السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لجأت إليكم بعد أن استنفدنا كل الطرق مع ابنتي لتعديل سلوكها ولم نستطع، وأتمنى أن أجد لديكم الحل.
ابنتي الكبرى عمرها ثلاث سنوات ونصف، ولدينا طفلة أخرى عمرها ستة أشهر، الكبرى لا تكف عن البكاء، فإذا طلبت ماء يجب أن تطلب وهي تبكي، بل إنها تبكي لأتفه الأسباب، ومع كل الطلبات تبكي، رغم محاولاتنا المستمرة لنعلمها أن تطلب بدون بكاء، لكن دون جدوى.
نوجه لها كل الاهتمام، ونوجهها عندما تخطئ، ونحاول - أنا ووالدتها - الموازنة بين الثواب والعقاب، وأكثر ما تعاني منه والدتها هو سلوكها خارج المنزل، والبكاء الهستيري الذي غالبا لا ينتهي إلا بعودتهم إلى المنزل، ونومها من طول بكائها وتعبها، وكل هذا بلا سبب واضح.
نعاقب ونحذر، وإذا خرجت مرة دون بكاء نبادر بمكافأتها، أريد أن أعرف كيف نوقف بكاءها خارج المنزل في حالة وجودها مع والدتها، لأني عندما أكون معهم لا تبكي، وإذا بكت تستجيب لي وتهدأ ولو بعد فترة.
والدتها تحسن معاملتها ولا تعاقبها إلا عند الضرورة، وألاحظ أنها لو أخطأت مع والدتها فلا يهمها أن تصالحها، الأهم أن تعدها أمها أن لا تخبرني لخوفها من عقابي، فأرجو أن تنصحوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن البكاء عند الأطفال في هذا العمر هو تعبير عن الاحتجاج، ومحاولة لشد الانتباه، واكتساب مواقع جديدة، وأن يرضخ ويستجاب لطلبات الطفل، أو أن لا تنزع عنه المكاسب التي اكتسبها.. هذه هي الأسباب بصفة عامة، وبعض الأطفال يكون لديهم مشاكل عضوية خاصة في مراحل التسنين؛ حيث يحس الطفل بعدم الارتياح في الفم، وهذا ربما يجعله يقلق ويبكي لأبسط الأمور.
أخي الكريم: هذه الطفلة -حفظها الله- يجب أن تطبق معها نفس المبادئ التربوية التي ذكرتها، وهي مبدأ تجاهل البكاء، وتحفيزها، وتشجعيها على ما هو إيجابي، وأعتقد أن طريقة النجوم سوف تكون طريقة جيدة، وهي أن تثبت لوحة بالقرب من سريرها، وبعد أن يشرح لها تمنح نجوم (نجمتين أو ثلاثا) حيال الفعل الإيجابي الذي تقوم به، خاصة إذا لم تبك في مواقف معينة، وتنزع منها بعض النجوم (واحدة أو أكثر) عند التصرف السلبي، وفي نهاية الأسبوع يتم استبدال النجوم التي اكتسبتها بهدية صغيرة مفضلة بالنسبة لها.. هذه الطريقة طريقة جيدة ومفيدة، ولكنها تتطلب الصبر.
أخي الكريم: سيكون أيضا من الجيد أن تتاح لهذه الطفلة فرصة أكبر للعب مع الأطفال الآخرين، والكثير من الآباء والأمهات يصعب عليهم تحمل الأطفال؛ وذلك بسبب عسر مزاج الأم مثلا، وأنا لا أتهم الفاضلة زوجتك بهذا مطلقا، ولكني وددت أن أنبه إلى أننا يجب أن نكون أكثر صبرا خاصة في موضوع تجاهل التصرفات السلبية من الأطفال، لأننا كثيرا ما نبدي غيظنا وانزعاجنا من الأطفال حين يتصرفون سلبيا، ونحن نعتقد في هذه اللحظات أننا لم نبد هذا الانزعاج، وأننا لا ننتقد الطفل، ولكن الطفل يشعر بذلك، فأرجو الصبر، وعدم معاقبة الطفلة مطلقا، إلا أنه يمكن أن نبدي نوعا من التوبيخ البسيط.
البعض يلجأ لحرمان الطفل، ووضعه في غرفة منعزلة لفترة عشر إلى خمس عشرة دقيقة، لكن هذا لا يفيد، خاصة وأن هذه الطفلة صغيرة.
وأرجو أن أؤكد على تجاهل هذا السلوك من جانب الطفلة، وتحفيزها بقدر المستطاع، وأن نجعلها تتفاعل مع أطفال آخرين، وأرجو منك ومن والدتها أن تلاعبوها، خاصة والدتها، وأرجو أن تنزل والدتها إلى مستوى طفولي، فتتخيل والدتها كأنها طفلة وتلاعبها.. هذا كله يعطي الطفل ثقة كبيرة ويشعر بالأمان؛ لأن الطفل الذي يبكي كما ذكرنا إما أنه محتج لأمر ما، أو لديه طلبات معينة، أو أنه لا يشعر بالأمان.
أخيرا: لابد أن يتم تعامل هذه الطفلة من قبلكم -أنت ووالدتها- بطريقة واحدة، وعلى نفس المنهجية، فلا يشد أحدكم ويرخي الآخر، ولا يحفز أحدكم ويعاقب الآخر، يجب أن يكون مبدأ التربية واحدا، ويطبق على هذا النهج، فهذا هو الأفضل، وأؤكد لك أن هذه المراحل هي مراحل عابرة -إن شاء الله- في عمر الطفلة، ولا تنسوا الدعاء لها، ونسأل الله أن يجعل ذريتكم قرة عين لكم، وختاما نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.