السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 27 سنة، مشكلتي أنني أشكو من وساوس كثيرة في الطهارة، بحيث دائما عندما أذهب للحمام للتبرز يخرج من ذكري سائل يشبه المني عندما أتبول أثناء التبرز، فهل ذلك السائل هو ودي أم مني؟! علما بأنني أشك دائما في طهارتي عندما أستيقظ من نومي.
مشكلتي الثانية: رغم غض بصري أشعر دائما بوقوع إثارة عندما أسمع صوت امرأة أو أرى امرأة، وهذا يحدث لي دائما، أو أثناء الصلاة، مما جعلني لا أستطيع الذهاب إلى المسجد؛ خوفا من أن أرى أي امرأة في الطريق، فأرجو منكم مساعدتي في حل هذه المشاكل، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب بين إخوانك في استشارات إسلام ويب، ونحن نتمنى من الله تعالى، ونسأله أن يذهب عنك ما تجد من الوساوس، ويطرد عنك شر الشيطان.
وأول نصائحنا لك أيها الحبيب وهي نصيحة ممن يحب لك الخير: أن تكون جادا في طرد هذه الوساوس عن نفسك، فلا تستسلم لها، ولا تسترسل معها، ولا تستجيب لندائها؛ فإن الشيطان يحاول أن يسيطر على الإنسان من خلال الوساوس، فإذا وجده مستجيبا لها سيطر عليه وتقوى عليه، ولهذا فالعلاج الأمثل لهذه الوساوس هو الإعراض عنها، والعلماء يقولون: لا علاج لها إلا بالإعراض عنها بالكلية، وهذا هو العلاج النبوي، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما سئل عن الرجل يخيل إليه في الصلاة أنه خرج منه شيء، قال: (لا ينصرف -أي لا يترك صلاته- حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) أي حتى يتيقن أنه خرج منه شيء.
فهذه أول النصائح، وهي حجر الزاوية في هذه القضية، فينبغي أن تجتهد في دفع هذه الوساوس عن نفسك ولا تسترسل لها حتى تتيقن شيئا ما، فإذا شككت في الوضوء هل انتقض أم لا فالأصل أنك على الطهارة، ولا تلتفت لمجرد الشك والوسوسة أن طهارتك انتقضت، حتى تتيقن أنها انتقضت، وإذا شككت أنك لم تغسل وجهك أو لم تفعل كذا بعد فراغك من عبادتك فانصرف تماما عن هذه الوساوس، واعتقد أنك قد أديت العمل كما طلب منك، وبهذا إن شاء الله ستزول عنك هذه الوساوس رويدا رويدا حتى يعافيك الله عز وجل منها.
وأما ما تراه من سائل المني الذي ذكرت بعد البول، فهو ليس بمني، إنما هو سائل يسمى (ودي) وأحكامه أحكام البول، أي أنه نجس في نفسه، وعليك أن تغسله من بدنك، وتغسل الموضع الذي يصيبه من الثوب أو البدن، وهو موجب للوضوء كالبول وليس موجبا للغسل.
وأما غض البصر وحصول الإثارة عند وقوع بصرك على امرأة ونحو ذلك، فهذا أمر جبلي، أمر طبيعي عند الإنسان أنه يثار إذا رأى المرأة، ولهذا أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة بأن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان وإذا أدبرت أدبرت في صورة شيطان، وأنها إذا خرجت استشرفها الشيطان..إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي فيها بيان هذه الحقيقة، وهي أن الرجل يثار عندما يرى المرأة، ولهذا جاءت الشريعة بالعلاج الحاسم لهذا الشر، وقطع دابره، وهو الأمر بغض البصر، فقال سبحانه وتعالى: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم))[النور:30] و(النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك) وفي بعض الروايات: (لك الأولى وليست لك الأخرى) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فينبغي لك أن تجاهد نفسك في غض بصرك، وواظب على الجماعة في المسجد فإنها من الحسنات العظيمة التي يذهبن السيئات، والتي بها ينال الإنسان تزكية روحه وتكثير حسناته وتحسين علاقته بالمجتمع حوله، ولا تستسلم لنوازع الشيطان التي يدعوك من خلالها إلى ترك الجماعة في المسجد وترك الذهاب إليه بهذه الحجة الواهية، فجاهد نفسك، وإذا وقعت في الذنب وضعفت فاستغفر الله تعالى وتب، فإن الله عز وجل أخبرنا في كتابه فقال: ((إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين))[هود:114].
أما شكك في طهارتك عندما تستيقظ من النوم، فلم يتضح لنا المقصود منه تماما إن كنت تقصد أنك بعد النوم تشك هل احتلمت مثلا؟ أو لم تحتلم؟ فالأصل أنك لم تحتلم ما لم تر أثرا للمني على ثيابك، أما إذا كنت تقصد أنك تشك هل طهارتك لا زالت باقية أم لا؟ فالنوم من نواقض الوضوء إلا إذا كان نوما من جالس ممكن مقعدته من الأرض، فبعض الفقهاء يستثنون هذه الصورة من نقض الوضوء.
ونوصيك أيها الحبيب بالاجتهاد في تعلم أحكام دينك الواجبة عليك، كأحكام الطهارة وأحكام الصلاة، وفي موقعنا المبارك هذا العديد من الفتاوى في موقع الفتوى مما يجيب على تساؤلاتك الكثيرة، ونحن نرحب باستشاراتك وأسئلتك على الدوام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير وييسره لك.
وبالله التوفيق.