هل اكتئابي بسبب بعد خطيبي أو عدم عملي أو القولون العصبي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أحب أن أشكر كل من يعمل لإظهار هذا الموقع بهذه الصورة الجيدة المشرفة، التي تخدم الإسلام والمسلمين، وتساعدهم في تخطي أزماتهم، والوصول إلى طرق العلاج، والراحة والأمان، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناتكم جميعا.

أنا فتاه غير متزوجة، ولكني مخطوبة، أعاني كثيرا من تقلبات في المزاج، والشعور بالحزن الدائم طيلة الوقت، والشعور بالخوف، والفزع، وخصوصا عند النوم، أو بعد النوم.

كما أنني أشعر بالوحدة الشديدة، على الرغم من أني وسط أسرتي وأهلي، وأصدقائي، وأفضل الجلوس وحيدة بمفردي دون التحدث إلى أحد، أو الاستماع إليه! وأشعر أيضا بعدم الرغبة في أي شيء في هذه الحياة حتى الطعام والشراب.

أفتقد إلى الاستمتاع بأي شيء وأريد أن أبكي دائما، ولا أستطيع التوقف عن التفكير، حتى إنه ينتابني أحيانا نوبات من الصداع، بسبب كثرة التفكير، ولا أستطيع النوم، وإن حدث ونمت يكون نومي غير مستقر، وغير هادئ، ودائما ما أشكو من أوجاع وآلام بجسمي، وأذهب إلى الطبيب، والحمد لله لا أجد شيئا، ولكني أعاني من مرض القولون العصبي، فهو دائما يتعبني، عندما أغضب، أو أتحدث بصوت عال، أو أحلم بكابوس، أو أقلق أو أخاف، وأفضل الجلوس بالمنزل وعدم الخروج.

لكني -الحمد لله- أحافظ على الصلوات وأقرأ القرآن بشكل شبه دائم، ويومي، وأقول الأذكار وأتقي الله، ولا أفعل ما يغضب ربي مني، أنا لا أعرف لماذا يحدث هذا لي وخصوصا بعد سفر خاطبي إلى الخارج، وهو بمثابة كل شيء لي.

هل أعاني من اكتئاب بسبب إحساسي بأني أفتقده، ولبعده عني، أم لأني لا أعمل، حيث إنني شخصية كنت أمتاز بالنشاط والهمة، والحيوية، والمرح، وكل شيء جميل أثناء فترة الجامعة؟

هل سيعاودني نشاطي وحيويتي، وسعادتي بعودة خاطبي إلي، أو عندما أعمل في وظيفة مناسبة، فأنا معلمة للغة العربية، ولم أجد وظيفة حتى الآن، أم هل أحتاج إلى الذهاب لدكتور نفسي؟ علما بأن وزني يتناقص، ولا أعاني من أي مرض -والحمد لله- سوى القولون العصبي.

أرجو الرد في أسرع وقت، وماذا أفعل؟ أنا أعاني كثيرا، ومتعبة جدا، ولا أستطيع التحدث لأي شخص.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن رسالتك واضحة جدا، ونحن نشكرك كثيرا على ثقتك في إسلام ويب، ونقول لك بأن الأعراض التي سردتها في رسالتك تشير أن شخصيتك تحمل سمات القلق.

القلق بصفة عامة هو طاقة نفسية جيدة، وإيجابية؛ لأنه يساعد الناس على التفاعل الإيجابي، وعلى الإنجاز، ويمثل دافعية أساسية لأن نقدم وأن نأخذ المبادرات فيما نريد أن ننجزه، ولكن هذا القلق في بعض الأحيان قد يتراكم أو قد يسير في مسارات خطأ، وهذا يؤدي بالطبع إلى نتائج عكسية.

الحالة القلقية هذه أدت إلى نوع من عسر المزاج، لا أريد أن أسميه اكتئابا حقيقيا، ولكن قطعا يوجد عدم ارتياح، البعض يسمي هذه الحالة بـ (الاكتئاب القلقي البسيط)، أي أن الأساس هو القلق، بعد ذلك أدى إلى شيء من عسر المزاج.

