خطوات عملية لتكوين شخصية محبوبة.

1 781

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أشكركم على موقعكم الرائع، أريد أن أكون اجتماعية ومحبوبة من الجميع، أستطيع كسب حب الآخرين من أول لقاء، ولكنني لا أستطيع المحافظة عليهم، فجميعهم كانوا ينصحونني أن أكون أكثر جرأة، أنا هادئة ولا أتحدث كثيرا، حتى معلماتي يحببنني، ولكنهن كالباقين يردن مني أن أكون أكثر جرأة، فأنا متفوقة في دراستي -والحمد لله- لقد مللت من ذلك، أريد أن أتغير، لكن لا أعلم من أين أبدأ.

أحيانا لا أحاول أن أجرح الآخرين وأكون طيبة معهم، لكن لا أعلم لماذا يعتبرون ذلك ضعفا أو سذاجة؟ أنا الأصغر في عائلتي، وربما كان لذلك الأثر الأكبر، فعندما يأتي إلينا أحد لا يوجد مجال للحديث، فالكبار فقط من يتحدث، وأختي أيضا، فأنا لا أستطيع التعامل معها، ولا أستطيع الحديث معها كبقية الأخوات، فهي عصبية جدا، حتى أنني أصبحت أكرهها من أسلوب معاملتها معي.

أريد أن أكون جريئة، فأنا أخسر أصدقائي، ومن أحبهم بسبب هدوئي، فماذا أفعل؟ لا أريد أن أجعل إرضاء الناس غايتي، ولكن لا أحد يحب أن يتصور الناس عكس ما هو عليه أو أقل من ذلك.

أتمنى أن تفيدوني فأنتم الوحيدون من أستطيع أن أتحدث معه بكل ما بداخلي! ولكم مني كل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناريا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فكل إنسان بالطبع ينشد أن يكون محبوبا من قبل الجميع واجتماعيا في حدود المعقول، والخطوة الأولى للوصول إلى ذلك هي من خلال إعادة تقييم الذات، وأعني بذلك أن بعض الناس تسيطر عليهم أفكار سلبية عن ذواتهم، وذلك لتجربة بسيطة مرت بهم، أو نتيجة لأفكار خاطئة ومشوهة عن ذواتهم؛ ولذا فدائما نذكر بأن أفضل طريقة للتنمية البشرية ولإعادة الثقة بالنفس هي أن يبدأ الإنسان أولا بأن يعيد تقييم ذاته، وأن يكون موضوعيا ومتجردا ومنصفا في تقييمه، فمن أكثر المخاطر الشائعة أن يجحف الإنسان في حق نفسه، وأن يكون قاسيا عليها حين يقيمها، وأن يقلل من مقدراته وإمكانياته.

من هنا - أيتها الفاضلة الكريمة - أدعوك لأن تعيدي تقييم نفسك، وسوف تكتشفين أنه توجد أفكار خاطئة ومشوهة حول ذاتك، فمثلا: ما الذي جعلك تعتقدين أنك غير محبوبة من الجميع؟

نصيحة الآخرين لك بأن تكوني أكثر جرأة ليس من الضروري أن يكون هذا الكلام دقيقا، هذا الهدوء وهذه الرزانة التي تمتازين بها يعتبرها البعض أيضا صفة حميدة، وصفة مطلوبة، وهي سمة من سمات الوقار لدى الفتيات، فأرجو أن تعيدي تقييم ذاتك، وسوف تكتشفين هذه الأفكار غير الصحيحة، ومن ثم يجب أن تتخلصي منها، وهذا ينقلك إلى المرحلة الثانية وهي قبول الذات.

بعد أن قيمت ذاتك وفهمتها على أسس جديدة فسوف يتم قبولها من قبلك، وتأتي بعد ذلك الخطوة الثالثة وهي العمل والسعي لتطوير الذات، وهذا هو المحور الثاني للوصول إلى ما تنشدين إليه بأن تكوني أكثر جرأة وقدرة على التواصل مع الآخرين، وهذا يتأتى من خلال تطوير المهارات الاجتماعية البسيطة، مثل الإصرار على أن تبدئي أنت بالسلام دائما، وأن تتبسمي في وجوه أخواتك، وأن تقللي من استعمال اللغة الحركية – أي لغة اليدين – وفي كل مجلس تجلسينه يجب أن تصري على أنك ستتطرقين لموضوع أو موضوعين، ويا حبذا لو حضرت هذه المواضيع مسبقا، وحتى إن كانت حول أمور عامة، فهذا شيء حسن وطيب.

عليك أن تديري وقتك إدارة صحيحة، فتقسيم الزمن ليشمل أنشطة مختلفة، لا شك أنه من الضروري أن يخصص وقتا للدراسة، ووقتا للتواصل الاجتماعي، ووقتا للراحة، ووقتا للمساعدة في أعمال البيت، ووقتا للترفيه عن النفس بما هو مباح ومتاح، هذه المهارات التي يواظب عليها من خلال إدارة الوقت بصورة طيبة ومنظمة، يساعد في بناء الشخصية وتنميتها، ومن الضروري جدا أن يكون لك أنشطة اجتماعية عامة، مثل الانخراط في الجمعيات الخيرية الخاصة بالفتيات، الجمعيات الشبابية، الجمعيات الثقافية، هذه الطريقة ممتازة جدا لبناء الذات وتطويرها اجتماعيا.

ممارسة الرياضة مع بقية الفتيات هذا أيضا يتيح لك فرصة طيبة جدا لبناء مهارات جديدة يسهل عليك من خلالها التواصل مع الآخرين.

أفكارك نحو أختك لابد أن تتغير مهما كانت عصبية، ومن واجبك تقبلها، وأن تتحيني اللحظات التي تكون فيها مسترخية ولديها استعداد لقبول الآخرين، هذا هو الوقت الذي تتحدثين معها وتنصحينها، وكوني قريبة منها، مثلا قولي لها: (لماذا لا نقرأ نصف جزء من القرآن يوميا؟) وتجعلين هذا وردا ثابتا يوميا معها، اجلسي معها كما ذكرت لك حين يكون مزاجها جيدا، ولا مانع أبدا من توجيهها حول عصبيتها بصورة غير انتقادية أو انتقاصية لها، ودائما خذي المبادرات أنت وسوف تجدين أنها بمرور الزمن قد أصبحت أكثر هدوءا وتقبلا للآخرين.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنصحك بأن تكون لك صلات مع صديقات من الصالحات والطيبات، فالإنسان يحتاج دائما للقدوة والنموذج الطيب الذي يقتدي به.

ختاما: لا أرى أن لديك مشكلة أساسية، وكما ذكرت لك تقييم الذات وفهمها وقبولها وتطويرها هي الأسس الرئيسية التي تخلص الإنسان من التفكير السلبي حيال نفسه.

لا أعتقد أنك تعانين من رهاب أو خوف اجتماعي، ولا أعتقد مطلقا أنك تعانين من أي نوع من الاكتئاب، وقصدت أن أذكر هاتين الحالتين؛ لأن الخوف أو الرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب النفسي في بعض الأحيان يعطي الإنسان شعورا بالقصور الذاتي؛ ما يجعله يقلل من قيمته الشخصية وينعت نفسه بالسلبية والضعف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات