السؤال
السلام عليكم.
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، وهي تؤثر على حياتي، فأنا أتجنب المناسبات الاجتماعية، وأميل إلى الانطواء، وتظهر علي أعراض كثيرة، مثل: الرعشة، والتعرق، واحمرار الوجه، والتخبط أثناء المشي، وعدم القدرة على الكلام، وأعراض أخرى كثيرة، أريد علاجا مناسبا بدون أي أعراض منومة؛ حيث طبيعة العمل تتطلب التركيز الشديد، وهل أنا بحاجة لزيارة طبيب نفسي؟
شكرا وأعتذر على الإطالة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بداية: أنا أريدك أن تصحح مفاهيمك حول الخوف الاجتماعي، أو ما يعرف بالرهاب الاجتماعي؛ حيث إن الكثير من الناس تسيطر عليهم أعراض القلق، وتكون لديهم بعض الأفكار المغلوطة؛ حيث يعتقد الذين يعانون من الفزع الاجتماعي بأنهم تحت مراقبة بقية الناس، ويأتيهم أيضا شعور مسيطر وملح بأنهم سوف يفشلون في أداء المهمة الاجتماعية التي يقومون بها، حتى وإن كانت بسيطة، وأنهم سوف يكونون مثارا لاستخفاف واستهزاء الآخرين، وتكون الأعراض الفيزيولوجية مثل تسارع ضربات القلب، وربما شعور بالرعشة أو التعرق أو الشعور بالدوخة، هذه الأعراض الفيزيولوجية يكون فيها مبالغة جدا، وليست على حقيقتها.
أخي الكريم: هناك تجارب علمية ممتازة جدا تم فيها تصوير الذين يعانون من هذه المخاوف الاجتماعية دون علمهم حين تم تعرضهم لمواقف اجتماعية، فهذه الصور عن طريق الفيديو حين عرضت عليهم وصلوا إلى قناعة أنه بالفعل توجد مبالغة في شعورهم بهذه الأعراض، ومن كان يعتقد أنه يتلعثم أو أنه سوف يسقط، أو أي شيء من هذا القبيل، شاهد بأم عينه من خلال هذا التسجيل أن أداءه في الموقف الاجتماعي الذي سبب له الخوف كان جيدا، ولا أحد يقوم بمراقبة تصرفاته أو أدائه الاجتماعي وأفعاله.
أخي الكريم: نحن نحرص على هذا التوضيح والتفسير؛ لأنه نوع من الاستبصار المهم جدا، والإنسان حين يستبصر بحقيقة مشكلته بصورة علمية، هذا فيه كثير من الفائدة والمنفعة، ويؤدي - إن شاء الله - إلى ما نسميه بالتغيير المعرفي، أي أن فكر الإنسان نفسه يبدأ في التغير، وحين يصحح هذه الأفكار هذا يساعد في علاج الخوف الاجتماعي، بناء على هذه النظرية، عليك أن تقدم في مواجهة المواقف الاجتماعية، وقل لنفسك ما الذي يمنعني أن أواجه مثل الآخرين؟ والأمر المطلوب مني هو عادي جدا، هذه نشاطات يقوم بها جميع الناس، والإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي يتآلف مع الآخرين دون صعوبة، فالإكثار من التواصل الاجتماعي يساعد كثيرا، ويمكنك أن تبدأ بالتواصل مع معارفك، مع الجيران، أبناء حيك من المصلين في المسجد، ومن حولك في العمل وهكذا، واحرص دائما أن تكون في الصفوف الأمامية في المناسبات الاجتماعية.
كما أن المخالطات الاجتماعية، مثل ممارسة الرياضة، كرياضة كرة القدم مع مجموعة من الشباب، والمشاركة في حلقات التلاوة أو الأنشطة الاجتماعية والخيرية، كلها - يا أخي الكريم - وجد أنها تساعد كثيرا في علاج الخوف الاجتماعي، إذن المهم جدا أن تتجنب - التجنب أعني بذلك أن لا تبتعد من المواجهة - لأن تجنب المواجهة يزيد ويؤصل الخوف الاجتماعي، أما الأعراف الفيزيولوجية مثل الشعور بالرعشة، والتعرق، واحمرار الوجه، وكما ذكرت لك هذا فيه كثير من المبالغة، احمرار الوجه مثلا، هو عملية فيزيولوجية عادية ناتج من زيادة في تدفق الدم؛ لأن ضربات القلب تكون أقوى، وربما تكون متسارعة نسبة لإفراز مادة تسمى بالأدرنالين، فهذه عملية فيزيولوجية طبيعية، ولا أعتقد أن أحدا يقوم بمراقبتك.
الشق الثاني في العلاج هو العلاج الدوائي، وتوجد أدوية ممتازة وفعالة جدا وليست ذات آثار جانبية، في مصر لديكم المودبكس، والذي يعرف باسم سرتللين، هو دواء جيدا ومفيد، جرعته أن تأخذ حبة واحدةليلا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين ليلا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدةليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء، بجانب المودبكس هنالك دواء يعرف باسم إندرال، وهو جيد كدواء مساعد، وجرعته المطلوبة هي 10ملجرام صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم 10ملجرام في الصباح لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عنه، وتوجد أدوية كثيرة أخرى، لكن المودبكس من أفضلها.
هناك تمارين تسمى تمارين الاسترخاء، هذه - يا أخي الكريم - يمكنك التدرب عليها بواسطة الحصول على كتيب أو شريط من أحد المكتبات أو تقوم بزيارة الطبيب النفسي، وهذا مقترح جيد، والطبيب النفسي سوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين، وقطعا إذا كان خيارك هو زيارة الطبيب النفسي، فأعطه الحرية التامة في أن يصف لك الدواء الذي يراه مناسبا، ما اقترحته من الأدوية هو مجرد اقتراح، والطبيب الذي سوف يقوم بفحصك - إذا تمكنت من زيارته - أنا على ثقة تامة أنه سوف يصف لك الدواء المناسب؛ لأن هذه الأدوية - الحمد لله - متوفرة، وحالتك من الحالات البسيطة جدا، ونسبة الاستجابة للعلاج مرتفعة وعالية جدا.
وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.