من الواضح أنك تتفاعلين مع ظروفك الاجتماعية إن كانت إيجابية يكون تفاعلك إيجابيا، وإن كانت سلبية يكون تفاعلك سلبيا للدرجة التي تؤثر عليك نفسيا، فابتعاد خطيبك وسفرك أثر عليك، وانتقالك من حياة جامعية مفعمة بالنشاط والحركة، والتواصل إلى حياة فيها شيء من الركود والانعزال أيضا أثر عليك.

أنت مرتبطة حقيقة بالنشاط الاجتماعي، وهذا أمر معروف، حيث إن الإنسان في الأصل هو كائن اجتماعي يتفاعل مع محيطه من أجل تطوير مهاراته، وكذلك تحسين مزاجه.

بما أن لديك القولون العصبي ونوبات وفورات القولون العصبي، من الواضح أنها مرتبطة بحدوث النوبات القلقية، هذا كله يؤكد التشخيص، وهو أنه لديك حالة قلقية نتج عنها اكتئاب ثانوي بسيط، ويمكن أن نسميها بالقلق الاكتئابي.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت وضعت الحلول وأعتقد أنك -إن شاء الله- تسيرين على الطريق الصحيح، وهو أن تفكري أن خطيبك -إن شاء الله- سوف يرجع، و-إن شاء الله- يتم الزواج، وهذا فيه استقرار كبير، فأرجو أن لا تنظري لابتعاده بتشاؤم، إنما هي مرحلة في الحياة تحدث.

البحث عن عمل يناسبك أعتقد أنه سوف يكون أمرا جيدا، وسوف يساعدك على التأهيل النفسي الذي يخرجك من حالة العصبية والتوتر هذه.

أريد أن أنصحك أيضا بالانخراط في أي نوع من الأنشطة الاجتماعية والثقافية، فمثلا الانخراط في الأعمال الخيرية، والذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذا كله استثمار إيجابي للوقت، وفيه الكثير من التفاعل الاجتماعي المثمر الذي يقضي على الكدر، وعلى الشعور بالعزلة، والشعور السلبي حول الذات.

أنصحك أيضا بممارسة أي نوع من الرياضة البسيطة في داخل المنزل، هذا -إن شاء الله- بالنسبة لك جيد، وهنالك أيضا تمارين الاسترخاء دائما ننصح بها، فهي مفيدة وجيدة وتقضي على الكسل، وتحسن المزاج -إن شاء الله- ولتطبيق هذه التمارين يمكنك أن تتحصلي على كتيب أو شريط أو (CD)، من إحدى المكتبات الكبيرة في المملكة مثل مكتبة جرير، وحاولي أن تطبقي هذه التمارين.

بالطبع إذا ذهبت إلى طبيب نفسي هذا أيضا سوف يكون إضافة إيجابية، وسوف يقوم الطبيب بتمرينك على هذه التمارين.

أنا أعتقد أيضا أنك في حاجة لعلاج دوائي، ولا شك أن ذهابك إلى الطبيب سوف يكون أيضا وسيلة سهلة للحصول على الدواء، بالرغم من أن معظم هذه الأدوية لا تحتاج إلى وصفة طبية.

إذا لم يتيسر لك الذهاب إلى الطبيب، واكتفيت بالإرشادات السابقة التي ذكرناها لك فالدواء الذي أريدك أن تتناوليه هو أحد العلاجات البسيطة والجيدة، والتي تساعدك كثيرا -إن شاء الله- للخروج من هذه الحالة القلقية الاكتئابية.

الدواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، يمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرامات – حيث إنك في حاجة لأن تجزئي الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات إلى جزئين.

استمري على جرعة الخمسة مليجرامات – وهي جرعة صغيرة جدا – استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجرامات – أي حبة كاملة – واستمري عليها لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرامات واستمري عليها لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السبرالكس دواء سليم، فعال، غير إدماني، و-إن شاء الله- سوف يكون ذا فائدة عظيمة بالنسبة لك.

أيتها الفاضلة الكريمة: كوني أكثر تفاؤلا، وكوني أكثر ثقة في نفسك، وانظري إيجابيا لنفسك، وطبقي الإرشادات السابقة، و-إن شاء الله- حياتك فيها أشياء طيبة وجميلة، يجب أن لا تنسيها وسط هذا التوتر والقلق والانفعالات السلبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات