السؤال
السلام عليكم
زوجي خلوق وطيب، لكن عذبني بعصبيته وسرعة غضبه على توافه الأمور، ويكلمني بتعال، ولا يصدقني بسبب نسياني، وأنا أحلف له بصدق، لكن كثرة نسياني سبب تعبي، ساعدوني فأنا لا أحتمل!
كنت صاحبة خلق بشهادة الجميع وشهادته، لكن تغيرت للأسوأ، ويضع الخطأ على أهلي، والسبب كبته لي، وغضبه الشديد.
ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لك زوجك ويقر عينك به، ونحن نشكر لك ابتداء إنصافك لزوجك وإقرارك بما فيه من خصال الخير، وإيجابياته ومعرفتك لها، وهذا يدل على رجاحة عقله، وأملنا فيك أن تكوني كذلك عاقلة حازمة في معالجة هذا الخلق الذي تعاني منه في زوجك، وأنت قد أدركت من خلال تجربتك معه أن الانفعالات ومقابلة العصبية بعصبية والغضب بغضب، لن يغير الأمور إلى الأحسن، ولن يؤدي إلى حل هذه المشكلة في زوجك، ومن ثم فنتمنى أن تكوني قد أخذت العبرة كاملة من المواقف السابقة، وحصلت لديك القناعة التامة بأن هذا الأسلوب الذي كنت عليه لن يفيد، ولن يجلب لك إلا المزيد من الضيق والتغير في المزاج، وربما جرك إلى التغير في شيء من الأخلاق -كما أوضحت أنت في استشارتك-.
ولهذا نحن نقترح عليك -أيتها الأخت الكريمة- لمعالجة هذه المشكلة جملة من الأمور نتمنى أن تأخذيها بجد، ونأمل إن شاء الله أن تري من ورائها الثمرة الطيبة والسريعة.
أول هذه الأمور التي ننصحك بها: معرفة أسباب غضب الزوج، وتجنب هذه الأسباب، بغض النظر هل كان الزوج مصيبا فيها أم غير مصيب، فهذا علاج نافع جدا للغضب، وهو تجنب الأسباب الموقع فيه، وهذا هو محتوى وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي جاء يسأله ثلاث مرات: أوصني، قال له (لا تغضب) كررها ثانية: أوصني، قال له (لا تغضب)، العلماء يقولون في شرح هذا الحديث (لا تغضب) معناه لا تأخذ أو لا تتعاطى أسباب الغضب، فحتى لا يغضب الزوج ويقع ما يقع ينبغي أن تكوني عاقلة منصفة في معرفة هذه الأسباب التي تغضبه وتجنبها بقدر الاستطاعة، وبهذا تسلمين ويسلم زوجك أيضا من الوقوع في مغبة التصرفات التي لا تحمد، الصادرة وقت الغضب.
حاولي إرشاد الزوج إلى علاج الغضب في وقت الهدوء، في أوقات هدوئه، حاولي أن تذكري له هذا الحديث مثلا وعواقب الغضب والقصص كثيرة في نتائج الغضب غير المحمودة، وبإمكانك أن تسمعيه في وقت هدوئه وراحته بعض المواد المسموعة، وهي كثيرة -ولله الحمد- وعلى موقعنا الشيء الكثير منها حول الأخلاق السيئة، ومنها الغضب، وعواقب الغضب ونتائجه، وبهذا يبدأ الزوج يحاسب نفسه في كل مرة يقع فيها في الغضب، فيتذكر دائما أن هناك عواقب لا ينبغي له أن يسمح لنفسه حتى أن يقع فيها.
الوصية الثانية: نوصيك بتجنب مجادلة الزوج ومناقشته وقت غضبه، فإن هذا لن يزيده إلا غضبا، وليس هو علاجا لهذه الآفة التي يقع فيها الزوج، بل ربما نتج عن ذلك ما لا تحمد عاقبته، فتجنبي مجادلة الزوج، وأظهري له الطاعة في وقت الغضب، وأدخلي عليه من الكلمات ما يهدأ من روعه وغضبه، بأن تقولي له مثلا: (مرحبا، كلامك صحيح، أنا آسفة) أو نحو ذلك من الكلمات التي تقال لتهدئة الغضبان.
الوصية الثالثة: عند غضب الزوج حاولي تهدئته باستعمال العلاج النبوي في هذه المواقف، فإن كل الناس يغضبون، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا في أحاديث كثيرة إلى كيفية تهدئة الغضب إذا حصل، فتذكرين زوجك مثلا في وقت الغضب بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم بهدوء ورفق ولين، وتحاولين أن تطلبي منه أن يجلس إذا كان واقفا، فهذه الآداب آداب نبوية أكد عليها النبي -صلى الله عليه وسلم -وهو من لا ينطق عن الهوى، وهي بلا شك فاعلة ومؤثرة إذا تقبلها الإنسان بروح مؤمنة وعمل بها ابتغاء تحصيل ما رتبه الله عز وجل عليها.
هذه هي أهم التدابير التي ينبغي أن تتخذيها وتعملي بها لمعالجة هذا الخلق في زوجك، ونحن نختم بما بدأت به أنت، فأنت بدأت استشارتك بأن قلت: (زوجي خلوق وطيب)، ونحن نثني عليك هذا الكلام وهذا الاعتراف وهذا المدح، ونقول لك لا تنسي هذا وقت غضب الزوج، ولا تنسي هذا إذا بدرت إساءة من الزوج، فتذكري أنه رجل طيب ورجل خلوق، وحاولي أن تضعي سيئاته بجانب حسناته، وهذا شأن الإنسان، كل بني الإنسان لهم عيوب ولهم حسنات، والعبرة بالأغلب، فمهما بدر من زوجك من إساءة بسبب الغضب أو بغيره، فينبغي أن تقارني بين هذه الأخلاق وبين الأخلاق الكثيرة الطيبة، فتعفين عن ما بدر منه من إساءة في مقابل تلك الأخلاق الكريمة، وتذكرك لهذه الصفات الجميلة في زوجك يعينك بإذن الله على تجاوز أخطائه والعفو عن سيئاته، وكوني على ثقة بأن دوام الإحسان إلى زوجك ومبادرته بالاعتذار وطلب العفو سيؤثر في نفسه لا محالة، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وقد قال سبحانه وتعالى في معاملة الأعداء: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} هذا في العدو، فما بالك بالمحب الحبيب الزوج القريب.. إلى غير ذلك من الصفات التي تجمعك به؟!
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح لك زوجك، وأن يصلحك أيضا، وأن يجمع بينكما في خير، وأن يقر عين كل واحد منكما بصاحبه ويحسن أخلاقنا وأخلاقكم ويقدر لكم الخير حيث كان.
وبالله التوفيق.