السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة بالصف الثاني الثانوي (علمي) حلمي أن أصبح طبيبة، وهذا الحلم منذ أن كنت صغيرة، ولكن مشكلتي هي أنني أشعر بإحباط شديد، ولم يعد مستواي العلمي كما كان عليه، حيث أنه قد تدنى كثيرا، وفي بعض الأوقات أشعر أنني لا أطيق الجلوس مع الكتاب، وأحيانا أشعر أنني متحمسة للمذاكرة، ولكن سرعان ما ينتهي هذا الحماس وأعود لما كنت عليه.
أشعر بخوف شديد كلما تذكرت الامتحان، وكلما أنظر لحالي يزداد حزني وهمي ومعه بكائي، وأصبحت الهمة والعزيمة عندي صفرا، وفقدت الثقة بنفسي، وأصبح لدي يقين أنني لن أحقق هدفي، وأحيانا أقول لنفسي: من هن في مستواك ومن هن أقل أصبحن أعلى منك، إذن أنت لديك الفرصة لتكوني أفضل، ولكن أتحدث وكأني أتحدث إلى جماد؛ لأني أصبحت أكره المذاكرة بعد أن كانت هي كل حياتي، ولا أستطيع التركيز بقدر كاف، وقدرتي على الحفظ قد نقصت.
أنا -ولله الحمد- لدي الكثير من المواهب، ولدي القدرة العلمية التي تؤهلني أن أكون طبيبة، أعلم أن هذا دافع جيد للمذاكرة، ولكني لا أعرف لماذا لا أتحرك من مكاني؟! أحاول الاقتراب من الله -عز وجل- والابتعاد عن المعاصي، ولا أدري هل هذا حسد أم ماذا!؟ أنا لا أريد الاقتناع بأنني محسودة، ولقد قرأت كثيرا عن المذاكرة ومشاكلها وحلولها، ولكن سرعان ما ينتهي تأثير تلك الكلمات.
أنا خائفة جدا، وأريد أن أدخل السرور على قلب أبي وأمي، وأريد أن أشرف الإسلام، لكني كلما نظرت لحالي تعجبت، أعلم أنه لا مبرر لي لعدم المذاكرة، ولكني لا أعرف لماذا أنا هكذا!؟ ولماذا لا أتحرك من مكاني!؟ فما هو حل مشكلتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يعينك لتحقيق هذا الحلم العظيم الذي سيعود عليك بالخير، وعلى أسرتك بالسعادة والسرور وعلى المسلمين جميعا بالنفع.
وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك أختي الكريمة: أنا لا أستبعد أبدا أن تكوني محسودة فعلا، ولذلك أتمنى أن تقومي بعمل رقية شرعية أولا؛ لأن الحسد يكون من حسد الإنسان لنفسه، بمعنى أنه لا يلزم أن يحسدك أحد من الناس، وإنما من الممكن أن تحسدي نفسك أو تحسدك إحدى صديقاتك أو أقاربك، خاصة عندما يرونك وأنت تذاكرين، وأحيانا قد تقولين بأني أذاكر عدد كذا من الساعات، وأحيانا قد تدخل عليك إنسانة عزيزة عليك جدا وأنت تذاكرين فيقع في نفسها أن تحسدك دون قصد منها، فأقول لماذا لا نفكر في هذا الأمر؟
أنت تقولين بأنك لا تريدين أن تفكري في أنك محسودة أو تعطي لنفسك الفرصة للاقتناع بهذا، ويبقى هنا السؤال من أب: لماذا تستبعدين هذه الفرضية رغم إمكانية وقوعها؟ أنا أقول بارك الله فيك: لا يستبعد ذلك، ومن هنا فإني أتمنى أن تقومي برقية نفسك رقية شرعية، والحمد لله الآن الكتيبات والكتب والمطويات والأشرطة التي تتحدث عن الرقية وكيفيتها كثيرة في مصر، فمن الممكن أن تأتي بها، وأن تستعمليها أنت بنفسك، ولا يلزم أن تذهبي إلى أحد، ومن الممكن أيضا أن تقوم والدتك برقيتك بعد أن تعطيها آيات الرقية، وكذلك أيضا لا مانع من القراءة على الماء والاغتسال به، ولا مانع من القراءة على الماء وشربه أيضا بنية دفع العين إذا كانت موجودة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق) وقال أيضا (وإن العين لتدخل الرجل القبر -أي: تقتله- والجمل القدر) أي تذبح البعير، فإذن إذا كانت تؤثر هذا الأثر فما بالك بمسألة تأثيرها النفسي، كعدم الرغبة في المذاكرة، وقلة الاستيعاب، وضعف الحفظ؟! هذا كله من الممكن جدا أن يتأثر فعلا بالحسد أو بالمس، أو بالعين، أو بالسحر، ولذلك أنا أتمنى أن لا نستبعد هذه الفرضية، وأتمنى أن تجتهدي فيها بإذن الله تعالى في أقرب فرصة، حتى تغلقي هذا الباب، إما أن يكون أو لا يكون.
