السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف من أين أبدأ، عمري 27 سنة، أشعر أن الحياة ليس لها أي معنى، أنام كثيرا، وعندما أستيقظ أظل في السرير مستيقظة؛ لأنني لا أريد أن أرى أحدا، مشكلتي الوساوس أيضا، أخاف من كل شيء، أخاف من الاختلاط بالناس، ولكن في بعض الأحيان أشعر بقوة غريبة، وأواجه كل الناس، تأتيني أفكار غريبة دائما أن جميع الناس سيؤذونني.
أنا قليلة الأصدقاء، عندي انعدام ثقة في النفس، في مرة من المرات أتاني وسواس أنني عندما أقود السيارة اليوم سوف أقتل إنسانا وأدخل السجن، وظل معي هذا الشعور لفترة، وكنت أخاف عندما أفكر فيه.
أيضا مشكلتي العصبية الزائدة، لا أحتمل أن أسمع صوت أحد بجانبي، أحب الجلوس بهدوء تام، فكرت كثيرا في الانتحار في مرحلة من المراحل كنت يائسة جدا، ولكنني تراجعت عن هذه الفكرة.
أرجو مساعدتي أيضا في التخلص من النوم الزائد، فأنا أنام بعض الأحيان من 7 صباحا إلى 10 مساء متواصلة!
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن وجود الاكتئاب النفسي مع الوساوس القهرية يعطي هذه الصورة التي وصفتها، وبفضل الله تعالى توجد أدوية الآن تعالجهما جميعا، أي الوسواس، وكذلك الاكتئاب من النوع الذي يسبب الإجهاد النفسي والجسدي، ويفقد الإنسان طاقاته ويجعله أكثر ميولا للتكاسل.
أيتها الفاضلة الكريمة: إذا كان هنالك إمكانية لمقابلة الطبيب النفسي فهذا أمر جيد، وإذا كان لا توجد إمكانية فأقول لك ابدئي في تناول دواء يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك Prozac) وفي مصر يسمى تجاريا باسم (فلوزاك Flozac)، وسوف أصف لك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون Risperidone).
يعتبر الفلوزاك الدواء الرئيسي، والرزبريادون هو الدواء المساعد، وجرعة الفلوزاك المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم -وقوة الكبسولة عشرون مليجرام- يفضل تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم -أي أربعين مليجراما- وأعتقد أن هذه سوف تكون جرعة كافية لك، استمري عليها لمدة ستة أشهر، بعدها خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك التوقف عن تناوله.
أما بالنسبة للرزبريادون فالجرعة المطلوبة هي واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم ترفع إلى اثنين مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم إلى واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول هذا الدواء، ويتميز الفلوكستين بسلامته، وكذلك الرزبريادون، وهي أدوية غير إدمانية وغير تعودية، وذات فعالية كبيرة.
لا تتوقعي فائدة حقيقية من هذه الأدوية قبل أن تستمري عليها بصورة منتظمة لمدة أربعة أسابيع على الأقل، هذا من ناحية العلاج الدوائي.
التمارين الرياضية تعتبر المحور العلاجي الثاني، وهي مهمة جدا، وأي نوع من الرياضة يناسب الفتاة المسلمة، أعتقد أنه سوف يأتيك بخير كثير؛ لأن الرياضة تجدد الطاقات، وتزيل الطاقات السالبة، وهنالك الآن دراسات ومؤشرات توضح أن المكونات البيولوجية والكيميائية التي يمكن تغييرها عن طريق ممارسة الرياضة كثيرة جدا ومعظمها متعلقة بالمزاج، فكوني حريصة على ذلك.
أنصحك أيضا بالتعبير عن الذات، وعدم اللجوء إلى الكتمان، وتحقير الأفكار الوسواسية، فما يأتيك من شعور بأنك سوف تقومين بقتل إنسان حين تقودين السيارة، هذا من صميم الفكر الوسواسي، وبتحقيره وبتجاهله وبتناول الدواء - إن شاء الله تعالى - سوف يزول هذا التفكير.
تغيير نمط الحياة بصورة عامة أيضا هو إضافة إيجابية جدا من أجل النضوج النفسي، ورفع الكفاءة النفسية، وتحسين الصحة النفسية.
التواصل الاجتماعي المثمر، وأن يكون الإنسان فيه خير لنفسه وللآخرين، والحرص على العبادات ومعاملة الناس بخلق حسن، هذه كلها تشعر الإنسان بالرضى وتضيف له إضافات إيجابية جدا.
أنا سعيد أن أعرف أنك استطعت أن تتخلصي من الفكر الانتحاري، وهذه الأفكار القبيحة قد تأتي للإنسان في لحظة الضيق، ولكن المؤمن دائما يقاومها، ودائما يهزمها، ودائما يصل لقناعة كاملة أن الموت والحياة هي بيد الله تعالى، وأن الله هو المعطي وهو الآخذ، وأن الحياة فيها أشياء طيبة وجميلة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.