السؤال
السلام عليكم..
أنا سيدة عمري 35 سنة - الحمد لله - لا أعاني من الضغط أو السكر، لكن مشكلتي أني عندما أنفعل بشدة أو أخاف بشدة يرتعش ذقني بشكل شديد، وكذلك يداي ترتعشان، وأتنفس بسرعة وضيق، فما سبب هذه الحالة؟ وهل هي نفسية أم عضوية؟ لم تصبني هذه الحالة كثيرا، فقط عندما أنفعل بشدة أو أخاف، فمثلا مرة حصلت مشكلة بين أبي وأخي - هداه الله - فانفعلت؛ لأن أخي تمادى على أبي، وبدأت أدافع عن أبي، لكن لم أستطع بسبب هذه الحالة، وسكت فورا خوفا أن يصيبني مكروه، ومرة أخرى حصل موقف من مديرتي في العمل أغضبني جدا، وعندما بدأت بمناقشتها أصابتني هذه الحالة، واضطررت أن أسكت، وأصبحت في موقف لا أحسد عليه.
آسفة على الإطالة، لكن هذا الأمر فعلا أقلقني وأثر على نفسيتي جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه الحالة بالطبع هي حالة نفسية، وليست حالة عضوية، فشدة الانفعال والتصرف بشيء من الاندفاع والغضب هو الذي يؤدي إلى هذه الحالة، وربما تكون هذه طبيعة أو سمة مرتبطة بشخصيتك، أو ربما تكون قد اكتسبتها نسبة لمرورك بتجربة معينة لم تستطيعي من خلالها مواجهة الطرف الآخر بشيء من الصبر، وهذه الحالات تعالج أولا بأن تفكري وتتأملي في هذا الانفعال الشديد، ولابد أن تصلي إلى قناعات أنه أمر غير مقبول؛ لأنه يضعك في مشاكل مع الآخرين، ودائما الصبر والتفاعل بشيء من القبول والانفعال الإيجابي هو المطلوب، وليس هذا النوع من الانفعال السلبي، ولابد أن تكوني شديدة مع نفسك، وليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب.
ونصيحتي الأخرى لك هي أن تعبري عما بداخلك، خاصة في المواقف التي تحسين فيها بعدم الرضا، الإنسان حين يسكت كثيرا ولا يتفاعل ولا يحاور ولا يناقش، خاصة إذا حدثت له إشكالية حتى وإن كانت بسيطة مع شخص آخر ولجأ إلى التجنب، وكتمان المشاعر، هذا يؤدي إلى المزيد من الاحتقان النفسي الداخلي، وكما نقول: أنه كما يحتقن الأنف تحتقن النفس، فلابد أن يكون هنالك نوع من التعبير عن الذات، وهذا التعبير عن الذات هو الوسيلة الأحسن والأفضل لما نسميه بالتفريغ النفسي، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك.
لابد أيضا أن تدربي نفسك على ما ورد في السنة المطهرة في مواجهة ومعالجة الغضب والانفعال، أريدك أن تطبقي هذا التمرين حتى وإن بنيت موقفا خياليا حدث لك فيه انفعال وغضب شديد، تأملي الآن أن أحد الأشخاص قد أغضبك، وأنك قد انفعلت، وحدثت لك هذه الرعشة وعدم المقدرة على التعبير، وإظهار الغيظ، هنا فكري مباشرة، وقومي بتغيير مكانك، وقومي بتغيير وضعك، وانفثي ثلاثا على شقك الأيسر، استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، قومي وتوضئي وصلي ركعتين، أرجو أن أكون قد أوصلت المقصود.
وأكرر.. تخيلي موقفا حدث لك فيه غضب شديد وانفعال شديد، وأنت في قمة هذا التأمل لما حدث من انفعال، قومي فجأة بتذكر ما ورد في السنة النبوية، وقومي بتطبيقه بالرغم من أن الموقف لم يحدث لك الآن، إنما هو شيء من بنات أفكارك وخيالك، ولكني أريدك أن تطبقي التمرين بالفعل، هذا - إن شاء الله تعالى - يكون فيه خير ومفتاح لك نحو تجنب المواقف الانفعالية السلبية الشديدة.
أنصحك أيضا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، هي جيدة جدا، خاصة تمارين التنفس المتدرج، اجلسي في مكان هادئ في الغرفة، وبعد أن تسمي الله تعالى أغمضي عينيك، تأملي في حدث سعيد حدث لك، ثم بعد ذلك خذي نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، اجعلي صدرك يمتلئ بالهواء، بعد ذلك أمسكي الهواء قليلا بالصدر، ثم أخرجيه بكل قوة وبطء عن طريق الفم، كرري هذا التمرين خمس مرات متعاقبة بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة 3 أسابيع، ثم مرة واحدة في الصباح لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم عند اللزوم، وهو تمرين جيد.
لا أعتقد أنه توجد حاجة شديدة للعلاج الدوائي، ولكن توجد أدوية بسيطة تقاوم الانفعال، وكذلك القلق، وربما الغضب، من هذه الأدوية عقار يعرف باسم فلونكسول، واسمه العلمي فلوبنتكسول، لا مانع من تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف ملجرام، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتناوليها عند اللزوم، الدواء سليم وبسيط وغير إدماني، وهو فعال كما ذكرت لك في حالات القلق والتوتر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.