المخاوف المكتسبة وعلاجها

0 524

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعمل في مكان بعيد عن منزلي، وكنت أقود السيارة دون مشاكل، وأصبحت على هذا الوضع لمدة أربع سنوات، وتزوجت وانتقلت إلى مكان قريب من منزلي، وفجأة أصبحت أخاف الأماكن الواسعة، وأيضا السرعة.

ذهبت إلى طبيب وأعطاني (سيبرالكس واولابكس) بعد أن تحدث معي في الماضي، ومعاملة أبي القاسية دون أسباب! وحالة الانطوائية التي أفضلها، ولكن بعد شهرين من العلاج لا أستطيع أن أجزم بأنه أحدث مفعولا، فلا زلت في كل مرة أركب السيارة، وأخرج خارج المدينة، أشعر بالخوف وضربات قلبي السريعة، ورجفة، وأريد أن أعرف ما هو الحل والعلاج الأمثل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي تعاني منه هو نوع من المخاوف المكتسبة، والمخاوف في جلها تكون ناتجة من خبرات سلبية سابقة، فربما يكون قد حدث لك موقف ما، جعلك تخاف من السيارة وقيادتها، وربما يكون الأمر مرتبطا بحادث سير شاهدته أو رأيته أو سمعت عنه، أو أي رابط آخر، بمعنى آخر: الذي أود أن أقوله لك إن هذا الخوف هو خوف مكتسب، ونتج عن حدث ما، حدث لك.

وبعد ذلك أوردت في رسالتك أنك أصبحت تخاف من الأماكن الواسعة أيضا، وهذا نسميه برهاب الساحة، ووجود مثل هذا النوع من الخوف ليس مستغربا؛ لأن المخاوف قد لا تكون على وتيرة واحدة، فقد تكون متنوعة، ومختلفة ومتشابكة، وقد تتغير، وقد يظهر نوع من المخاوف ويختفي ثم يظهر نوع آخر، وهكذا، وهي كلها ناتجة من قلق نفسي وليس أكثر من ذلك.

بجانب العلاج الدوائي هنالك العلاج السلوكي وهو مهم جدا وفعال جدا، وأول شيء في العلاج السلوكي هو أن تحسن من مستوى استبصارك حول حالتك، وتصحح من مفاهيمك، وهذا يتم من خلال الإدراك التام أن هذا نوع من القلق، وليس أكثر من ذلك، هذا خوف غير مبرر، وأنت حين تصل إلى قناعة أن هذا الخوف غير مبرر يجب أن تتجاهله ويجب أن تحقره ولا تستسلم له، هذا مبدأ سلوكي مهم جدا أيها الفاضل الكريم.

إذن المطلوب منك أن تحاور نفسك، وأن تناقش نفسك، وأن تقارن نفسك بالآخرين، (ما الذي يمنعك من أن تقود السيارة، وأنت كنت تقودها في يوم من الأيام، وهذه السيارة نعمة عظيمة أنعم الله بها علينا) وهكذا، عش هذا الحوار الداخلي النفسي بتركيز، وإن شاء الله سوف تبني قناعات جديدة، أن هذا القلق وهذا الخوف يجب أن لا يسيطر عليك، ويجب أن لا يعطل حياتك.

النقطة الثانية: هو أن تعرض نفسك، فالعلاج الرئيسي للمخاوف هو التعريض، فما دمت تخاف مثلا من الأماكن المتسعة، فعليك أن تكثر من الخروج من البيت وتذهب لزيارة الأصدقاء، لزيارة الجيران، اذهب إلى المسجد، اذهب إلى الأسواق، وفي نفس الوقت تخاطب نفسك داخليا.

لا بد من أن تنقل عواطفك وفكرك للمواقف، وتقول (هذا الفكر الاستحواذي السالب لن يسيطر علي بعد الآن، ما الذي يجعلني أخاف؟ هذه فكرة سخيفة جدا)، وهكذا تطبق يوميا هذه المواجهات، طبقها بهدف العلاج حتى وإن لم تكن هنالك أسباب تدعوك لأن تذهب إلى السوق مثلا، فحاول أن تقصد وتذهب يوميا إلى السوق، وذلك بهدف التفاعل الاجتماعي، الذي هو من الأسس الضرورية جدا لعلاج هذا النوع من الخوف.

أنصحك أيضا بأن تطبق تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء جيدة جدا، ويمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو تتواصل على الأخصائي الذي وصف لك الدواء، وسوف يدربك على هذه التمارين، وحاول أن تمارس الرياضة، وأكثر من التواصل الخارجي بصفة عامة، وهذا مهم جدا، ويمكن من خلال الأنشطة الشبابية أو الانضمام إلى الجمعيات الخيرية، أو الذهاب إلى حلقات التلاوة، هنالك طرق كثيرة جدا لتطوير المهارات الاجتماعية، يتم من خلالها القضاء إن شاء الله على هذا النوع من الخوف.

عليك بالنسبة للسيارة وقيادتها، أن تقود أربع إلى خمس مرات في اليوم لمسافات قصيرة جدا، وذلك بهدف العلاج، وحين تجلس في السيارة وتمسك مقود السيارة خذ نفسا عميقا بطيئا، وبعد ذلك ابدأ في تشغيل السيارة، ثم قم بإغلاقها، وخذ نفسا عميقا مرة ثانية، وبعد ذلك قم مرة أخرى بتشغيل السيارة، ومن ثم انطلق لمسافة قصيرة، واتل دعاء الركوب بتركيز، ردده كلمة كلمة وأنت على يقين أنه فعلا ميسر لأمرك، ومسهل لقيادة هذه السيارة، كرر هذه التمارين، وأعتقد أنك سوف تتخطى إن شاء الله هذه العقبات النفسية بصورة جيدة جدا.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فالسبرالكس جيد جدا، ولكن الدراسات تقول إن السيرترالين والذي يعرف باللسترال أو زولفت ربما يكون هو الأفضل، ولذا يمكنك أن تتواصل مع طبيبك، ويمكن أن يغير لك العلاج الدوائي، ينقلك من السبرالكس والأولبكس إلى المودابكس.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات