تغير مفاجئ في شخصية أختي الكبرى: كيف نتعامل معها؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر لكم جهودكم المبذولة، وجزاكم الله خيرا.

أختي الكبرى خريجة جامعية، عمرها 26 عاما، غير متزوجة، وشخصيتها غريبة جدا. بدأت هذه الشخصية الجديدة في الظهور منذ حوالي ثلاث سنوات، حيث لم تكن كذلك من قبل.

المهم أن حالتها تفاقمت مؤخرا لدرجة أنها تبكي كل ليلة قبل النوم، وتعبر عن شعورها قائلة: "لا أحد يهتم بي، لا أحد يحترمني، لا أحد يقدر رأيي في المنزل، كلكم تتعمدون تجاهلي وجرحي"، ثم تنهمر في البكاء لفترة طويلة.

لكن كلامها هذا غير صحيح، فالجميع يتعامل معها بشكل طبيعي، ولا أحد يتعمد إيذاءها. أي كلمة تقال لها تعتبرها هجوما وسبا وتجريحا، وهذا غير واقعي. حاولنا التعامل معها بنفس طريقتها، لكن ذلك لم ينجح، بل ازدادت حالتها سوءا. فماذا نفعل؟

علما أنها شخصية هجومية، تسب دون مبرر، وتصرخ وتدعو علينا باستمرار، ثم تقول: "لا أحد يفهمني، لم أقصد!"، ثم تبدأ في تبرير تصرفاتها وتلجأ للبكاء مرة أخرى.

علاقتي بأخواتي الصغيرات أفضل منها، وهن يحترمنني أكثر، وأشعر أحيانا أنها تغار مني. فكيف نتعامل معها؟ وكيف نتصرف معها، فقد تعبنا حقا؟

أعتذر عن الإطالة، وآمل أن أكون قد شرحت المشكلة بوضوح.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

المنهج الصحيح في تحليل الحالات من المنظور النفسي، والوصول إلى التشخيص الصحيح والعلاج الصحيح؛ هو أن يتم فحص الحالة، ونحن نقبل بكل ما أتى في رسالتك، ونأخذه بكل مصداقية، ولكن أن نعتمد على رأي واحد فقط في إلصاق مسميات نفسية أو تشخيصات نفسية بالناس؛ هذا قد لا يكون دقيقا.

نحن سوف نتجاوز قليلا عن هذا المفهوم النفسي والأخلاقي في نفس الوقت، ونقول لك: هذه الأخت بهذه الصورة التي وصفتها لديها ما نسميه بالشخصية الإسقاطية، أي أنها تسقط على الآخرين بشيء من الظنان والاتهامات الخاطئة، وهذا ربما يكون مرتبطا بشخصيتها، أو ربما تكون مصابة بحالة من الاكتئاب النفسي جعلتها تحس داخليا بفشلها وإخفاقاتها، ولكنها تسقط ذلك على الآخرين، أو أنها تعاني من شخصية ظنانية بارونية حقيقية، وهذه قد تتحول في بعض الأحيان إلى مرض ظناني.

فهذا هو الوضع من الناحية التشخيصية، ويا حبذا لو قبلت هذه الأخت بأن تذهب إلى الطبيب، أعرف أن ذلك ليس مقبولا، وربما يزيد من انفعالاتها السلبية حيالكم، ولكن إذا ذكر لها وقيل لها: (إننا نلاحظ أنك غير مرتاحة، وربما يكون لديك شيء من الإجهاد النفسي أو عسر في المزاج، فلماذا لا نذهب إلى الطبيب، وسوف نعرف من الطبيب أيضا ما دورنا؟ وما هي الطريقة التي نتعامل مع بعضنا البعض؟ ربما نكون نحن على خطأ وأنت على صواب)، وشيء من هذا القبيل..هذا النوع من الحوار يقنع الكثير من الناس لأخذ رأي الاستشاري من الطبيب المختص.

هذه الحالات تستجيب استجابة ممتازة للأدوية المضادة لمرض الظنان، وهنالك دواء يعرف باسم رزبريادون يعطى بجرعة صغيرة واحد إلى اثنين مليجرام في اليوم يفيد كثيرا، وإعطاء أيضا جرعة بسيطة من مضادات الاكتئاب يساعد في مثل هذه الحالات.

إذن: هذا هو خط العلاجي الأول، والأمر الآخر بالطبع هو أن يكون تعاملكم معها بشيء من:
أولا: التجاهل، والصبر على ما تذكره من سلبيات حيال الآخرين.
ثانيا: محاولة مساندتها في أوقات صعوباتها أيا كانت هذه الصعوبات.
ثالثا: محاولة تحين الفرص التي تقوم بها بأي فعل أو قول إيجابي، وتحفز على ذلك بالثناء عليها.
رابعا: يجب أن نزيد من أدوارها التفاعلية داخل الأسرة، يجب أن تستشار، أن نشعرها بأهميتها، ونشعرها بأنها عضو فعال ومهم في الأسرة.

إذن ملخص الإجابة يتضمن الآتي:

أولا: تحليل الحالة:
- الشخصية الإسقاطية: الأخت تقوم بإسقاط مشاكلها وإخفاقاتها على الآخرين، وتوجيه اتهامات غير صحيحة لهم.
- احتمالية وجود اكتئاب نفسي: قد يكون الاكتئاب سببا في شعورها بالفشل وإسقاطه على الآخرين.
- الشخصية الظنانية البارونية: قد تكون مصابة بمرض الظنان الذي يتطور إلى مرض ظناني.

ثانيا: التوصيات:
- عرض الأخت على طبيب نفسي: يجب إقناعها بزيارة الطبيب لتقييم حالتها بشكل دقيق.
- العلاج الدوائي: الأدوية المضادة للظنان ومضادات الاكتئاب قد تكون مفيدة في حالتها.

ثالثا: التعامل مع الأخت:
- التجاهل والصبر على سلبياتها.
- مساندتها في أوقات الصعوبات.
- تحفيزها على الأفعال الإيجابية بالثناء عليها.
- زيادة دورها التفاعلي في الأسرة وإشعارها بأهميتها.

ملاحظة: التشخيص الدقيق والعلاج المناسب يتطلبان استشارة طبيب نفسي مختص.

هذا هو الذي أراه في حالة أختك، وأسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق، ونشكرك كثيرا على تواصلك واختيارك لإسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات