمسلمين ولهذه الأمة الإسلامية، فقد تصبح مخترعا في يوم من الأيام، أو قد تضيف إضافات جديدة في هذا العلم، أو قد تهيئ على يدك التحكم في هذه المواقع الإباحية وغيرها.
فإذن: في كل تخصص هناك الكثير والكثير والكثير الذي يمكن أن يقدمه الإنسان لأمته، وأريد أن أطمئنك الآن أن عدد الأطباء في تضخم وفي أعداد هائلة جدا، لكن المهم هو رغبتك، فإذا كانت رغبتك الأكيدة هي في الحاسوب فاتجه نحو ذلك، وإذا كنت تريد أن تتحمل هذه الرحلة الطويلة في طلب ودراسة الطب فهذا أيضا إن شاء الله فيه خير وبركة.
وعليك أيضا أن تراعي النماذج العلمية والدراسية الأخرى في أسرتك، فإذا كان هناك طبيب أو طبيبان في الأسرة فلا داعي أن تدرس الطب، والعكس صحيح، إذا كان هنالك حاجة أسرية أيضا غير حاجة الأمة فهذا أيضا شيء يجب أن يقدر.
وختاما: نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والنجاح والتميز فيما تريد.
وبالله التوفيق.