السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أما بعد: أعاني من مشكلة، وهي أن أهلي بالمنزل يتهمونني بالمرض النفسي، وأنني إنسانة لا أطاق ولا أعاشر، مع العلم بأن حياتي مع صديقاتي غير ذلك، كما أنني من عائلة محافظة، وقد فكرت مرارا وتكرارا بالهرب من المنزل كي أدعهم يرتاحون، ولكني نظرت مرة أخرى ووجدت بأنه ليس من المنطق فعل ذلك.
وأنا أدرس بالجامعة ولم أذهب لأنني أبكي بسبب هذا الموضوع، وقد سبب لي الكثير من التوتر، والآن اثنين من إخواني وأمي لا يتحدثون إلي، وهم يظنون بأنني مجنونة.
أريد المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن نظرة أهلك نحوك واتهامهم لك بالجنون يحتاج إلى مزيد من التفسير والاستقصاء والتقييم والتقويم، بمعنى آخر: يجب أن نسأل: لماذا يقوم أهلك بهذا الاتهام؟ ومن وجهة نظري أيتها الفاضلة الكريمة يجب وبهدوء شديد أن تجلسي مع والدتك جلسة خاصة وتقولي لها: يا أمي! لماذا أنت وإخوتي تعتقدون أنني أتصرف تصرف الإنسان المجنون؟ وحاولي أن تحددي معها تصرفات معينة بدرت منك جعلتهم يعتقدون هذا الاعتقاد، ومن خلال ذلك يمكنك مناقشتهم –أعني مناقشة والدتك– وما هو الذي دفعك نحو التصرف غير المقبول بالنسبة لهم.
الأمر في غاية البساطة، فأنت ذكرت كلاما طيبا أنك لا تريدين أن تخرجي من منزل الأسرة، وهذا بالطبع هو الأمر المهم، الذي يليق بك وبأسرتك هو أن تكوني مع أسرتك، وهروب البنات لا يجوز أبدا، وأنت والحمد لله تعالى من أسرة محافظة، فأعتقد أنه بشيء من الصبر من جانبك وبشيء من الحكمة واللطف مع والدتك تستطيعين أن تعرفي نوعية هذه التصرفات غير المقبولة بالنسبة لهم، والتي جعلتهم يعتقدون أنك غير سوية.
وأريد أن أنبهك أننا في مرات كثيرة ربما نتصرف تصرفات تكون صحيحة من وجهة نظرنا، ولكنها غير مقبولة من وجهة نظر الآخرين، وبشيء من التعديل البسيط وبلفت النظر من جانبهم تستطيعين -إن شاء الله- أن توقفي هذا التصرف الذي اعتبروه غير مقبول، وإن كان هذا التصرف قد يكون صحيحا، أنا لا أعني مطلقا أنني أوافق والدتك وإخوانك فيما ذهبوا إليه، ولكن الحل الوحيد هو الحوار، النقاش، اكسبي جانب والدتك، وبعد ذلك إن شاء الله سوف تحمل والدتك الفكرة والرسالة الإيجابية عنك وتوصلها لإخوانك، ومن ثم تكون هناك ألفة فيما بينكم، ويجب أن تسعي دائما للقيام بالأعمال والتصرفات التي تحبب إخوتك فيك، كوني ذكية، كوني لبقة، يجب أن تكسبي جانبهم، هذا مهم وضروري جدا.
والأمر الثالث: هو أن تكوني فعالة في مشاركتك لأسرتك، فعلى سبيل المثال: رتبي مع والدتك المنزل، قومي مثلا بإعداد وجبات بسيطة لإخوانك، قدمي لهم كوبا من الشاي، من القهوة، العصائر، هذه أشياء بسيطة جدا تجعل هؤلاء الإخوة يعتبرونك إنسانا جيدا وفعالا، وأن يغيروا من مفاهيمهم نحوك.
ولا تنزعجي أبدا لما يقولون، ولكن مناقشة الوالدة من وجهة نظري ضرورية؛ لأن الأم هي دائما بيت الحكمة، وهي ملاذ البنت، هذه حقائق لابد أن نعترف بها، ونحن نثق تماما أن أمك تريد بك خيرا، وأنت يجب أن تكوني ذكية وتخترقي فكر والدتك، وتكوني مقربة ومحببة لها، ولا تنفري حتى لا يتكون حلف ضدك داخل المنزل، وهذا الحلف من الواضح أنه قد تكون من أمك وإخوانك، وعليك أن تخترقي هذا التحالف غير المقصود، يجب أن تخترقي هذا التحالف بذكاء وبروية وذلك بأن تحاوري والدتك، أن تناقشيها، أن تحاولي أن تصححي مسارك، وألا تفرضي قيمك الخاصة على إخوانك وعلى والدتك، وكما ذكرت لك: يجب أن تسعي لأن يكون لك وجود فعال في داخل الأسرة، وعليك بالاجتهاد في دراستك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.