السؤال
ابني وحيد بين ثلاث بنات، منذ أن كان عمره 3 سنوات ووالده يطلب منه أن يكون رجلا: (خليك رجال لا تبكي ولا تصيح) ومن هذا القبيل، وانتبه لأمك وأخواتك، المهم أنه ربي على الشدة، وتصحيح الخطأ اللغوي بكل استهزاء، وهو تمييعه لنهاية الكلمات، وقد سبب له هذا الحرج من الكلام أمام الكبار والصغار، وضعف شخصيته، وعصبيته الزائدة، فكيف أتعامل الآن معه؟
هناك أيضا شيء آخر، وهو أنني مررت بظرف صحي، وكان يذهب باستمرار لبيت عمه لسنة تقريبا، وتعلق بالمصارعة جدا فأصبح عنيفا جدا، وأنا الآن أريده أن يتركها، فبماذا تنصحون؟ وكيف أوفر لولدي أقرانا مع عدم وجود أقران له، فلا جيران ولا أقارب إلا أولاد عمه وهم لا يريدونه؛ لأنه أصغر منهم.
لا أخفيكم أنني متعبة معه جدا، وأسأل الله أن يصلح حاله وأولاد المسلمين جميعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ترجو صلاح ولدها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلاشك أن العبارات التي كان يسمعها من والده سلاح ذو حدين، وقد أصبحت مضرة لأنه أكثر منها، وأخطر من ذلك أنه كان يجبره على عدم البكاء، حتى إذا وجدت دواعيه وأسبابه، وليعلم الجميع أن الرجل يبكي إذا حصل ما يدعوه للبكاء، وقد بكى سيد الرجال صلى الله عليه وسلم، وأن الدمعة قد تكون رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
كم تمنينا أيتها الأخت أن نعرف عمر هذا الابن، وكم تمنينا أن نعرف أين والده الآن! وهل هو حاضر ومشارك في تربيته وتوجيهه؟
لا يخفى على عاقل خطورة مشاهدة الأطفال للعبة المصارعة التي لم تعد مجرد مصارعة حرة كما يسمونها، بل هي لون من التدريب على القسوة والانتقام، بالإضافة إلى إظهار العورات، والمبالغة في الفجر والخصومات، وإذا كان هذا الابن قد تعلق بها، فإننا نحتاج إلى تصحيح الفكرة عنده عن أولئك الأشقياء، وبيني له أن المصارعة ليست من ميادين التميز، ثم نعد له البدائل المناسبة، علما بأن هذه السن ينفع فيها الحوار والنقاش الهادئ، وإذا أردت أن تطاعي فعليك بالإقناع، ولا تظهري الانزعاج الزائد، فإن هذا الميل غالبا ما يكون مؤقتا.
ولا شك أن وجود أصدقاء صالحين مهم جدا، ولكننا نتمنى أن يكون الأب والأم أول وأهم أصدقاء لأبنائهم وبناتهم، ثم علينا بعد ذلك أن نساعدهم على اختيار الأصدقاء الصالحين، مع ضرورة أن يكون الأصدقاء أترابا لهم، فليس هناك مصلحة في مصادقة الأصغر، وأخطر من ذلك مصادقة الصغير لمن هم أكبر منه.
وهذه وصيتي لكم جميعا بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن تتخذوا خطة واحدة ومنهجا موحدا في التعامل مع هذا الابن ومع غيره، فإن الأبناء يتضررون إذا كان هناك أكثر من طريقة في التعامل في المنزل.
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.