السؤال
أنا متزوج منذ عشر سنوات، لدي طفلان -ولد وبنت- وفي الآونة الأخيرة حصل خلاف بيني وبين زوجتي، وقامت زوجتي بالاتصال على أخيها لأخذها إلى بيت أهلها من غير علمي، وقد حاولت الاتصال بها لكي أتفهم لماذا فعلت ذلك، ولكنها لا ترد على أي اتصال مني، وهي الآن تريد الانفصال حسب ما وصلني منها مؤخرا عن طريق أخيها، بحجة أنها لا تتحمل العيش معي، وذلك لسوء معاملتي لها.
الله أعلم أني أعاملها المعاملة الحسنة، بما يرضي الله، وكنت أوبخها في حال تصرفها بأعمال تؤدي إلى حصول فتنة، وأنا ما زلت أحبها، ولا أريد أن أفارقها، وقد حاولت الإصلاح عن طريق أخيها، ولكن هي لا تريد الإصلاح.
علما بأن أباها لا يعلم إلى الآن بموضوع خلافنا، وذلك لسفره خارج السعودية.
لذا أرجو منكم إفادتي في العمل الصحيح والصالح لي ولأولادي، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجتك، وأن يديم الألفة بينكما، ونحن نشكرك -أيها الحبيب- على حسن تعاملك مع زوجتك بحسب ما وصفت، وهذا أمر ينبغي أن تداوم عليه، لأنه من كريم خصال الرجل وسلامة دينه أن يحسن معاملته لأهله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).
كن على ثقة -أيها الحبيب- بأنك مأجور على كل خير تقدمه لزوجتك سواء بالصبر على ما يصدر منها من إساءة أو بالتوسعة عليها في النفقة أو غير ذلك من أوجه الإحسان، فأنت مأجور على ذلك كله، وشعورك هذا يدفعك إلى المزيد وتقديم هذا المعروف ابتغاء وجه الله تعالى دون انتظار ثواب أو جزاء من الزوجة أو غيرها، ويهون على نفسك البذل والعطاء للزوجة.
كن على ثقة أيضا من أن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وربما لمست منك زوجتك بعض القسوة في بعض المواقف ولم تكن تتوقع تلك القسوة، فشعرت بأنها معاملة سيئة، ولذا ننصحك -أيها الحبيب- بأن تتلطف بزوجتك، وحسن أن تعتذر إذا كنت قد أغلظت لها القول في موقف أو نحو ذلك وكان ينبغي أن يكون الموقف ألين منه، وليس عيبا في حقك أن تلين لزوجتك وتبدي لها الاعتذار؛ فذلك من كمال رجولتك وتمام قوامتك.
لا تستغرب أيها الحبيب كون المرأة تشتكي من موقف واحد وتنسى مواقف كثيرة أحسنت فيها إليها، فهذه طبيعة النساء، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتحدث عن سبب دخولهن النار، قال: (تكثرن اللعن وتكفرن العشير) ثم فسر كفران العشير بأن الزوج يحسن إلى إحداهن الدهر، فإذا رأت منه شيئا تكرهه قالت: ما رأيت منك خيرا قط.
هذه هي الطبيعة الغالبة على النساء، ينبغي للرجل أن يتنبه لها ويتفطن لها، وأن لا يعامل الزوجة بمقتضاها، لكنها سريعا ما ترجع.
مما لا شك فيه ولا ريب -أيها الحبيب- أنك إذا وجدت خصالا سيئة في الزوجة ستجد خصالا كثيرة إيجابية محببة، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك – أي لا يبغض – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر).
وصيتنا أيها الحبيب أن تتمهل قليلا وأن تترك الزوجة فترة من الزمن وتعطيها فرصة للهدوء، فإنها إذا أحست بالبعد عنك زمنا سترجع إلى نفسها بالمحاسبة، وتلمس الأخطاء التي وقعت هي فيها، وحينها تكون الطريق أيسر للإصلاح بينكما.
ننصحك بأن لا تتعجل في إجابة طلب هذه الزوجة، فهذه طبيعة المرأة، فهي ذات الطيش وأنت صاحب العقل الأرجح، وهي قد تكون صاحبة العجلة وأنت ينبغي أن تكون صاحب التأني والتمهل، ولهذا جعل الله عز وجل القوامة في يد الرجل، فحاول أن تعطيها فرصة تهدأ فيها النفس، مع مراسلتها بين الوقت والوقت بالكلمات الجميلة وكلمات الاعتذار والكلمات التي تبين لها فيها مدى حبك لها وتعلقك بها وعدم استغنائك عنها، ونحو ذلك من العبارات الجميلة التي من شأنها أن تكسر حدة الخلاف بينك وبينها، ونحن على ثقة بأن هذا الأسلوب سيوصل -إن شاء الله- إلى الإصلاح بينكما.
ننصحك بعد هذه الأساليب أن تستعين بمن لهم رغبة في الإصلاح من أهلك وأهلها، فتوسطهم لإزالة الخلاف الذي قد تصر عليه المرأة، نسأل الله تعالى أن يديم المودة بينكما، وأن يصلح ذات بينكما.
وبالله التوفيق.