أشعر أني خنت ثقة أهلي بالحديث مع معلمي!

0 22

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة من عائلة متدينة وفاضلة، بعد أن تخرجت من الجامعة وفي الفترة التي كنت أبحث فيها عن وظيفة قررت تحسين لغتي الإنجليزية، فاشتركت في أحد المواقع الأجنبية التي تتيح لنا فرصة اختيار المعلم المناسب، وبالإمكان اكتساب أصدقاء.

اخترت معلما غير عربي، لكنه مسلم، ويتقن اللغة الإنجليزية، أخذنا نتكلم كثيرا في الماسنجر (كتابة) فتحسنت لغتي كثيرا، ولكني للأسف أدمنت الحديث معه، فقد كنت أتكلم معه ما يقارب الست ساعات يوميا، وربما أكثر، كنا نتكلم عن الدين والسياسة، والعادات والتقاليد.

لم ندخل في المحظور، ولكن كان يخالجني شعور أن ما أفعله هو خطأ كبير، فأنا لم أتعود الحديث إلا مع محارمي، حتى قررت بعد أربعة أشهر أن أتوقف عن الحديث معه؛ لأني كنت لا أستطيع الحديث معه على الماسنجر أمام أخواتي، فهذا دليل على أن ما أفعله خطأ، فهو ليس من محارمي، وأنا لم أكلم أي شاب في حياتي، حتى إني درست في جامعة مختلطة ولم أتكلم مع أي شاب، ولم يجرؤ أي شاب بالحديث معي، فقد كنت مثالا للفتاة الملتزمة، وصديقاتي كن ينظرن إلي كقدوة، ولكن للأسف أصبحت الآن كفتاة غير ملتزمة، فقد كنت أحتقر في داخل نفسي كل فتاة تكلم شابا في الماسنجر أو التلفون، وها أنا أصبحت في فترة من عمري مثلهن.

بعد أن توقفت عن الكلام معه أخذ يرسل لي رسائل على البريد الإلكتروني لنعود مثل السابق، فأخبرته أن ما كنت أفعله خطأ ولا يجوز التحدث معه، وبعد شهرين أرسل لي رسالة على الإيميل كانت كالصاعقة علي، قال فيها: إنه يحبني حبا جما، ويرغب في الزواج مني؛ لأنه لم يجد فتاة ملتزمة مثلي، ولا زال إلى الآن يرسل لي وأنا لا أرد عليه.

كرهت نفسي كرها شديدا، واحتقرت نفسي كثيرا، فقد أصبحت فعلا مثل الفتيات التي كرهت سلوكهن.

أشعر بالذنب كثيرا لما فعلته، وأشعر بأنني منافقة، فأهلي لا يدرون أنني كلمت شابا في الماسنجر، فهم يظنون أني ملتزمة مثل بقية أخواتي، ولا يعرفون ما فعلته، فهم يثقون بي كثيرا.

بعد أن تخرجت من الجامعة تقدم لي شاب صالح، ولظروف خارجة عن إرادتنا تأجل كل شيء وسافر للخارج، وبعد سنة تقريبا عاد وتزوج بفتاة أخرى، وعندما علمت بزواجه آلمني الخبر كثيرا، فهو رجل صالح تزوج بفتاة صالحة مثله، فلو كنت أنا فتاة صالحة مثل السابق لكنت بدل هذه الفتاة.

أشعر بالذنب كثيرا، وهذا الشعور لا يفارقني أبدا، أشعر أنني خنت ثقة أهلي بي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى، والابتعاد عما حرمه الله، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

لا شك -أختنا العزيزة- أن إقامة العلاقات مع رجل أجنبي خطوة من خطوات الشيطان التي يحاول بها استدراج الفتاة والشاب في الوقوع فيما هو أعظم، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من ذلك في كتابه الكريم، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

تعلم المرأة على يد رجل أجنبي عنها، وإن كان في الأصل مباحا بضوابط شرعية مرعية، لكن قد يتخذ منه الشيطان وسيلة للإغواء، والأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإثم ما حاك في الصدر وخشيت أن يطلع عليه الناس) وأنت قد توصلت إلى هذه النتيجة، وهي أن علاقتك بهذا الرجل وحديثك معه كان داخلا ضمن هذا الإطار، أنه مما يحيك في الصدر، ومما تكرهين أن يطلع عليه الناس، ولو كان مجرد تعليم ما خشيت ذلك، ولكنك لا تفعلينه أمام محارمك حتى تجنبي نفسك الوقوع في هذا.

على كل حال فما دام الأمر قد مضى، فنحن ننصحك بأن تسارعي بإصلاح ما فسد من ماضي عمرك، وهو أن ترجعي إلى الله تعالى بالتوبة والندم على ما كان، والعزم على أن لا ترجعي إلى إثم في المستقبل، وأنت إذا فعلت هذا صادقة في ذلك فإن الله عز وجل يمحو عنك ذلك الذنب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأنت وإن وقعت في خطيئة أو الخطأ فهذا من طبيعة الآدمي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) ويقول: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم) فهذه طبيعة الإنسان، والله عز وجل يحب الإنسان التائب ويفرح بتوبته، فأبشري وأملي برضوان الله تعالى ورحمته وسعة فضله إذا أنت تبت.

لا تسمحي للشيطان أن يدخل اليأس والقنوط إلى قلبك، فهو يحاول أيضا أن يبعدك عن لذة القرب من الله تعالى، ولذة مناجاته والتقرب إليه بأنواع الطاعات، وذلك بالتذكير بهذه المعصية على جهة الإحباط والتيئيس من رحمة الله، فأنت إذا وقعت في الذنب فهذا طبيعي أن يقع الإنسان في الذنب، ولكن توبتك ستعيدك إلى حال أفضل من الحالة التي كنت عليها قبل الذنب، إذا أنت صدقت في هذه التوبة، وقد وعد الله عز وجل التائبين بأنه يبدل سيئاتهم حسنات، وربما يكون حال الإنسان بعد ذنبه بسبب توبته أقرب إلى الله تعالى من حاله قبل توبته، فبادري بالتوبة النصوح، وأقبلي على الله سبحانه وتعالى، وستجدين أنك في معية الله تعالى وقربه وتشعرين بلذيذ مناجاته.

أما ما فاتك من أمر هذا الزواج الذي ذكرت فإنه أمر لم يقدره الله تعالى لك، وكم من فتاة صالحة وامرأة متدينة بلغت الذروة في تدينها، ومع ذلك لم يقدر الله عز وجل لها أن تتزوج بفلان أو تأخر زواجها، فهذا أمر لا ينبغي أن يحزنك كثيرا، فإن مقادير الله تعالى لها آجال ولكل أجل كتاب، وربما فاتك ما فاتك لخير يعلمه الله تعالى لك، فقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

ثقي بالله تعالى، وأحسني به الظن، فإنه يقول: (أنا عند ظن عبدي بي) وتوجهي إليه بصدق، واسأليه باضطرار حاجتك في دينك ودنياك، وستجدين من الله عز وجل كل خير.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يزيدك هدى وصلاحا ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات