السؤال
السلام عليكم.
نشكركم على هذا الموقع الرائع.
سؤالي لكم: لدي طفلة عمرها ثلاث سنوات، وأعاني من كثرة حركتها لدرجة أنها لا تكاد تجلس على الأرض حتى عند خروجنا من المنزل، لا تمشي بل تركض، وفي مراكز التسوق كذلك الأمر، أقصد أن مشيها يكون ركضا لا مشيا مما يضطرنا لإجلاسها رغما عنها بالعربة، رغم أنها تتمتع بالذكاء، فهي تحفظ القليل من السور والأناشيد والأذكار، كما أنها تتذكر كثيرا من الأمور التي حدثت معها بالماضي.
وألاحظ أنها منذ فترة ليست بالبعيدة أصبحت عنيدة وعصبية، هل من الممكن أن يكون ذلك بسبب حملي، ومن ثم ولادتي؟ وهل حركتها الزائدة أمر طبيعي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنقدر لك تواصلك مع إسلام ويب، وعلى مشاعرك الطيبة.
بالنسبة لسؤالك حول ابنتك هذه -حفظها الله-، فكثرة الحركة تتفاوت من طفل إلى آخر، والحركة المفرطة ربما تكون حالة مرضية، أو ربما تكون حالة عرضية، فهنالك علة تعرف بفرط الحركة الزائد، وهنا حقيقة أنه حين يكون الطفل كثير الحركة مشاغبا جدا، لا يمكن أن تمتص انتباهه لأمر معين حتى وإن كان ذلك مما يحبه كالألعاب مثلا، وفي هذه الحالة يتشتت التركيز لدى الطفل بدرجة كبيرة، وهنا نقول إن هذه حالة مرضية يجب أن تعالج عن طريق الأطباء، وأفضل من يعالج هذه الحالة هم أطباء النفس المختصون في الأمراض النفسية لدى الأطفال، أو الطبيب المختص في أمراض الأعصاب لدى الأطفال، فكلاهما - إن شاء الله - لديه القدرة على التعامل مع مثل هذه الحالات.
وإذا كان التشخيص الأكيد هو داء فرط الحركة، فهنالك حاجة لإعطاء بعض الأدوية لهؤلاء الأطفال، وإن كنت أرى أن هذا الطفلة لا زالت صغيرة لإعطائها الأدوية؛ لأن الأدوية -خاصة مثل عقار رتلين- يفضل أن يعطى بعد عمر الخمس سنوات، فالعناد، وكثرة الشغب، وإزعاج الآخرين، والعصبية الزائدة، كثيرا ما تكون مقترنة بداء فرط الحركة الزائدة، ولكن في بعض الأطفال ربما تكون جزءا من التطور المرحلي للطفل، وكما ذكرت وتفضلت خاصة الغيرة، أو أن الطفل يريد أن تحقق له كل مطالبه دون أي تأخير، وبعد ذلك تغير الوضع نسبيا فيصبح الطفل عنيدا ومصرا على تحقيق ما يطلبه، وهذا بالطبع يؤدي إلى انفعالات وعصبية زائدة؛ لأنه لا يمكن أن يستجاب لمطالبه في جميع الأوقات، في بعض الأحيان يكون الطفل فعلا لديه بوادر عصبية وسرعة في الانفعالات، ولكن تكون القضية الأساسية أن صبر الوالدين قد نفد، وهذا بالطبع يؤدي إلى المزيد من السلوك المضاد، بمعنى أن الطفل سوف يزداد عنادا؛ لأن الوالد أو الوالدة لا يستطيعان الصبر عليه.
أختي الكريمة: حتى تفرقي بين داء فرط الحركة المرضي، وفرط الحركة العادي: فالطفل الذي يعاني من داء فرط الحركة المرضي لا يستطيع الجلوس لفترة خمس دقائق مثلا على برنامج محدد ومحبب لديه في التلفزيون مثلا، فإذا كان طفلك من هذا النوع، فأقول لك من الأفضل أن تعرضيه على الأطباء، أما إذا كان من النوع الذي يستطيع أن يجلس لفترة معقولة مع أشياء جاذبة ومحببة بالنسبة له، فربما يكون هذا زيادة في الحركة ولكنه لم يظهر لدرجة فرط الحركة المرضي، ومن المهم جدا في مثل هذه الحالات، أي في حالة زيادة الحركة والعصبية حتى وإن كانت مرضية، أن نحاول دائما أن نشد انتباه الطفل للأشياء المحببة لديه، دون أن نجعله يستغل ذلك استغلالا سيئا من الناحية التربوية، أي أنه يطالب بالمزيد، ودائما نربط هذا النوع من الترغيب بأفعال إيجابية من جانب الطفل، مثلا يطلب منه أن يجلس لفترة ما، أو أن يعتني بأخيه الأصغر، وهكذا، هنا يجب أن يحفز الطفل ويجب أن يكافأ، الأمر الآخر هو ضرورة تجاهل المسلك السلبي من جانب الطفل، خاصة فيما يخص العناد والعصبية؛ لأن الطفل في كثير من الأحوال يحاول أن يشد الانتباه إليه بصورة لا شعورية، وإذا تفاعلنا معه واندمجنا معه بصورة فيها شيء من الانفعال، حتى وإن رفضنا أو قبلنا مطالبه، فهذا بكل تأكيد نوع من المكافأة للسلوك الخاطئ، فإذن التجاهل من أفضل أنواع العلاج السلوكي.
أعتقد أن الطفل أيضا وصل المرحلة التي يمكنك أن تستفيدي فيها من طريقة النجوم، وهي طريقة تحفيزية معروفة، أن تضعي لوحة بالقرب من سرير الطفل وتشرحي له بلغة مبسطة أنه سوف يكافأ، بأن توضع نجمة أو نجمتان أو ثلاث في كل عمل إيجابي يقوم به، وسوف تسحب منه نجمة إلى نجمتين في كل تصرف سلبي يكثر منه، وفي نهاية الأسبوع مثلا يمكن أن يستبدل عدد النجوم التي اكتسبها بهدية بسيطة حسب القيمة التي اكتسبها.
أختي الفاضلة الكريمة: أفضل أن تشركي طفلتك في شأن الطفل الجديد، هذا يقلل من الغيرة اجعليها تقبلها، اجعليها تحضر له شيئا يخص الطفل الصغير، وهكذا، طبعا الأمر يتطلب منك مراقبة، لا تتركيها دائما وحدها مع الطفل الصغير، ولكن اجعليها تشعر بشيء من المسؤولية حياله، وهذا بالتأكيد سوف يجعلها أكثر هدوءا، ويقلل من غيرتها، وسيكون من الجميل جدا الله إذا استطعت أن تعطي طفلتك مجالا أوسع للتفاعل مع بقية الأطفال، إذا كان ذلك على مستوى رياض الأطفال أو التجمعات التي يوجد فيها الأطفال من عمرها، فهذا سوف يكون جيدا ومفيدا للطفل؛ لأن الطفل كثيرا ما يتفاعل بصورة إيجابية مع أقرانه، كما أن الطفل يتعلم من الأطفال الآخرين.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، أشكر لك تواصلك مع استشارات إسلام ويب.