الخوف من الوحدة والظلام وكيفية علاجه

0 874

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي جدا محرجة، وتسبب لي ضيقا وحزنا مستمرا، أنا أخاف من الوحدة؛ عندما أجلس وحدي تتملكني مشاعر الضيق، وعدم الارتياح، وأتخيل أنه سوف يصيبني شيء، أو الشياطين والجن سوف تؤذيني، أو سوف أصاب بسكتة قلبية ولا ينقذني أحد، صرت أتحاشى الجلوس وحيدة، علما أني لم أكن كذلك، على العكس كنت أحب الجلوس وحدي، الذي حصل أني أصبحت أشاهد أفلام رعب وأقرأ عن قصص الموت، وهذا ما حطم حياتي.

أخاف من الظلام جدا، بشكل غير طبيعي، لا أنام والنور مطفأ حتى لو معي أخواتي، أتخيل أن مخلوقات سوف تهاجمني، قررت أن أتبع أسلوب المواجهة مع خوفي أطفأت النور، لكنها عشر دقائق ولم أستطع الصمود، وما زاد الطين بلة أن أختي الكبرى انتقلت إلى غرفتنا ولا تنام إلا والنور مطفأ.

هذا ما جعلني أتحاشى النوم في الليل، أنتظر الفجر لكي أنام، ولك يا سيدي أن تتخيل حجم المعاناة التي أعانيها يوميا في مقاومتي للنوم، الجميع نائم، وأنا وحدي مع مخاوفي، ما عدت أطيق هذه الحياة.

هل أذهب لطبيب نفسي؟ لكني أخشى أن أدمن الأدوية طوال حياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن هذا النوع من الخوف الذي تعانين منه هو خوف مكتسب، أي أنه نتج من مشاهدتك لهذه الأفلام المرعبة، وقراءة القصص المزعجة.

أيتها الأخت الكريمة، خطوة العلاج الأولى في مثل هذه الحالة هي إزالة الأسباب، وإزالة الأسباب هنا نعني بها أن تبعدي نفسك تماما عن هذه الأفلام المرعبة وهذه القصص التي لا داعي لها، وتذكري أن هذه مجرد قصص وهذه الأفلام مجرد أمر خيالي وليس بالواقع أبدا، والابتعاد عنها كمصدر سبب سوف يريحك كثيرا.

ثانيا: الخوف هو من طبيعة البشر، والخوف هو تعبير عن القلق، ولكن الإنسان يمكن أن يتخلص من الخوف المرضي من هذا النوع الذي تعانين منه، تذكري دائما أنك في معية الله تعالى وفي حفظه، وحين تدخلين على مكان معين للجلوس لوحدك أو مواجهة الظلام اسألي الله تعالى لأن يحفظك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن تحتك وتعوذي من أن تغتالي من تحتك.

هذه أيتها الفاضلة الكريمة تعطي الإنسان سياجا من الطمأنينة، وأعني بالسياج هذه القوة الإيمانية العظيمة التي تزلزل هذا النوع من الخوف، وإن حدث شيء من الخوف البسيط فهذا لا مانع أبدا منه لأنه من طبيعة البشر.

الخطوة الثالثة في العلاج هي المواجهة، والمواجهة بتحقير لفكرة الخوف، قولي لنفسك (ما الذي يجعلني أخاف؟ كل الناس ينامون في الظلام، وهؤلاء رواد الفضاء الذين يركبون هذه المركبات الفضائية ويذهبون آلاف الأميال خارج الأرض، من معهم؟ من يحفظهم؟ هو الله تعالى حتى وإن كانوا من الكفار).

أيتها الكريمة: إذن الأمر كله قناعات شخصية وتفكير منطقي، لا تستسلمي لفكرة الخوف، لابد أن تحليليها، لابد أن تصلي إلى قناعات مع نفسك أن هذا الخوف بهذه الصورة لا داعي له.

التعرض بالتدريج كما بدأت به وهو إطفاء النور لفترة ثم بعد ذلك إضاءته مرة ثانية، هذا أمر جيد، ولكن افعليه بالتدرج، أطفئي النور لمدة دقيقتين، ثم بعد ذلك اخرجي خارج الغرفة، دعي الإنارة ودعي الضوء ينتشر في كل مكان، ثم بعد ذلك ادخلي الغرفة واطفئي النور لمدة خمسة دقائق، وهكذا، هذا التعرض التدريجي هو من أفضل الوسائل العلاجية مع التحقير الفكري والوجداني الداخلي لفكرة الخوف، هذا مهم جدا.

بقي أن أقول لك إنك في حاجة لدواء بسيط، والأدوية العامة التي تستعمل لعلاج الخوف ليست أدوية إدمانية وليست مطلوبة طول الحياة، أنت محتاجة للدواء لفترة ثلاثة إلى ستة أشهر، ومن أفضل هذه الأدوية دواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram).

إذا أردت أن أصف لك الجرعة فهي أن تتناوليه بجرعة خمسة مليجرام يوميا، يفضل تناولها بعد الأكل، وهذه الجرعة غير موجودة كمستحضر منفرد لهذا الدواء، ولكن يمكنك أن تتناولي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، وبعد مضي أسبوعين ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – يوميا، تناوليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

مقابلة الطبيب النفسي سوف تكون أيضا مفيدة لأن الحوار المباشر يفيد، وسوف يذكر لك الطبيب نفس الخطوط العلاجية التي ذكرناها ولكن ربما بشيء من التفصيل.

أنصحك أيضا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، وهذه يمكن ممارستها وتعلمها عن طريق الحصول على كتيب أو شريط أو الذهاب إلى الأخصائي النفسي ليقوم بتدريبك عليها.

بناء تواصل اجتماعي حقيقي وتطوير المهارات هذا كله -إن شاء الله- فيه خير كثير لك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، ولا تخافي ولا تجزعي أبدا فالأمر -إن شاء الله- أمر سهل ويمكن علاجه بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات