السؤال
منذ فترة تراكمت علي الهموم والمشاكل، والحمد لله على كل حال، ولكني أشعر أني أنسى كل شيء ولا أذكر شيئا، وحتى في صلاتي لا أعرف كم ركعة صليت، وأقول في نفسي: هل أنا في الركعة الثالثة أم الأخيرة؟ وأحاول أن أنبه نفسي من البداية، ولكني أعود وأنسى.
وقد حاولت مرارا لكن لا جدوى، ونسيت كيف أجمع وأطرح الأعداد، أحس أني آخذ وقتا في ذلك، وصرت أقطع في الكلام وأنسى بعض الكلمات، علما بأني لم أكن هكذا من قبل، فأرجو أن تجيبوني.
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الغالية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن تراكم المشاكل والهموم قد يؤثر على الإنسان فيما يخص تركيزه، ولكن هذا لا يعني وجود خلل أساسي في الذاكرة.
ما وصفته من هموم ومشاكل عليك بالدعاء، وأسأل الله أن يفرج همومك ويزيل عنك كل كرب، وعليك بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وعليك بدعائه أيضا: (اللهم إني عبدك (أمتك) ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء همي وحزني).
وعليك أن تنظري لهذه الهموم والمشاكل بمنظار مختلف، فإن هنالك أشياء حياتية وعقبات تواجه كل الناس، والإنسان ليس من الضروري ولن يكون في مقدوره أن يواجه كل مشكلة وكل حل.
ابذلي جهدك بما تستطيعين أن تصلي إلى حلول حياله، فهذا أمر جميل، وما لا تستطيعين فلا تكلفي نفسك فوق طاقتها، وحاولي أن تتجاهلي بعض المشاكل هذا أيضا نوع من الحل ولا نعتبره نوعا من التهرب.
المشاكل إذا كانت تربطك بأناس آخرين فاعرفي أنك لست مكلفة أبدا بأن تفرضي قيمك ومفاهيمك على الآخرين. ابذلي كل ما تستطيعين واجعلي توقعاتك معقولة، فنحن نعيش في زمن لا نستطيع حقيقة أن نفرض على الناس ما نريد، ولا تدعي هذه الهموم أن تنسيك الأشياء الطيبة والجميلة والإيجابية في حياتك جدا.
الفكر السلبي والتشاؤمي يسيطر على كيان الإنسان من خلال تناسيه من خير ونعم وإيجابيات، وهذا من أسوأ الوسائل التي يتصيد بها الاكتئاب الناس ويحطم وجدانهم ويجعل السوداوية والكدر تسيطر عليهم.
النسيان واهتزاز التركيز وإن أتى في الصلاة فيجب أن تدخلي الصلاة وتنوي الصلاة كوسيلة لإزالة هذه الهموم وهذه المشاكل، وهذا سوف يحسن من انتباهك، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وقام لها. بمعنى آخر: الصلاة نفسها وسيلة لإزالة الهم ولإزالة الغم، كما قال صلى الله عليه وسلم لبلال بن رباح: (ارحنا بها يا بلال) فهي وسيلة للإراحة، وهي وسيلة لأن ينسى الكثير من همومه، لأنك عندما تقولين (الله أكبر) فإنك ترمين كل شيء وراءك وتنسينها، لأنك مقبلة على الله بقلبك وعقلك وتركيزك وخشوعك فيها.
فعليك أن تقدمي عليها بتفاؤل وتركيز وقوة وخشوع، هذا إن شاء الله يرتقي بك إلى مفاهيم إيجابية أفضل، وسوف تلاحظين أن هذه الهموم إن شاء الله بدأت تتقلص.
بعض الناس حين يكون لديهم صعوبات ومشاكل لا تجد لديهم القدرة على الإقدام في الحياة، هذا مهم جدا، فأنت قد لا تستطيعين أن تحلي مشكلة ما، وهنا نقول: يجب على صاحب المشكلة أن ينطلق لإضافة إنجازات جديدة في حياته بعيدا كل البعد عن طبيعية ومؤثرات تلك المشكلة. هذا مهم جدا.
بمعنى: إذا كانت هناك مشكلة في البيت مثلا ما بين الزوج والزوجة، هذا لا يعني أن تتعطل الزوجة من تربية أطفالها، المشكلة موجودة نعم وقائمة، لكن لا يمكن أن تحل هذه المشكلة بمشاكل أخرى أو تكون لها تبعات أخرى.
أيتها الفاضلة الكريمة: روحي عن نفسك من خلال التواصل الاجتماعي، الجلوس مع أهلك ومع صديقاتك وأخواتك وأقربائك، وهذا كله شاء الله يساعدك في إزالة القلق والتوتر والشعور بالهم والغم، والذي جعل التركيز لديك يكون مشوشا.
إذا استطعت أن تمارسي شيئا من الرياضة الذي يناسب الفتاة المسلمة، هذا سوف يفيدك أيضا؛ لأن الرياضة تبني طاقات جديدة وتقلص الطاقات السلبية، تحسن من الدورة الدموية ونسبة انسياب الأكسجين والمتطلبات الغذائية الأخرى للأعصاب بسهولة ويسر، وهذا بالطبع يؤدي إلى تحسين التركيز.
لابد أن تأخذي قسطا كاملا من الراحة؛ لأن ذلك مهم جدا، فالراحة تؤدي إلى سكينة النفس وإلى سكينة الأعضاء الجسدية، والتي تشمل مراكز التحكم في التركيز في الدماغ.
حاولي دائما أن تستفيدي من أوقات الصباح، فأوقات الصباح يكون فيها تركيز الإنسان أقوى وأفضل ورغبته في أداء بعض الأمور أفضل، وطاقاته النفسية والجسدية تكون في أحسن حالتها، هذا طبعا إذا نام مبكرا وحافظ على استيقاظه مبكرا.
وأرى أيضا أنه من الأحسن بالنسبة لك أن تتناولي دواء يحسن من مزاجك ويزيل هذا الضعف في التركيز والذي نتج من القلق كما ذكرنا، ومن أفضل الأدوية دواء يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك Prozac) هذا من أفضل الأدوية، وهو من الأدوية السليمة جدا؛ تناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.
الدواء كما ذكرت لك سوف يساعد على تنظيم مواد معينة في الدماغ تسمى بالموصلات العصبية، هذه المواد يحدث فيها خلل يؤدي إلى الاكتئاب وإلى القلق وإلى التوتر، ومن ثم يضعف التركيز، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.