فيما يتعلق بمسألة التردد وضعف الهمة أقول: هناك كتيب بسيط يباع في مصر يسمى (علو الهمة) وهذا الكتاب للدكتور (محمد إسماعيل المقدم) وهو كتاب رائع من الممكن أن تقرئيه حتى يعطيك حافزا عظيما جدا، وستشعرين فعلا بأنك من الممكن أن لا تكوني طبيبة فقط، وإنما من الممكن أن تكوني أستاذة تدرسين الطب في جامعات مصر وغيرها، فأتمنى أن تحصلي عليه وأن تعملي بما ذكرته لك عن موضوع الرقية؛ لأنك فعلا تعانين من التردد، وعدم الاستقرار النفسي، مما ترتب عليه ضعف هذا الأمل الذي كان يراودك وقضى هذا الطموح الكبير، ونحن حقيقة في أمس الحاجة إلى أخت ملتزمة مثلك تمارس الطب خاصة في طب النساء، فأتمنى بارك الله فيك أن تقرئي هذا الكتاب (علو الهمة) .
وما دمت الحمد لله قرأت كثيرا عن المذاكرة وعن طرقها وكيفية الحصول على امتياز، فعليك أن تضعي برنامج مراجعة قوي جدا في المنزل، وأن تحددي ساعات المذاكرة، ولا تتركيها أبدا حتى وإن كنت لا تفهمين، بمعنى أن تجعلي المذاكرة عادة كالأكل والشرب والنوم، وعبادة كالصلاة، فتحددي خمس ساعات يوميا للمذاكرة، فلا تتحركي أو تقومي عن الكرسي أبدا إلا لأداء الصلاة، وقضاء الحاجة، أو الحركة الخفيفة في المنزل، ثم بعد ذلك ابدئي بدراسة المواد الصعبة أولا، ثم بعد ذلك المتوسطة، ثم السهلة، وقومي بعمل مختصرات وملخصات لنفسك، وراجعي الذي تأخذينه كل يوم آخر النهار وآخر الأسبوع، وتكون عندك أيضا مراجعة أسبوعية كاملة، وأتمنى أن تقرئي الدروس التي ستأخذينها قبل الذهاب إلى المدرسة حتى تكون لديك فكرة؛ لأن قراءة الدروس قبل شرحها يعطي خمسة وعشرين بالمائة من الاستيعاب، وشرح الدرس في الصف والتركيز على المدرس أو المدرسة حتى على حركة اليد على السبورة تعطي هذه خمسة وعشرين بالمائة أيضا من الاستيعاب، فيصير عندك خمسون بالمائة من التحصيل، ثم بعد ذلك المراجعة في نهاية اليوم تعطي خمسة وعشرين، فيصير عندك خمسة وسبعون بالمائة من الاستيعاب، والمراجعة آخر الأسبوع لكل الذي درسته خلال الأسبوع يعطيك أيضا خمسة وعشرين بالمائة، فتصبحين مستوعبة للمادة بنسبة مائة بالمائة، وفي أيام الامتحان تحتاجين إلى مراجعة بسيطة، وسوف تجدين نفسك - إن شاء الله - وقد حققت أعلى درجات، وحققت الأمل والحلم الكبير الذي نحلم به معك، وهو أن تكوني طبيبة مسلمة تتخصصين في أمراض النساء والولادة، حتى تستري عورات أخواتك المسلمات الصالحات، وحتى تقدمي خدمة لدين الله تعالى.
لا تنسي كتاب (علو الهمة) سواء كان للدكتور محمد إسماعيل المقدم أو غيره؛ لأنك تحتاجين إلى شحنة كبيرة في ذلك، ومن الممكن أن تدخلي بعض المواقع في النت أيضا وتكتبي (علو الهمة) وسوف تجدين كما هائلا من القصص التي حققت إنجازات، واستطاع أصحابها أن يضعوا بصماتهم على جبين العالم؛ لأنهم من المتفوقين، فقدموا للناس تقنيات متقدمة، وقدموا للناس أفكارا رائعة أسعدوا بها خاصة أنفسهم وأسعدوا من حولهم.
أتمنى بارك الله فيك أن تجتهدي في ذلك ابنتي إيمان، وأن تعلمي أنه ما دام بمقدور غيرك أن يحصل على امتياز أو على هذه الدرجات ليكون طبيبا فإنه بمقدورك أيضا.
لو استطعت أن تقرئي كتاب (المفاتيح العشرة للنجاح) للدكتور والمحاضر العالمي الدكتور (إبراهيم الفقي) فسيكون ذلك جيدا، وهو كتيب صغير -يعني ليس كبيرا- وعدد صفحاته لا تزيد عن مائة وثلاثين صفحة، وأعتقد أنك تستطيعين قراءته في يوم أو يومين، وبإذن الله تعالى سوف تكونين رائعة، وتكونين طبيبة كبيرة، وأستاذة جامعية عظيمة، تنفعين دينك، وتنفعين نفسك وأسرتك، وتسعدين وتسعد الدنيا كلها بسعادتك.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله تبارك وتعالى أن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يجعلك فعلا من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.