السؤال
السلام عليكم.
تعرفت على شاب عبر الهاتف وتكلمت معه بحدود معقولة، فتقدم لخطبتي، لكن فيه عيب أنه لا يصلي، وعدني بالصلاة قبل الدخلة، فأنا برغم أنني مقتنعة وواثقة بكلامه إلا أني بحاجة لاستشارتكم وأخذ رأيكم.
أحيطكم علما أني أصلي صلاة الاستخارة، فيزداد هو تعلقا بي، وصرت لا أرى أحدا غيره زوجا لي.
سامحوني إن قللت من احترامي، وأرجو منكم تفهمي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق، وأن يكتب لك السعادة، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
لاشك - أيتها الأخت الكريمة - أن من أهم الصفات المطلوبة في الزوج الذي تسعدين معه أن يكون صاحب خلق ودين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، وهذا من تمام رحمته صلى الله عليه وسلم وتعليمه لأمته أن أرشدهم إلى الصفات المهمة في الزوج، فإن الزوج محتاج إلى خلق يعاشر به المرأة معاشرة حسنة، ودين يمنعه من ظلم هذه المرأة إذا غضب عليها أو أبغضها، وكثيرا ما تشكو النساء من ظلم الأزواج واعتدائهم على حقوقهن أو تقصير أو إيذاء أو نحو ذلك، وإذا ما بحث في بواعث هذا عند الزوج نجد أنه قلة دينه، وعدم مبالاته بحدود الله تعالى، وعدم خوفه من الله تعالى هو الباعث وراء كل ذلك، ومن ثم فخير ما نوصيك به أن تكوني حريصة على أن يكون من تتزوجين به لديه على الأقل الحد الأدنى من تدينه، وهو التزام الفرائض واجتناب المحرمات.
ومما لاشك فيه ولا ريب أن المرأة ينبغي لها أن تأخذ الأمثل فالأمثل بحسب الواقع والبيئة التي تعيش فيها، ومن ثم فنحن ننصحك أن لا تتسرعي بقبول هذا الرجل ما دام على هذا الحال من عدم الصلاة بالكلية، فمثل هذا لا يصلح أن يكون أبا للأبناء في المستقبل، ومن فرط في حقوق الله تعالى - وآكدها الصلاة – فحري به أن يفرط في حقوقك أنت أيضا، فإذا هو أصلح من حاله وبدأ يصلي ونحو ذلك وحافظ عليها وليس بمجرد أن يتزوجك ثم يقطعها أو نحو ذلك فالأمر حينئذ ظاهر، ولكن لا تتسرعي بقبوله باعتبار أنه سيصلي فيما بعد.
وننصحك أيتها الكريمة بأن لا تكثري من التعلق به، فإن النفس إذا تناست شيئا ويئست منه سهل عليها تركه، وخير ما تستعينين به في تحصيل الزوج الصالح هو تقوى الله سبحانه وتعالى في نفسك، وتحسنين علاقتك بربك بكثرة الاستغفار والتوبة، فإن الاستغفار سبب أكيد لجلب الأرزاق، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه: (( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ))[نوح:10] ما النتيجة؟ (( يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ))[نوح:11-12].
وكوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوق إليك الزوج الذي تقر به العين إذا ما أنت أحسنت في عبادة الله، وأكثرت اللجوء إليه، وأحسنت الظن به سبحانه وتعالى، فإنه قد قال: (أنا عند ظن عبدي بي).
هذه نصيحتنا ورأينا أن نقدمها بين يديك بعلمنا بسالف حالات كثيرة، تم فيها التزوج برجال لا يبالون بالدين ثم ندمت المرأة بعد ذلك ندما شديدا، لكننا مع هذا كله نقول أنت أدرى بفرص الزواج بالنسبة لك، وأعلم بحال المجتمع الذي تعيشين فيه، فلا نريد منك أن ترسمي صورة مثالية لزوج يعز وجوده إذا كنت في مجتمع يكثر فيه أو يغلب عليه هذا النوع من الرجال، وكان سن الزواج قد تقدم بك، ففي مثل هذه الحال ربما كان الزواج من مثل هذا الرجل والسعي في إصلاحه هو الحل الأمثل من غيره، فاستخيري الله تعالى وشاوري العقلاء من أهلك أهل البصيرة والدين، واسلكي ما سييسره الله تعالى لك.
واعلمي أن الإنسان قد يكره أحيانا بعض المقدورات التي يقدرها الله سبحانه وتعالى له، ويجعل الله عز وجل في باطنها خيرا كثيرا، فقد قال جل شأنه: (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ))[البقرة:216].
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.