الإجهاد النفسي والأعراض الظنانية .. نظرة طبية

0 468

السؤال

الاستشارة تتعلق بحالة أخي الذي سافر لإكمال دراسته في دولة أجنبية، وحصل على الماجستير، وبعد عودته حصل على وظيفة في شركة مرموقة جدا، أخي يعاني منذ أن كان في المرحلة الجامعية من الصدفية، وهي تغطي 75-85% من جسمه، وعمره 28 سنة، عمل في هذه الشركة في مدينة أخرى لمدة 5 أشهر، لم يكن مرتاحا، وكان يلمح إلى أن علاقته بالمدير غير مستقرة، ثم قرر ترك الوظيفة، مر ما يقارب سنة و4 أشهر منذ أن ترك العمل، كان يفكر بالعمل الحر والزراعة، ويرفض التقديم على الوظائف، بحجة أن بيئة العمل في الدولة غير مناسبة.

بعد عودته، وخلال عمله، كان دائم النقد والتوجيه لكل أفراد الأسرة، لمحاولة تغير العادات الغذائية والسلوكية، يلاحقهم فردا فردا، وعنده أسلوب في الإقناع، ولكن مع الإلحاح بدأ الكل ينفر من تدخله وإلحاحه، من خلال تصرفاته وعن طريق البحث والسؤال، تبين أن لديه ما يسمى بالبانورايا، وهو حاليا يعاني من القلق، وقلة التركيز، والشك، ويشكك في كل تصرف وكل شخص، شهيته ضعيفة، ويعاني من النحافة، معظم الوقت شارد الذهن، ولا يكمل أي جملة، منغلق على نفسه، دائما يقول أنه خائف علينا، وكأن هنالك من يحيك لنا المؤامرات، كل من في المنزل متأثر بسبب حالته، تحول من شخص نشيط ذكي، محلل، صاحب نكتة، اجتماعي، إلى إنسان غريب الأطوار!

سؤالي: -ومعذرة على الإطالة- كيف نتعامل معه؟ وكيف نقنعه بالذهاب إلى طبيب نفسي؟ نحن وفي أكثر من مناسبة، وخصوصا بسبب الأرق وقلة النوم، عرضنا عليه ذلك ولكنه رفض.

أريد خطوات عملية بحيث أصل إلى نتيجة معه، نحن نحاول أن لا نتصادم معه، نؤيده، مع محاولة تصحيح المعلومة، أرجو منكم المساعدة؛ لأنه ليس أصعب من أن ترى شخصا مثله يصل إلى هذه المرحلة، ولكم جزيل الشكر والامتنان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zahra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلقد أعطيت وصفا طيبا لحالة أخيك، نسأل الله له الشفاء والعافية، ومن المعطيات المتوفرة نقول إنه بالفعل يعاني من حالة ظنانية أدت إلى الإجهاد النفسي الذي حدث له، وهذه الحالات يمكن علاجها بواسطة الأدوية، وكذلك بعض الإرشادات التي يقوم بها الأطباء.

أتفق معك أن معظم هؤلاء الناس يصعب إقناعهم بالذهاب إلى الطبيب؛ لأن أحد سمات الأمراض الظنانية افتقاد البصيرة وعدم الاقتناع بأن الشخص مريض، ومن المناهج الطيبة التي قد تقنع الإنسان هو أن يفكر ويتفاهم معه شخص واحد، وليس كل أفراد الأسرة، وأن يكون هنالك تحين، والاستفادة من لحظات يكون فيها حسن المزاج، والشخص الذي يتحدث معه يتكلم أولا عن إيجابياته وعن مآثره، وأنه شخص فعال، وأنه مشفق على الأسرة، وكل المميزات والخصائص الطيبة التي ذكرتها في الرسالة، وبعد ذلك يضاف له، ولكننا لاحظنا في الآونة الأخيرة منه بعض الحساسية النفسية، ويظهر أن ذلك قد أدى إلى شيء من الإجهاد النفسي لديك، وهذا بالطبع جعلك تكون أكثر شفقة على الآخرين، لدرجة أنك تنسى نفسك، فلماذا لا نذهب ونأخذ مشورة من أحد الأطباء والطبيبات المعروفين؟!

أعتقد أن مثل هذا المنهج قد يكون مقبولا، والطبيب الجيد يستطيع بعد ذلك أن يقنع هذا الأخ بضرورة وأهمية العلاج، المهم في الأمر هو أن يتفاهم معه شخص واحد، وأن يكون هذا الشخص ذا تأثير عليه، وليس من الضروري أن يكون الشخص الذي يتحدث معه هو الأم أو الأب أو الأكبر، ونحن نعرف أن بعض الناس كثيرا ما ينصاع لشخص قد لا نضعه في الحسبان، فقد يقدر رأي طفل ويأخذ بذلك الرأي، فإذن: تخير من يفكر معه، ولابد لهذا التفكير أن يكون في صورة فيها شيء من الكياسة، حتى لا نجرح مشاعره أو نربط ذلك بالوصمة النفسية، هذا هو الأسلوب الأفضل، وهذا هو الأسلوب الجيد من وجهة نظري لإقناعه، ويمكن إذا فشلت في المرة الأولى أن تحاولوا الناس مرة أخرى.

وبالنسبة للتعامل اليومي معه أن نبدي له التقدير والاحترام، وأن نحاول أن نطمئنه حيال أفكاره هذه، ونقول له إنها ناتجة بالفعل من حرصك، ولكن لديك شيء من الإجهاد النفسي، وفي ذات الوقت يجب أن لا ندخل معه في نقاش مستفيض؛ لأن الإصرار للنقاش التفصيلي محاولة إقناع شخص ظناني، هذه كثيرا ما تؤدي إلى تثبيت الأفكار الظنانية، وهذا في حد ذاته قد يكون له عواقب عكسية.

أسأل الله له العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات