السؤال
السلام عليكم
الدكتور العزيز: تحية طيبة،،، وبعد:
أنا شاب بعمر 31 سنة، أعزب، منذ أكثر من ثلاث سنوات بدأت تظهر عندي حالات غريبة من التفكير السلبي، بعد أن كنت شابا ممتلئا بالحيوية والنشاط والاندفاع نحو المستقبل؛ حيث أنني فجأة أصبحت أشك في أبسط الأشياء، وخاصة الماضي من أحداث ومواقف.
وصل بي الحال إلى أنني أحدث نفسي في ترك وظيفتي؛ وذلك بسبب شكي أنها كانت بسبب فلان من الناس وليست بتعبي وجهدي، هذه الأفكار تراودني كلما أرغب بعمل أي شيء فيه مصلحة لي، على سبيل المثال الدراسات العليا التي لم أستطع أن أتقدم إليها بسبب الحديث والكلام الذي يدور في رأسي، وكذلك موضوع تأخر زواجي، وقد سببت لي هذه الحالة شبه صداع مستمر في رأسي، وعدم الرغبة بعمل أي شيء، ولا أدري ماذا أفعل!
سؤالي: هو أنني أرغب في معرفة كيف وصلت لهذه الحالة؟ علما بأنني كنت من المتميزين في تقديم النصائح والأفكار للآخرين ومتفوق دراسيا، فهل يوجد علاج نهائي لهذه الحالة؟ وهل هنالك فحص يمكن أن أجريه للوقوف على الحالة؟ وهل دواء (فالدوكسان) مفيد في مثل هذه الحالة؟ وهل له أضرار جانبية؟ وأين يمكن أن يتوفر؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن هذه الأفكار التي أصبحت تأتيك وتسبب لك كثيرا من الجهد والتعب هي أفكار وسواسية، ويعرف أن الفكر الوسواسي قد يأخذ هذا النمط، وتأتيك تفسيرات وتحليلات غريبة لأمور قد تكون تعايشت معها، وكانت هي نمط ونهج حياتك.
القلق النفسي هو المركب الأساسي المصاحب للوساوس القهرية، وهذه الوساوس التي تعيشها هي من الدرجة البسيطة، بالرغم من اعترافي التام بما تسببه لك من إزعاج، ولكنها ليست صعبة العلاج، وحالة الإحباط وافتقاد الحيوية التي تمر بها بالطبع هي ناتجة من اكتئاب ثانوي، وهذا الاكتئاب الثانوي منشؤه حالة القلق والوساوس التي تعاني منها.
أخي الكريم: أرجو أن يساعدك تفهمك لهذا التشخيص في علاج حالتك، وأؤكد لك أنها ليست مرضا عقليا، أو ذهانيا، وهي في نطاق ما يعرف بالأمراض العصابية القلقية.
من أهم وسائل العلاج هو تجاهل هذا الفكر، والسعي لتحقيره، وذلك بمناقشة الذات، بأنك تناقش نفسك وأن تصد هذه الأفكار، وأن تجردها من أي قيمة، وهي ليست ذات نفع، وهي سخيفة بالطبع، فمجرد إدراكك والإصرار على التحقير لأنها لا تستحق الاهتمام بها، هذا سوف يساعدك كثيرا.
أنصحك بتنظيم وقتك بصورة جيدة ومرتبة وناجحة ومفيدة، لتقلص حيز التفكير القلقي.
أخي الكريم: ممارسة التمارين الرياضية فيها فائدة كبيرة جدا للإنسان ليكون أكثر تركيزا وانتباها وإيجابية، فاحرص على ممارسة الرياضة، وأنت لديك أشياء إيجابية، ولديك فكر، ولديك حيوية واندفاع نحو المستقبل، وهذه أخي كلها سمات إيجابية وطيبة، وإن كان قد حدث الآن شيء من التراخي والشعور بالإحباط، وهذا - إن شاء الله - سوف يزول، وعليك أن تفكر دائما بصورة إيجابية، ولا تسمح لهذه الأفكار المشوهة والسلبية أن تسيطر عليك، فأمامك الكثير من الخير، وكن متفائلا، واسع وعش الحياة بقوة، والمستقبل بكل أمل ورجاء .
بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: نعم. أبشر، توجد أدوية ممتازة وتوجد أدوية فاعلة، وأعتقد أن عقار بروزاك (Prozac ) هذا هو الاسم التجاري أما الاسم العلمي هو (فلوكستين- Fluoxetine )، وهو موجود بالعراق وهو دواء جيد، بالنسبة لك ابدأ الفلوكستين بجرعة كبسولة واحدة في اليوم أي 20 مليجرام تناولها بعد الأكل واستمر عليها لمدة شهر، وبعد ذلك ارفعها إلى كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم أنقصها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذا التدرج والتقسيم للجرعة ومراحل تناوله مهم جدا.
من الضروري الالتزام التام بتناول الدواء حتى تتحصل على الفائدة القصوى منه، وبفضل الله تعالى الدواء سليم وغير إدماني وغير تعودي، ولا يسبب أي نوع من المضار بإذن الله تعالى.
عقار دوكسان الذي ذكرته في الحقيقة ليس معروفا لدي؛ لأن هذا قد يكون اسما تجاريا ومحليا، ولكن الذي ذكرته لك وهو الفلوكستين والذي يعرف بالبروزاك ربما يكون لديه مسمى آخر في العراق، وهو دواء جيد ويناسب حالتك بصورة جيدة جدا.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ونسأل الله لك العافية والشفاء.